عيد الاستقلال: مثل أردني يُعبّر عن أن من يأخذ بدون جهد، لن يكون ذو قيمة.

عيد الاستقلال: مثل أردني يُعبّر عن أن من يأخذ بدون جهد، لن يكون ذو قيمة.

 

 

د. معن علي المقابلة

نحتفل في كل عام، بيوم الاستقلال بكثير من الرموز وقليل من الأسئلة. نرفع الأعلام، نردد الشعارات، وتُنشر صور المؤسسين والخطابات الرنانة. لكن خلف هذا المشهد الاحتفالي، ثمة سؤال جوهري لم نعد نطرحه: هل نحن فعلاً مستقلون؟
الاستقلال ليس حدثًا تاريخيًا فقط، بل حالة سيادية مستمرة. إنه يعني أن تملك الدولة قرارها السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وأن تُدار شؤونها من داخلها لا من خارجها. لكن واقعنا يقول عكس ذلك: فالدولة ما زالت تعيش على المساعدات الخارجية والمنح، والموازنة العامة لا تكتمل دون دعم خارجي، والخطط التنموية لا تُقرّ إلا بعد موافقة المانحين.
في مشروع قانون موازنة الدولة لسنة 2024، قدرت الحكومة المنح الخارجية بحوالي 724 مليون دينار، وهي أقل مما قُدر في مشروع موازنة 2023 الذي بلغت فيه المنح نحو 802 مليون دينار .
أما المديونية، فقد تجاوزت حاجز الـ58 مليار دولار، وهو من أعلى مستويات الدين العام التي وصل إليها الأردن. ورغم ضخامة هذا الرقم، إلا أن المديونية لا تنسجم بأي حال مع واقع البنية التحتية في البلاد، سواء في التعليم أو الصحة أو النقل العام. فالمدارس تعاني من اكتظاظ ونقص في الكوادر، والمستشفيات تفتقر للتجهيزات والخدمات الكافية، والنقل العام لا يزال بدائيًا ولا يلبي الحد الأدنى من احتياجات المواطنين.
وهذا يثير تساؤلًا مشروعًا: أين ذهبت كل هذه الأموال؟ ومن استفاد من هذا الدين الهائل؟
لقد قال جون فوستر دالاس، وزير خارجية الولايات المتحدة في الخمسينيات:
“المعونة وسيلة لممارسة النفوذ دون إطلاق رصاصة واحدة.”
وهذا تمامًا ما يحدث لدينا. فالمعونة أصبحت إحدى أدوات الهيمنة الناعمة. نستورد بها قراراتنا، ونرتهن لها في ملفات داخلية سيادية، من التعليم إلى الاقتصاد، ومن الأمن الغذائي إلى السياسات العامة.
الاستقلال الحقيقي ليس وثيقة تُقرأ في الإذاعة، ولا احتفالًا سنويًا يُمَوّل بمنح أجنبية.
الاستقلال الحقيقي هو مشروع مستمر، يحتاج لإرادة سياسية جريئة، ولقطع الحبل السري الذي ربط الدولة لعقود بعواصم القرار الأجنبي.
نعم، آن الأوان لنسأل: هل نحتفل بالاستقلال، أم نحيي ذكراه بينما نعيش نقيضه؟
اخيراً هل فعلاً سياساتنا الداخلية والخارجية ” من شور راسنا ”؟

باحث وناشط سياسي/الاردن
[email protected]