آسيا العتروس: إسرائيل المكروهة وفشل الاستفادة من فعالية المتحف اليهودي.

اسيا العتروس
كثيرة هي نقاط الاستفهام التي تبقى تحيط بعملية متحف واشنطن لليهود و كل السيناريوهات في قناعتي تظل قائمة , و بعد يومين على اعلان مقتل موظفين في سفارة الكيان الاسرائيلي بالرصاص في واشنطن لم ينشر حتى فيديو يوثق العملية و كل ما شاهده العالم شاب يقتاده رجلي أمن و هو يردد الحرية لفلسطين ..فهل يعقل أنه في مكان بهذه الحساسية لاوجود لكاميرات مراقبة ترصد كل كبيرة و صغيرة في بلد لا يفوته شيء في أقاصي العالم ..
طبعا لا يمكن نفي احتمال أن يكون الشاب الامريكي القادم من تكساس الياس رودريغز دفعه الاحساس بالقهر ازاء ما يجري في غزة من جرائم ابادة على مدى عشرين شهرا شملت الكبار والصغار والنساء و الرجال على حد سواء في عجز دولي بغيض لتنفيذ ما أقدم عليه وهو يدرك تماما ما ينتظره ..وهذا واحد من عدة سيناريوهات اذا صحت فيجب توقع المزيد من هذه العمليات في أي مكان في العالم و لا يمكن لورقة معاداة السامية أن تنفع ناتنياهو و حكومته الارهابية في شيء ..وسيتعين انتظار مزيد التفاصيل أو بث الفيديو الذي يؤكد تنفيذ هذا الشاب العملية فنحن في زمن الذكاء الصناعي و يمكن تزييف و قلب الحقائق لصالح كيان الاحتلال بكل الطرق و له الامكانيات لذلك خاصة و أن العملية تأتي ايضا مباشرة بعد عملية اطلاق النار على الوفد الديبلوماسي الاوروبي في جنين بالضفة الغربية ..ما يدفعنا الى هذا القول تصريحات شاهدة على عين المكان حضرت واقعة إطلاق النار قرب المتحف اليهودي إنها تحدثت إلى المشتبه به دون أن تعرف أنه من اطلق النار , قالت “ذهبت إليه وسألته إن كان بخير، بينما كان يتمتم بكلمة “اتصلي بالشرطة” مرارا وتكرارا. قال إنه بخير. ثم سألته إن كان قد أُصيب برصاصة، فأجاب بالنفي”.
وتابعت “كان يرتجف كثيرا عندما تحدثت إليه لدرجة أنه بدا غيرمؤذٍ… من الواضح أنني لم أكن أعرف حينها..” المثيرأولا في الامر أن الامن لم يسارع باطلاق النار كما هو الحال في مثل هذه العمليات في بلد لا يكاد يمر فيه يوم دون مقتل العشرات في عمليات اطلاق النار بسبب ظاهرة انتشار السلاح في أمريكا , الملاحظة الثانية التي سيتعين التوقف عندها فهي كيفية محاولة توظيف عملية المتحف من جانب مجرم الحرب ناتنياهو للتأثير على الرئيس الامريكي دونالد ترامب و تحويل الانظار عن المحرقة المستمرة في غزة وتسويق ما حدث على أنه نتيجة لمعاداة السامية المتفاقمة و للضغوط و الانتقادات المتزايدة لكيان الاحتلال بسبب ما يرتكبه جيش الاحتلال الاسرائيلي في غزة ..و لكن الواضح أن التلويح بورقة معاداة السامية لم يؤت ثماره كما في السابق هذه المرة ولم يكن بامكان ناتنياهو يلعب دورالضحية الذي لا أحد ينكر قدرته على تقمصه تماما كما أنه لا أحد يدرك مدى قدرة الاستخبارات الاسرائيلية وأجهزتها على الاختراق و تنفيذ كل المخططات التي يمكن أن تحتاجها لتجاوز أزمات الحكومات الاسرائيلية الداخلية و تصديرها للخارج و هذا ما توثقه شهادات قيادات سابقة في الموساد و بينها على سبيل الذكر لا الحصر كتاب BY WAY OF DECEPTION لفيكتور اوستروفسكي الذي يكشف الكثير من اسرار عمليات الاغتيالات التي نفذها الموساد حتى و ان كان سيضحي بمواطنيه لتعزيز دور الضحية و مواصلة ابتزاز الغرب .. وسيتعين انتظارما يمكن تسريبه في الساعات القادمة بشأن ما خفي من تفاصيل عملية المتحف اليهودي الذي لا نخاله غير خاضع لحراسة أمنية مشددة ..
الاكي أيضا أننا ازاء واقع جديد يؤكد أن كيان الاحتلال يواجه أزمة ديبلوماسية دولية غير مسبوقة في وجود هذا الكيان بسبب الصورة الدموية المتوحشة التي بدأت تستفز المجتمعات و الشعوب في مختلف اصقاع العالم و تحرك النخب و تخترق البرلمان بما في ذلك المؤسسات الاوروبية و البرلمانات الاكثر ولاء و دعما لهذا الكيان ..وقد أشارت صحيفة معاريف العبرية بوضوح الى أن إسرائيل أصبحت منبوذة ومعزولة دولياً، وهي تواجه “تسونامي دبلوماسي”، في ظل استمرار الحرب على قطاع غزة. و كشف الصحيفة أن وزيرة المواصلات، ميري ريغيف، ترفض الاعتراف بأنّ إسرائيل تحت حصار جوي، و”ومن المحتمل أن تصل قريباً إلى حصار بحري أيضاً كل ذلك الى جانب المقاطعة الاكاديمية للجامعات الاسرائيلية …
و بالاعتماد على نفس المصدر تذكر الصحيفة بأن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، تلقى بطاقة حمراء من المحكمة العليا…و لكن لم تذكر الصحيفة أن ناتنياهو تلقى قبل ذلك بطاقة جلب من الجنائية الدولية باعتباره مجرم حرب ..
لا خلاف أن هجوم المتحف اليهودي يأتي على وقع محرقة غزة التي يصر الاحتلال على مواصلة تنفيذها منذ عشرين شهرا في ظل قناعة أن هذا الكيان المارق لا يخضع للنسائلة او المحاسبة من أي جهة كانت و أنه فوق كل القيم الانسانية والقوانين والقرارات الدولية ..
تقول باميلا سميث، رئيسة شرطة واشنطن العاصمة، للصحفيين بأن المشتبه به كان يردد الحرية لفلسطين و ظل يردد الهتاف نفسه أثناء احتجازه…كل المؤشرات تؤكد أن هناك تحول جذري لدى المجتمع الدولي و الاعلام العالمي و النخب بل و حتى السياسيين ازاء جرائم الابادة في غزة و اصرار مجرم الحرب ناتنياهو على المكابرة و اقتراف المزيد لتهجير سكان القطاع و اعادة احتلال غزة بالكامل و سيتعين الانتباه الى أهمية التحولات الديبلوماسية في اوروبا التي بدأت تضيق ذرعا بجرائم الاحتلال و تلوح للاعتراف بالدولة الفلسطينية و بعضها اقر بذلك فعلا كما عو حال ارلندا و اسبانيا وبلجيكا ..
كاتبة وصحفية تونسية