د. كاظم ناصر: قمة بغداد: إخفاق كبير وعجز عربي مؤسف

د. كاظم ناصر
استضافت العاصمة العراقية بغداد القمة العربية العادية الرابعة والثلاثين يوم السبت 17 مايو/ أيار وكان مستوى التمثيل فيها مفاجئا حيث لم يشارك فيها سوى خمس زعماء عرب وغاب عنها سبعة عشر زعيما؛ والجدير بالذكر هو ان خمسين قمة عربية عقدت منذ منها 34 قمة عادية و 16 طارئة اتخذت خلالها مئات القرارات التي بقيت حبرا على ورق!
نتائج هذه القمة الفاشلة كانت كسابقاتها مخيبة لآمال الشعوب العربية، ولم ترتقي إلى التحديات التي يتعرض لها الوطن العربي، خاصة جرائم القتل العشوائي والتدمير المنهجي المستمر في غزة. فبيانها الختامي كرّر الخذلان والعجز العربي لافتقاره للآليات وخطط عمل تنفيذية، واستجدى الولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع الدولي للضغط على دولة الاحتلال لوقف جرائم الحرب التي ترتكبها ضد الفلسطينيين، وأكد رفض الدول العربية القاطع لتهجيرهم، وطالب بتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي بشأن العدوان الإسرائيلي على غزة، وأدان الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا، وناقش التطورات الميدانية في ليبيا ولبنان، وطالب بإيجاد حل سياسي لإيقاف الصراع في السودان ورفض التدخل في شؤونه الداخلية، وجدد الدعم للمجلس الرئاسي في اليمن الذي تدعمه المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، وتجاهل الاعتداءات الأمريكية والإسرائيلية المتكررة عليه والمجازر التي ترتكبها بحق اليمنيين الذي يدافعون عن مستقبل وكرامة الأمة العربية.
وعلى الرغم من أكاذيب وسائل الاعلام العربية عن نجاح قمة بغداد، فإن الحقيقة المرة هي أنها كانت كمن سبقها من قمم عربية وخليجية فاشلة بامتياز، ولم تخرج بأكثر من بيانات الشجب والادانة والمناشدات الفارغة والوعود والقرارات الجوفاء بتعزيز التنسيق والتعاون السياسي والاقتصادي بين الأقطار العربية والتي لم ولن تنفذ، وتستغل للتغطية على فساد وفشل وتآمر وخذلان الحكام العرب واستمرارهم في خداع وتضليل وتطويق شعوبهم. أي إن قمة بغداد الفاشلة تثبت أنه لم يتبق في جعبة الحكام العرب ما يشير لكرامة ومصالح هذه الأمة، وتؤكد عجزهم حتى عن تقديم الماء والغذاء ل 2.3 مليون فلسطيني يواجهون أبشع الجرائم التي ارتكبت منذ الحرب العالمية الثانية، حيث إن دولة الاختلال تقتلهم بوحشية، وتدمر بيوتهم، وتحرمهم من الغذاء والدواء بينما الحكام العرب الأشاوس يتفرجون على هذا المشهد المأساوي، ويزعمون كذبا وبهتانا بأنهم يدعمون الفلسطينيين ويحرصون على مستقبل أقطارهم وأمتهم.
قمة بغداد فشلت كسابقاتها في الاتفاق على خطط عمل وتعاون عربي مشترك لمواجهة الصهاينة، وإرغام إسرائيل على وقف جرائم الحرب التي ترتكبها في غزة، والتصدي لاحتلالها للأراضي الفلسطينية، والأراضي السورية واللبنانية التي احتلتها عام 1967 وخلال الأشهر القليلة الماضية، وفشلت في حل النزاعات في ليبيا واليمن والصومال، وفي إيجاد حلول للخلافات البينية العربية.
ولهذا فإن القادم على وطننا العربي الذي ابتلاه الله بحكام خونة طغاة وبشعوب مهزومة مستسلمة سيكون أخطر بكثير مما نحن فيه ونعانيه من تفكك وانهزام وتخلف وفظاعة، وان الحرب التي تشنها دولة الاحتلال على غزة واحتلالها حديثا لأراض سورية ولبنانية ليست نهاية المطاف، وإن الاعصار الصهيوني المدعوم أمريكيا قادم للحكام العرب ولأنظمتهم التسلطية الانهزامية الفاسدة، وإذا كانت غزة تدمر ويقتل أهلها اليوم بدون ردود فعل عربية، فغدا ستستباح وتقتل وتدمر شعوب وأقطار عربية غيرها!
كاتب فلسطيني