أخيرًا، يتوعدون بقصف غزة بأسلحة نووية… من سيردعهم؟ يا لجمال غزة! هل لا يزال ترامب منشغلًا في حساب ثرواته العربية؟ ولماذا لن نطلب المساعدة من جيوش العرب والمسلمين هذه المرة؟

عبد الباري عطوان
ان يدعو النائب الجمهوري في الكونغرس الأمريكي راندي فاين الى قصف قطاع غزة بقنابل نووية، أسوة بما فعلته بلاده في هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين في نهاية الحرب العالمية الثانية، ويجد من يصفق له في إدارة الرئيس دونالد ترامب، فهذا هو قمة الإرهاب، واللاإنسانية، والتعطش لسفك الدماء في دولة تدعي انها زعيمة العالم الحر والأكثر حرصا على حقوق الانسان وقيم العدالة.
اللافت ان هذه الدعوة صدرت عن نائب جمهوري دعم الرئيس ترامب حملته الانتخابية، وأيده أيضا بعض المصوتين العرب للأسف في ولاية “ميشيغان”، وتزامنت هذه الدعوة النووية مع عودة ترامب، من جولته في ثلاث دول عربية، استطاع خلالها ابتزاز خمسة تريليونات دولار، وفوقها طائرة جامبو رئاسية كهدية يصل ثمنها، وبعد تجهيزها، ما يقرب من نصف مليار دولار.
***
هذا النائب العنصري الدموي الصهيوني لا يعرف ان اعداد ضحايا حرب الإبادة الجماعية التي يمارسها بنيامين نتنياهو، قدوته في النازية الجديدة تبلغ اضعاف اعداد ضحايا القنبلتين النوويتين اللتين القيتا على المدينتين اليابانيتين، بالمقارنة بين عدد سكان قطاع غزة الذي لا يزيد عن المليونين، وسكان اليابان الذي يقدر بحوالي 124 مليون نسمة.
هناك فارق آخر يؤكد جهل وغباء هذا النائب الى جانب دمويته، وهو ان اليابان كانت في حالة حرب مع الولايات المتحدة اثناء الحرب العالمية الثانية، وجاء قصفها النووي، وغير الإنساني، والاجرامي، كرد على هجوم الطيارين اليابانيين الانتحاريين على ميناء بيرل هاربور والقاعدة الجوية البحرية فيه، فهل شن قطاع غزة هجوما بالطائرات الانتحارية على الولايات المتحدة، وهل اهل غزة العزل الأبرياء في حالة حرب مع الولايات المتحدة الامريكية الدولة العظمى؟ فحتى الأسير الأمريكي الإسرائيلي الكسندر عيدان جرى اطلاق سراحه مجانا اكراما لترامب.
سقط حتى الآن اكثر من 60 الف شهيد فلسطيني من أبناء القطاع 30 الفا منهم اطفال، وأصيب اكثر من مئتي الف، حسب احصاءات مجلة “لانست” الطبية البريطانية التي تحظى بسمعة ممتازة لموضوعية ابحاثها عالميا، سقطوا بالقنابل الامريكية العملاقة التي يبلغ وزنها 2000 رطل ويستخدمها الجيش الإسرائيلي في حرب إبادته واغتيالاته، وبدعم مباشر من ترامب صديق العرب الحميم، فما الحاجة الى القنابل النووية في قطاع غزة التي لا تزيد مساحته عن 150 ميلا مربعا، غير الحقد العنصري، ونزعات دموية، وتعطش للدماء.
والأخطر من ذلك ان عمليات الإبادة الإسرائيلية مستمرة، واليوم بدأ الجيش استعداداته لإقتحام القطاع، واحتلاله بالكامل، حاشدا اكثر من 200 الف جندي مدعومين بالدبابات، وحاملات الجنود والصواريخ، والطائرات الحربية والمسيرّة، علاوة على اكثر من 50 الف جندي من الاحتياط، حتى لكأن غزة هي الاتحاد السوفيتي في اقوى حالاته، او المانيا النازية في ذروة عنفوانها، التي حرقت اليهود في افرانها، ومن المؤكد ان هذا الاجتياح سيؤدي الى قتل عشرات الآلاف، ان لم يكن اكثر، من أبناء القطاع الذين ما زالوا على قيد الحياة، وتدمير ما تبقى من منازل ما زالت واقفة بكبرياء، ولم تدمر وهي لا يزيد تعدادها عن واحد في المئة فقط، اما الرئيس ترامب رجل السلام ما زال مشغولا في عدّ تريليوناته العربية التي إبتزها من أصدقائه العرب، ويدر وجهه على الناحية الاخرى، ولا يريد ان يعرف، فقنابله وطائراته الشبح تقوم بالواجب واكثر.
اليوم فقد نقلت الينا وكالات الانباء خبرا عن سرقة الجيش الإسرائيلي 23 شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية، وبعض الطعام، كانت في طريقها الى الجوعى في قطاع غزة، ومن ومنّ؟ دولة الامارات العربية الدولة الأكثر تطبيعا في العالم العربي، وجاءت المكافأة الإسرائيلية على شكل سرقة هذه المساعدات في وضح النهار، ولمنع وصولها الى الجوعى من الأطفال الذين استشهدوا جوعا من انعدام التغذية وبلغ تعدادهم 242 طفلا ومسنا حتى الآن والارقام تتصاعد.
***
نختم بقصة الدكتورة آلاء النجار التي تعمل في مجمع ناصر الطبي في مدينة خان يونس، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الجرحى والمصابين، فالدكتورة آلاء، فوجئت وهي تقوم بواجبها الإنساني ان من بين الشهداء تسعة من اطفالها “تفحموا” من جراء قصفهم بصاروخ إسرائيلي وبشكل متعمد، وبعد التأكد من وجودهم ووالدهم مع شقيقهم العاشر (في غرفة الإنعاش) في البيت، وتتراوح أعمارهم بين ستة اشهر و12 عاما.
لن نستنجد بالعرب، ولا بالمسلمين، كبرت جيشوهم او صغرت، ولن نطلب أي مقابل أخلاقي او انساني من ترامب للتريليونات التي إبتزها، ولن نذكّر ما يسمى بالمجتمع الدولي ومنظماته بهذه المجازر المأساوية، مثلما فعلنا طوال الـ19 شهرا منذ بدء حرب الإبادة، فلا فائدة ترجى، ولا حياة لمن تنادي، وعزاؤنا الوحيد ان هناك عربا يملكون الكرامة وعزة النفس، والرجولة والاخلاق ويقصفون مطار اللد ومدينة يافا المحتلة، وموانئ حيفا واسدود وام الرشراش (ايلات) يوميا، ويؤكدون انهم لن يتخلون عن قطاع غزة مهما تضاعفت اعداد شهدائهم وجرحاهم الذين يسقطون يوميا بقصف الاسرائيليين وحلفائهم.. عن أهلنا في اليمن نتحدث.