وجيدة حافي: القمم العربية تتجه نحو التدهور المزيد من السيئ إلى الأسوأ

وجيدة حافي
قمة عربية رابعة وثلاثون لم تقدم شيئا جديدا، خطابات سياسية بلغة عربية فصحى، وقرارات لم ولن تُنفذ في ظل التغول الأمريكي الصهيوني العالمي، ورفض فكرة التوحد العربي وإصرار كل دولة على المشي قدما وراء مصالحها، رُبما الجديد في هذه القمة التي غاب عنها سبعة عشر رئيسا من أصل 22 هو عودة العراق للواجهة ولحضنها العربي بعد مُحاولات التشويه وطمس الهوية، بغداد أو قلعة الأسود إستقبلت القادة على أمل قرارات تُثلج الصدور وتضع حدا لكل هذه التجاوزات في حق أبناء الأمة بمختلف أجناسهم وجنسياتهم وطوائفهم، لكن ما حدث كان العكس والقمة لم تأتي على هوى دجلة والفُرات، بغياب نصف الرؤساء، وهذا في حد ذاته مُؤشر خطير على فقدان البوصلة العربية وعدم إتفاق العرب الذين أصلا إتفقوا على أن لا يتفقوا، فالغائبون يعرفون سلفا مخرجات قمة لم تُقدم شيئا ودُولها في أٍريحية وسلام، فهل ستُقدم والعالم كله على شفا حُفرة من حرب عالمية ثالثة لن تُشبه الحربين العالميتين الأولى الثانية، بل ستكون أشد فتكا وشراسة، بسبب التطور الهائل والسريع للأسلحة والقاذفات، وإستعمال النووي من دُول تتوعد وتُهدد بقلب الموازين، كما أن زيارة “ترامب” الأخيرة إبتلعت القمة، وأحدثت إستباق على مستوى القرارات العربية المنتظرة، وخصوصا دعم سوريا ورفع العقوبات عنها، وتصريحات وزير الخارجية العراقي الذي قال أن قمة بغداد ستكون مكملة لطبيعة القرارات التي أُتخذت، لهذا من حضروا فخطاباتهم لم تخرج عن رفض فكرة التهجير والدعوة الفورية لإطلاق النار، وهي أفكار ودعوات قديمة ومترهلة، ولا يوجد فيها ما يدعوا للتفاؤل، فحضورهم كان شكليا وواجبا إلتزمموا به حتى لا يُقال عن الأُمة العربية السلام، وحتى لا يضطر مجلس الأمن وفي جلسة طارئة مُناقشة أسباب إختلاف 22 دولة عربية وتبدل حالهم ومواقفهم، في حين أن بعض دول الإتحاد الأوروبي مع كندا وأستراليا، البرازيل وجنوب إفريقيا، المكسيك بوليفيا، كوبا، يدرسون فرض عقوبات وإلغاء معاهدات مع الكيان الغاصب إذا واصل مجازره، موقف غربي نحترمه وندعوا لمثله من دول عربية من المفروض أن فلسطين هي قلبها النابض، لكن من يختم قمة عربية بدعوة المجتمع الدُولي بفك الحصار وإدخال المساعدات، لا أظنه قادرا على الضغط والوعيد، ومن لم يتعامل بمنطق واحدة بواحدة و”ترامب” أمامه وضيف عنده، لن يُقلق نفسه ويحاول وهو بعيد عنه.
خطاب الرئيس عباس هو المفاجأة الكبرى الغير مُتوقعة والذي دعا فيها حماس والفصائل بتسليم أسلحتها ووقف هذه الحرب الشرسة، طلب يعرف الجميع أنه لن يتحقق وحماس لن ترضخ لبني صهيون مهما كلف الثمن، والسيد الرئيس عباس بطلبه هذا أعطى الضوء الأخضر لنتنياهو لرفض أي مقترحات صُلح وإيقاف الحرب على غزة، مادام هو نفسه وضع شرطا مقابل السلام، وعلى هذا فالحرب ستطول وتستمر وسنشهد مجازر أُخرى مادامت حماس لن تُسلم السلاح وتستسلم بسهولة، والرئيس عباس وضع شرطا صعب التحقيق، ونتنياهو المُتعجرف وجد حُجة جديدة لمواصلة جرائمه فماذا نقول أمام هذا الوضع المُحبط والمأساوي الذي وصلنا إليه نحن أمة المليار، فالكل غارق في همه ويُحاول الخروج بأقل الأضرار ليتنفس الصعداء ويستعيد العافية المفقودة في عديد البلدان العربية التي تُعاني الجوع والقهر، فحديثنا عن فلسطين لا يُنسينا أوجاع السودانيين واليمنيين، لُبنان وسوريا التي نتمنى أن لا تدخل إصطبل التطبيع وتأخذ موقفا مُشرفا، ويحسبها جيدا رئيسها الجديد كما فعل عند الغياب عن القمة العربية، التي بعد لقائه “بترامب” أصبحت ثانوية ولا جدوى منها، كل هذا كان من المفروض أن يُطرح للنقاش في القمة العربية في بغداد وبجرأة، لا الإختباء وراء مُصطلحات وقضايا يعرفون جيدا أنها لن تُحل إلا بإذن من “ترامب “أمريكا القوة العالمية الكُبرى، وفي الأخير أجدد دعوتي ل التوقف عن عقد قمم عربية ديكورية لا تُقدم شيئا للأُمة، فإما أن تكونوا موحدين في السراء والضراء وعلى كلمة واحدة وإما لا، لأن المواطن العربي بمختلف جنسياته كره من الشكليات والعناق أمام الكاميرات. وإنا لله وإنا إليه راجعون، رحمة الله على قمم الأمس أين كان القذافي رحمة الله عليه، وبصراحة مطلقة ودون خوف يقول كلمة الحق دون مُجاملات، ويدعوا للحذر والحيطة من الغد الذي نعيشه الآن وبكل تفاصيله، الصبر والسلوان للأُمة في خسارتها وذلها، لأن لا أحد من حكامنا العرب سينتفض لنُجدة المُستضعفين في غزة، فهذا من المُستحيلات السبع حتى ولو ضرب الكيان غزة بالقنبلة النووية، فلا تنتظروا من الأموات أن يعودوا للحياة والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
كاتبة من الجزائر