د. جمال سالمي: 10 أفضل استثمارات خلال الأيام العشر الأولى من ذي الحجة

د. جمال سالمي
أولا: قدم مفتي عنابة: الشيخ الدكتور قويدر مشاغلة (إمام مسجد الزبير بن العوام بالصفصاف) درسا دينيا ممتازا (قبل خطبة الجمعة) حول العشر الأوائل من ذي الحجة..
ثانيا: إنها أفضل عشر أيام في السنة.. موسمٌ جيد للاستثمار والبهجة والسرور والسعادة.. شرعه وحدد وقته اللهُ رب العالمين.. أخبر به وبلّغه وروّج له نبيه العربي محمد (صلى الله عليه وسلم)..
ثالثا: يمكن وصف العشر الأوائل (بلغة التجارة) كموسم عالمي: تذاكره مجانية.. جوائزه كبيرة.. مصادره موثوقة..
رابعا: إنه آخر موسم في العام الهجري.. نفعه عميم.. شاهده كريم.. موسم يشهده ويوثق أحداثه الملائكة.. موسم يسعدُ صديقَ العرب والمسلمين.. كما يحزنُ عدوَّهم اللعين.. موسم الرحمةِ والغفرانِ ورضا الرحمن..
خامسا: قال ابن كثير في تفسير آية سورة الفجر (..وليال عشر) الليالي العشر: مرادٌ بها عشر ذي الحجة.. كما قاله ابن عباس وابن الزبير ومجاهد.. وغير واحد من السلف والخلف..
سادسا: ثبت في صحيح البخاري، عن ابن عباس مرفوعا: “ما من أيام العمل الصالح أحب إلى الله فيهن من هذه الأيام” يعني عشر ذي الحجة.. قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: “ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجلا خرج بنفسه وماله، ثم لم يرجع من ذلك بشيء”.
سابعا: كان النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) يعظم العشرَ الأوائلَ من شهر ذي الحجة..
ثامنا: كما عظمها من بعدِه أصحابُه رضي الله عنهم.. وعظمها سلفُنا الصالحَ رحمهم الله تعالى..
تاسعا: عنْ أبِي نَجيحٍ العِرْباضِ بنِ سارِيةَ (رَضْيَ اللهُ عنه)، قَالَ: (وَعَظنا رَسولُ اللهِ (صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) موعظةً بلِيغةً.. وَجِلتْ منها القلوبُ وذَرَفتْ منها العُيون.. فَقُلنَا: يا رَسولَ اللهِ، كأنَّها مَوْعظةُ مُودِّعٍ، فأوْصِنا.. قَالَ: «أُوصِيكمْ بِتقوَى اللهِ والسَّمعِ والطَّاعةِ.. وإنْ تأمَّرَ عليكم عبدٌ حَبَشِيٌّ.. وإنَّه مَنْ يَعِشْ منكم، فَسَيرَى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بِسُنَّتِي وسُنَّةِ الخلفاءِ الراشدينَ المهديينَ، عَضُّوا عليها بالنَّواجذِ، وإيَّاكم ومُحدثاتِ الأمورِ، فإنَّ كُلَّ بِدعةٍ ضَلالةٌ» رواه أبو داود والترمذي..
عاشرا وأخيرا: أعمارُ أمة محمد (صلى اله عليه وسلم) قصيرة: بين الستين والسبعين.. عوضهم الله سبحانه وتعالى بمواسم تتضاعف فيها الحسنات.. منها عشر ذي الحجة.. المسلم الحكيم يستثمر هذه المواسم العظيمة ليفوز بما عند الله من الثواب.. فقد لا تعود هذه المواسم.. لا سيما في هذا الزمان: المتسارعة أحداثه.. المتقلبة أحواله.
10 فضائل لأول عشرِ أيام من ذي الحجة..
أولا: أقسم الله سبحانه بها في سورة الفجر..
ثانيا: كان النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) يعظمها ويحث على العمل فيها..
ثالثا: فيها يوم عرفة: اليوم المشهود.. الحج الأكبر.. يباهي فيه ملائكته ويغفر الله للحجاج.. فيرجعون بلا ذنوب.. كما ولدتهم أمهاتهم.. يغفر الله لمن صامه من المسلمين: عامًا قبله وعامًا بعده..
رابعا: أكمل الله تعالى الدين وأتم النعمة ورضي لنا الإسلام دينًا في عشر ذي الحجة..
خامسا: فيها عيد المسلمين الأكبر وصلاة عيد الأضحى..
سادسا: كان النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) يصوم فيها تسعة أيام..
سابعا: فيها يوم التروية..
ثامنا: فيها يوم النحر: اليوم العاشر.. فيه يضحي جميع المسلمين.. يتقربون إلى الله تعالى بأفضل عمل: النحر.. أخرج الترمذي وابن ماجه عن عائشة مرفوعًا: « ما عمل ابن آدم من عمل يوم النحر أحبَّ إلى الله عز وجل من إهراقة الدم، وإنه ليأتي يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها، وإن الدم يقع من الله بمكان قبل أن يقع بالأرض، فطيبوا بها نفسًا)..
تاسعا: في تعظيم الأيام العشر من المسلمين مظهر من مظاهر الوحدة في الرؤية والرسالة والقيم والأهداف الاستراتيجية.. والوحدة قوة يحبها الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم..
عاشرا وأخيرا: العمل في عشر ذي الحجة فيه تحقير للشيطان الرجيم وجنوده أجمعين.. فقد صح في الحديث أنه ما رؤي أدحر ولا أحقر ولا أصغر من إبليس في يوم عرفة ومزدلفة..
10 أعمال يُستحب القيام بها في أول 10 أيام من ذي الحجة..
أولا: أداء فريضة الحج.. خاصة للذين لم يحجوا حجة الإسلام الواجبة.. وهم يستطيعون: ماديا وبدنيا.. فالحج أحد أركان الإسلام التي فرضها على المسلم مرة واحدة في العمر.. الحاج له فضل عظيم.. ثوابه كبير جدا.. ورد في الحديث، عن أبي هريرة (رضي الله عنه)، عن النبي (صلى الله عليه وسلم)، قال: “العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة”.. (متفق عليه: البخاري كتاب الحج (1650)، ومسلم (2403).. عن أبي هريرة (رضي الله عنه)، قال: سمعت رسول اللَّه (صلى الله عليه وسلم) يقول: “من حج لله فلم يرفث ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه”. (البخاري 1424)..
أما من حج حجة الإسلام، فإن أداء الحج يعد من النوافل.. وهو خير النوافل في عشر ذي الحجة.. ومن لم يستطع الحج، فإنه يسقط عنه.. أتاح الله تعالى له عوضا عنه.. وهو في بلده.. فعن أنس (رضي الله عنه)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): “من صلى الفجر في جماعة، ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين، كانت له كأجر حجة وعمرة تامة، تامة، تامة” (رواه الترمذي، انظر: صحيح الجامع 7346)..
ثانيا: الجهاد في سبيل الله تعالى.. القتال لتكون كلمة الله تعالى هي العليا.. الجهاد الأعظم هو مجاهدة النفس، عبر فعل الطاعات وترك المعاصي والمنكرات..
ثالثا: التوبة والإقلاع عن جميع الذنوب والمنكرات.. لأن المعاصي والمنكرات سبب في ذهاب النعم وجلب النقم والرزايا والفتن والمحن والأمراض والحروب وتفاقم الكروب وظلمة القلوب.. أكبر من ذلك، فقد نعمة الأمن والأمان.. التائب يبدل الله سيئاته حسنات.. ويجعل له نورًا في سمعه وبصره وبصيرته.. فيعيش بقية عمرة في سعادة وهناء.. ثم يلقى ربه وهو في فرحة وشوق..
رابعا: خدمة ضيوف الرحمن (الذي أجابوا داعي الله وتوافدوا ليؤدوا الركن الخامس من أركان الإسلام)..
خامسا: التكبير.. أي قول: (الله أكبر).. يُشرع الإكثار منه في عشر ذي الحجة وأيام التشريق (اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر) يستحب رفع الصوت به في الأسواق والطرقات.. وبعد الصلوات المفروضة.. روَى البخاريُّ فِي “صَحِيحِهِ” عنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قالَ: هُنَّ أَيَّامُ العَشْرِ، وَالأَيَّامُ المَعْدُودَاتُ: أَيَّامُ التَّشْرِيقِ ” كَانَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ: «يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ العَشْرِ يُكَبِّرَانِ، وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا». رواهُ البخاريُّ.
عن سمرة (رضي الله تعالى عنه)، قال: قال رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم): (أحبّ الكلام إلى الله أربعٌ: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.. لا يضرّك بأيهنَّ بدأت).. أخرجه الإمامُ مسلم.
سادسا: الصدقة.. خيرها الصدقة الجارية.. من أفضل الأعمال أن نتفقد أحوال الرحم والأقارب والجيران.. مع مساعدتهم بالمال والمتاع ما يكفيهم.. فكم من مسكين وفقير يمر عليه العيد تلو العيد.. ولا يجد الحد الأدنى من احتياجاته الأساسية.. من الأكل والشرب واللباس والسكن..
سابعا: صيام يوم عرفة.. قال النبي (صلى الله عليه وسلم): «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِى قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِى بَعْدَهُ» أخرجه مسلم في صحيحه: (1162).. مع صيام الأيام الثمانية التي قبله، لمن استطاع إلى ذلك سبيلا..
ثامنا: صلاة عيد الأضحى.. تاسعا: النحر.. أحب الأعمال إلى الله تعالى.. يتم من اليوم العاشر إلى الثالث عشر.. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطٍ، عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، قَالَ: «إِنَّ أَعْظَمَ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ» الْقَرِّ هُوَ الْيَوْمُ الثَّانِي..
رواه أبو داود (1765).. صححه الألباني في “صحيح سنن أبي داود” (6/14).. يستحب لمن سيضحي أن يمتنع عن الأخذ من شعره وظفره، حتى يضحي.. يبدأ الامتناع من مغرب آخر يوم من شهر ذي القعدة إلى صباح اليوم الذي تذبح فيه الأضحية..
عاشرا وأخيرا: الاجتهاد في جميع الطاعات وأعمال البر.. من أعظمها أداء الصلوات المفروضة في المساجد مع الجماعة.. تلاوة القرآن الكريم..
صلة الأرحام..
قضاء حوائج الناس..
الدعوة إلى الله تعالى..
نشر العلم..
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..
الإصلاح بين الناس..
إدخال السرور على قلوب الناس..
الدعاء..
خير الدعاء دعاء نبي الله يونس (صلى الله عليه وسلم).. وما ورد في القرآن الكريم.. وأدعية النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)..
كان معظمها بصيغة الجمع..
لأن الدعاء للمسلمين ينفع الداعي ويضاعف له الأجور بعدد من دعا لهم..
الملائكة تؤمن على الدعاء..
فتقول: اللهم آمين ولك بمثله.
10 علماء من الصحابة والسلف الصالح تحدثوا عن 10 عشر ذي الحجة..
(ابن عباس/مسروق/ ابن جرير الطبري/ابن رجب/الحافظ ابن كثير/كعب/ ابن عمر/ابن تيمية/مجاهد)
أولا
قال ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير ثاني آية من سورة الفجر إنها العشر الأوائل من ذي الحِجَّة..
ثانيا
قال مسروق حول نفس الآية: هي عشر ذي الأضحى.. هي أفضل أيام السنة..
ثالثا
قال الإمام ابن جرير الطبري هي ليالي عشر ذي الحِجَّة..
لإجماع الحُجَّة من أهل التأويل عليه..
رابعا
قال ابن رجب: “الليالي العشر هي عشر ذي الحِجَّة.. هذا هو الصحيح الذي عليه جمهور المفسرين من السلف وغيرهم.. وهو الصحيح عن ابن عباس..
خامسا
قال الحافظ ابن كثير: “الليالي العشر المراد بها عشر ذي الحِجَّة”.
سادسا
قال كعب:
“اختار اللهُ الزمانَ، فأحبُّ الزمان إلى الله الشهرُ الحرام، وأحب الأشهر الحُرُم إلى الله ذو الحِجَّة، وأحبُّ ذي الحِجَّة إلى الله العشر الأُوَلُ”.
سابعا
رُوِيَ عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: “ليس يومٌ أعظم عند الله من يوم الجمعة، ليس العشر”، قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: “وهو يدلُّ على أن أيام العشر أفضل من يوم الجمعة.. الذي هو أفضل الأيام”.
ثامنا
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني: “وفيه… فضل أيام عشر ذي الحِجَّة على غيرها من أيام السنة”.
تاسعا
سُئِل شيخ الإسلام ابن تيمية عن عشر ذي الحِجَّة، والعشر الأواخر من رمضان، أيهما أفضل؟
فأجاب: “أيام عشر ذي الحِجَّة أفضل من أيام العشر من رمضان، والليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحِجَّة”.
عاشرا
قال مجاهد:
“ما من عملٍ في أيام السنة أفضل منه في العشر من ذي الحِجَّة، وهي العشر التي أتمها الله لموسى عليه السلام”.
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى: “لما كان الجهادُ أفضلَ الأعمال، ولا قدرة لكثير من الناس عليه، كان الذكر الكثير الدائم يساويه، ويفضُل عليه، وكان العمل في عشر ذي الحِجَّة يفضُل عليه، إلا من خرج بنفسه، وماله، ولم يرجع منهما بشيء”.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
4 علماء معاصرين تحدثوا عن 10 عشر ذي الحجة..
(ابن باز/ابن عثيمين/عبد الله الجبرين/ سعد بن ناصر الشثري)
أولا
قال المفتي السابق للسعودية العلامة ابن باز:
“الرسول صلى الله عليه وسلم حضَّ على العمل الصالح فيها، والصيام من العمل الصالح… فإذا صامها أو تصدق فيها، فهو على خير عظيم”.
ثانيا
قال العلامة ابن عثيمين:
“تجد العشر الأوائل من شهر ذي الحِجَّة تمرُّ بالناس، ولا يقدرون لها قدرًا، لا في الصيام، ولا في الصدقة، ولا في قراءة القرآن، ولا بكثرة الصيام؛ لأنهم يجهلونها”.
“يظن بعض الناس أن العشر الأواخر من رمضان أفضل من العشر الأوائل من شهر ذي الحِجَّة، والأمر بالعكس، العمل الصالح في العشر الأوائل من ذي الحِجَّة أحبُّ إلى الله من العمل الصالح في العشر الأواخر من رمضان”.
“ينبغي أن نُكثر من ذكر الله وتحميده وتكبيره في أيام التشريق، كما نُكْثِرُه في أيام العشر”.
“التكبير ينقسم إلى قسمين فقط:
1- مطلق.
2- مطلق ومقيد.
فالمطلق: ليلة عيد الفطر، وعشر ذي الحِجَّة إلى فجر يوم عرفة، والمطلق والمقيد: من فجر يوم عرفة إلى غروب الشمس من آخر يوم من أيام التشريق، والقول الراجح أن هذا التكبير المقيَّد يسقط بطول الفصل”.
ثالثا
قال العلامة عبد الله الجبرين:
“أنواع العمل في هذه العشر: الثاني: صيام هذه الأيام أو ما تيسَّر منها، وبالأخص يوم عرفة”.
“أنواع العمل في هذه العشر: الخامس: كثرة الأعمال الصالحة من نوافل العبادات؛ كالصلاة والصدقة، والجهاد والقراءة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ونحو ذلك؛ فإنها من الأعمال التي تُضاعَف في هذه الأيام”.
قال العلامة عبد الله الجبرين رحمه الله: “أنواع العمل في هذه العشر: السابع: تُشرَع الأضحية في يوم النحر وأيام التشريق، وهي سُنَّة أبينا إبراهيم عليه الصلاة والسلام، حين فدى الله ولده بذِبحٍ عظيم..
(ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحَّى بكبشَينِ أملحَينِ أقرنين، ذبحهما بيده، وسمَّى وكبَّر، ووضع رجله على صِفاحِهما) متفق عليه..
رابعا
قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري:
“مضاعفة الحسنات زيادة على العشر تكون بأسباب متعددة؛ منها: عِظَم الزمان؛ كما في حديث: ما من أيام العمل الصالح فيها أحبُّ إلى الله من هذه الأيام؛ يعني أيام العشر.
كاتب جزائري