ما هي آراء مارتن لوثر بشأن مشروع السلام الإسرائيلي في الشرق الأوسط؟

ما هي آراء مارتن لوثر بشأن مشروع السلام الإسرائيلي في الشرق الأوسط؟

 

 

خالــد شــحام
أنا عائشة من جباليا البلد ، لقد مت بالأمس فجرا عندما قصفوا البيت ذا الخمس طوابق  الذي نلوذ فيه ، سحقوا جسدي تحت كتلةٍ اسمنتية هائلة ، لكن روحي لم تستطع أن تغادر لأنني يجب أن أنقذ طفلي الصغير الذي بجواري فدفعت قضبان الحديد بكل قوتي فأصبح الحديد مثل الصوف ولان الصخر وخرج الصغير إلى الهواء ثم صعدت برضى كبير  .
وأنا أحمــد من خان يونس ، بالأمس قتلوني مع خمسة من زملائي ونحن نسعف الجرحى ونسحب الشهداء من تحت الأنقاض ، قاومت بشدة أن تصعد روحي لأنني يجب ان أنقذ هذه الشابة التي تتنفس تحت الركام ، لذلك تمكن جسدي الممزق من سحبها إلى ضوء النجــاة ثم غادرت مع ابتسامة كبيرة .
أنا ريمٌ من الشجاعية  ، بالأمس أحرقت قذيفة خيمتنا بكاملها ، لقد صرت رمادا بغمضة عين ، لم أستطع الموت بهذه السهولة وساومت على  روحي قبل أن تتحول إلى أثير لأن أطفالي الصغار لم يأكلوا شيئا منذ يومين وناموا جياعا وقد وعدتهم بمائدة من أرز ، لذلك طافت روحي فوق غزة واستجديت بعض الملائكة الذين أطعموا الصغار قبل أن أطمئن و أصعد .
كيف نقرأ صفحات الدم الفلسطينية ؟ و كيف نقرأ تقارير الملائكة ومراسلات الشيطان ؟   لو كانت أية مدينة معاصرة مكان غزة لأعلنت الاستسلام منذ شهورٍ طويلة ورفعت راية بيضاء وكَفرت بكل ما تعرفه البشرية وما تؤمن به ،  لكن في غزة لم يعد من شيءٍ أعجب من استكلاب جيش الوحوش وانحطاطه إلا صمود هذا الشعب المعجز واحتماله لما لا يمكن لعقل  أن يتصوره ، لا زلنا نتفرج ونتابع بمعية المتفرجين مسلسل الجرائم الاسرائيلية المتصاعد كل يوم عدوانا وتقتيلا غير آبه بقانون أو دول أو شعوب ،  وحتى لا نسقط في هاوية اليأس التي يدفعنا إليها هذا الإجرام اللامتوقف يتوجب علينا أن نفهم النصف الخلفي لأعمال الوحشية الاسرائيلية .
عقب أحداث السابع من أكتوبر المجيدة ببضع أيام كانت الساحة الإعلامية العالمية تشحذ أسنانها لتبيح الدم الفلسطيني وتنزع عنه غطاء الحرمة الإنسانية  ، وهو عادة الإجراء الذي يسبق حمامات الدم العربي ، تم إطلاق حملاتٍ مسعورةٍ من التحريض والتحفيز التحضيري لاستقبال الأعداد المهولة من الشهداء والضحايا الفلسطينين في الذهن العالمي لضمان عدم صدمته أو ارتجافه من فظاعة الجريمة ، بادر االرئيس الامريكي جو بايدن، ورئيس وزراء بريطانيا الصهيوني  ريشي سوناك ، ومستشار المانيا  أولاف شولتس المتطرف البروتستانتي ، و الرئيس الفرنسي الماكرون بالتدافع وإشهار الولاء والتحشيد لشرعنة أكبر عملية إبادة مرصودة للشعب الفلسطيني وهذا ما أتاح لعصابة  نتانياهو سيلان لعابهم واستخدام خزان النار بأقصى طاقته أمام أنظار الانسانية  والامم المتحدة جمعاء دون وازع من ضمير أو وجدان أو إحساس بشري  ، لم يكن ينقصهم سوى استخدام قنبلة ذرية كما طالب السيناتور الأمريكي القذر ريندي فاين  بالأمس أو رش أهل غزة بالمبيدات الحشرية  ، اليوم وبعد ما يقارب العشرين شهرا  من أعمال القتل والتدمير والمجازر المروعة تبدأ علامات الترنح بالظهور ، لقد  انقلب السحر على الساحر و تتعرض الصهيونية اليهودية إلى حملة مضادة من الكره والنفور والتقزز وعلى مستوى العالم ، فضيحة مدوية تتمدد مثل سرعة الاعصار ، لقد اكتشف العالم حقيقة هذه الفئة من البشر وحقيقة الادعاءات التي يرتكزون عليها في سرديهم الكاذبة ، وتبين للعالم فعلا ما هي حقيقة (الجيش الأكثر أخلاقية في العالم ) والكلام هنا ليس عن الانظمة ومؤسسات الحكم  بل عن الشعوب .
هذا الجيش “الأكثر أخلاقية ” في العالم يكشف حقيقته التاريخية التي يجب على الجميع أن يفهمها ويستوعبها القس مارتن لوثر المصلح الديني للكنيسة والمؤسس للفكر البروتستانتي بعدما أدرك حقيقة وخطورة التلمود والسلوك اليهودي في المجتمعات وأنظمة الحكم والانحرافات الدموية الكبيرة التي يتمتعون بها  ، وبغض النظر عن جدليات الرجل ومرحلته إلا أننا يمكننا ان نقرأ  بعضا من رأيه في هؤلاء :
( واليهود هم على الحقيقة منافقون وسفاحو الدم بلا مراء ، لم يكتفوا بتحريف التوراة وتزييف كلامها من أوله إلى آخره مضيفين إلى ذلك تفاسيرهم المضلة ، وسفر أستير له عندهم المنزلة العالية لما فيه من الأمور التي تتماشى مع تعطشهم إلى الدم والانتقام ونزعة القتل والعدوان ، ومن المؤكد أن الشمس لم  تشرق في هذا الكون على شعب أشد عطشا إلى الدماء وأكثر نزوعا إلى الحقد من اليهود ، ومع هذا فهم يتصورون أنعم يزدادون زلفى إلى الله باستئصال غيرهم ممن يعدونهم وثنيين ….وهنا نكشف الغطاء عن الأسباب العميقة لما نزل في اليهود من ضربات الاضطهاد في التاريخ  والمؤكد أن علة ذلك هو غرورهم المستفز ، والمؤسف أن يستمد اليهود من الشريعة الموسوية نزعة الاستعلاء ودعوى أنهم مفضلون على غيرهم ، مع أن نصوص التوراة تسجل عليهم سقوطهم وإلحادهم وكفرهم وأنهم ةالأبالسة سواء  إذا قرانا بينهما )
 هذه الحقائق المنقولة عن كتاب ” اليهود وأكاذيبهم ” لمؤلفه الدكتور مارتن لوثر في القرن السادس عشر ومحتوى خطاباته الكنسية حول اليهود يكاد يكون مطابقا لما يجري اليوم في عالم تحكمه الأخوية اليهودية الصهيونية المتزمتة والتي تستقي دمويتها  من نصوص التلمود السري الذي يعبدونه ، وللحقيقة فإن وصفة الرجل في كتابه للتخلص منهم تكاد تكون هي الوصفة المثالية لعالم اليوم  ، وفي ضوء هذا الكلام يمكننا إعادة تفسير بعض النقاط على النحو الآتي:-
1-لا شيء يفسر وتيرة القتل المستمر والاستمتاع بسحق غزة وشعبها  وتحويل الحياة فيها إلى جحيم سوى وجود عقيدة دينية جامعة مُمعِنة في ايمانها بضرورة القتل وتحليل الدماء ومباركة ذبح الأطفال والنساء وحرق كل شيء ، هذه العقيدة هي الفيروس الطفيلي المقيم في كوكب الأرض منذ اوجد هؤلاء وذكرتهم النصوص القرآنية وحذرت منهم ، إن الفيروس الكامن في عقولهم هو الذي أشار إليه مارتن لوثر في خطاباته وحذر منه العديد من المثقفين ورجال الدين الأوروبيين عندما اكتشوا الحقيقة المرعبة لمحتوى هذه الديانة المنحرفة التي ترتكب كل أشكال الموبقات لتجعل منها أسلوب حياة ومنهجا يجمع شعبا يعتنق القتل والذبح والآثام طريقة لحياته وبقائه ، وطبعا كالعادة يجري قتل وتحييد وتصفية كل صوت فاضح لهم وكاشف لدمويتهم .
2-يتساءل المتابع عن سر هذه التحركات والإدانات الأوروبية الموجهة ضد الكيان الصهيوني والتي بدأت تعمل فجــاءة وكأنها تخضع لمايسترو واحد يحركها بالايماء ، هل دبت الإنسانية من السماء في هذه القلوب القاسية التي ظلت تتفرج طيلة عشرين شهرا على الجريمة الكونية في غزة ؟
إن السبب أيها السادة ليس صحوة ضمير ولا ارتفاع أنسولين الإنسانية من فرط حلاوة الدم الفلسطيني  ، ولا هو محاولة اوروبا الوقوف بوجه ترامب واستعادة ثقلها السياسي ، بل هو صحوة عقل مفاجأة وصحوة تكتيكية جاءت لإنقاذ الصهيونية اليهودية من دخولها في نفق مظلم من الخسارات المستقبلية المتعددة الأوجه خاصة عندما نعرف بأن أنظمة الحكم الأوروبية بأكملها تقريبا تخضع لما حذر منه مارتن لوثر قبل عدة قرون بعدما تفشى فيها الوباء المنحرف ، إن الفشل الذي يمارسه الموظف نتانياهو ينوب فيه عن كل سلسلة الصهيونية بدءا من الرئيس الأمريكي وانتهاءا بالبروتستناتية العربية الاسلامية ، فكل هؤلاء سلسلة واحدة من حلقات الحضور اليهودي الخفي  ، لقد انكشف الغطاء عن غباء العصابة الصهيونية التي تقود عملية الشرق الأوسط الاسرائيلي وتبين أن المدعو نتانياهو ليس إلا حمارا لا يتمتع بأي قدر من الذكاء كما يروج ، ولا شك أن هذه الأسئلة هي التي تدور في أذهانهم :  ما قيمة  قتل مائة ألف فلسطيني مقابل ايقاظ وصحوة القضية الفلسطينية بزخم هائل على المستوى العالمي بشكل  لم يسبق له مثيل ؟ ما قيمة التطبيع الخليجي والسوري واللبناني مقابل السقوط المدوي لليهودية الصهيونية التي تحكم العالم وبدأت الشعوب تكشف حقيقيتها وستعمل على اسقاطها في الدورات الانتخابية القادمة ؟ ما قيمة التدمير والخراب والاعتداء الذي يولد انتقامات ورصيدا متفجرا من الكره في المستقبل وأعداء من حيث لا احد يحتسب ؟ ما الذي جنيناه من عمليات القتل والتدمير سوى التحريض على المؤسسات اليهودية السرية والعلنية وتفكيك ما تم بناؤه طيلة عقود طويلة ؟
3-إن الخطوة الإنقاذية الضرورية التي تبدو لازمة للمجرم المدان نتانياهو وعصابته للخروج من مأزق الإدانات والإخفاق السياسي بدأت بفيلم عملية الاغتيال التي جرت في المتحف الاسرائيلي في واشنطن للركوب على ظهر هذه الجريمة واستدعاء التعاطف كما هي العادة ، ولكن الحركة الأهم   تتمثل في حركة آكشن نحو ايران وتوجيه ضربة خاطفة غبارية للمفاعلات النووية الايرانية وهو في الجذر قرار أمريكي يتخفى خلف المفاوضات خاصة أن المطلوب من ايران هو اذعان كامل دون شروط ، وللأسف أن المفاوضات التي تجري بين ايران وأمريكا لا تختلف عن تلك جولات المصالحة الفلسطينية المفصلة اسرائيليا والنتيجة النهائية معروفة سلفا ولن يتحقق أي اتفاق.
4- لقد استخدم الاسرائيليون كامل رصيدهم التاريخي من الحقد والدموية والوحشية الحيوانية واستخدموا كامل رصيدهم الحاضر من مؤازرة  الأخوية اليهودية الصهيونية بكافة صيغها وجنسياتها ، واستخدموا كامل رصيدهم التقني والمالي لحسم المعركة في غـزة والاطاحة برأس المقاومة الفلسطينية ، لكن مشكلتهم أن التاريخ والكون وضع هذه المقاومة لتكون المضاد الطبيعي لهذا الوباء ومنحها الرخصة الشرعية لمعالجة هذا الورم الخطر على صحة الحياة في الكوكب كله .
5-إن قيمة التحالفات والفتوحات التي يعلنها المجرم نتانياهو عندما يتشدق في أحاديثه عن تغيير الشرق الأوسط تحولت الى صفر لأن غزة واليمن لا يزالان  شوكة بقياس متر في حلقه ، والموقف الحقيقي للعرب حكومة وقيادة يمثله اليمن العربي العظيم  فيما سقطت كل البلاد وتلاشت في البالوعة الاسرائيلية ، شعب اليمن الذي تظاهر بالأمس كما كل جمعة في موجات بشرية مليونية  تظهر حقيقة موقف المواطن العربي من معركته مع هؤلاء وما هو تصويت هذا المواطن على التعايش معهم أو قبولهم ، إن مشروع الشرق الأوسط الاسرائيلي يترنح بشدة واقتربت لحظات الانهيار السريع ،  إن روح المقاومة العربية والإسلامية أكبر منكم وأكبر من كل مؤامراتكم وجندكم .
كاتب عربي فلسطيني