قبل بدء مسيرة “الأعلام” المثيرة للجدل.. تعزيزات أمنية إسرائيلية احتفالاً بضم القدس الشرقية في ظل الحرب العنيفة في غزة

قبل بدء مسيرة “الأعلام” المثيرة للجدل.. تعزيزات أمنية إسرائيلية احتفالاً بضم القدس الشرقية في ظل الحرب العنيفة في غزة

القدس- (أ ف ب) – انتشر عناصر الشرطة الإسرائيلية في أنحاء القدس الشرقية المحتلة وحول أسوار البلدة القديمة الإثنين، استعدادا لمسيرة “الأعلام” التي يتصدرها المتطرفون، على وقع دوي الحرب المدمرة في قطاع غزة.
تُنظم المسيرة بمناسبة ما تسميه إسرائيل ذكرى “إعادة توحيد” شطري المدينة التي احتلت الجزء الشرقي منها وضمته إثر حرب حزيران/يونيو 1967. ولم يعترف بها المجتمع الدولي بهذا الضم ولا بإعلان إسرائيل القدس بشطريها عاصمة لها، فيما يُنشد الفلسطينيون إقامة عاصمة لدولتهم العتيدة في القدس الشرقية.
ويشارك سنويا آلاف القوميين الإسرائيليين وعدد كبير منهم من اليهود المتدينين في المسيرة التي تبدأ من الشطر الغربي للمدينة وصولا إلى البلدة القديمة في القدس الشرقية مرورا بالحي الإسلامي وأغلب سكانه فلسطينيون.
ومن بين هؤلاء، وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير الذي دخل مع عدد من أعضاء حزبه إلى باحات المسجد الأقصى، وهو تصرف دانه الأردن مؤكدا أن “لا سيادة لإسرائيل” على القدس الشرقية المحتلة والمسجد الأقصى الذي يعد ثالث الأماكن المقدسة لدى المسلمين ورمزا للهوية الوطنية الفلسطينية.
وقال بن غفير في مقطع فيديو على تلغرام وقد بدا خلفه مسجد قبة الصخرة “صعدت إلى جبل الهيكل بمناسبة يوم القدس، صليت من أجل النصر في الحرب، من أجل عودة جميع أسرانا، ومن أجل نجاح رئيس جهاز الشاباك الجديد ديفيد زيني. عيد قدس سعيد”.
ويلوَح المشاركون في المسيرة بالأعلام الإسرائيلية ويرقصون مرددين أغاني وشعارات عنصرية وتحريضية ضد العرب.
تنتهي المسيرة في المساء عند حائط البراق الذي يسميه اليهود “الحائط الغربي” ويقولون إنه آخر ما تبقى من الهيكل الثاني الذي دمره الرومان عام 70 ميلادية. ويُعد هذا الموقع الأقدس لدى اليهود الذين يُسمح لهم بالصلاة فيه.
قال يوسف أزولاي، طالب إحدى المدارس الدينية وعمره 21 عاما، “نحتفل بهذا اليوم الذي انتصرنا فيه على جميع أعدائنا، ونحن هنا الآن لنحمد الله على هذه المعجزة”.
بدأت فعاليات “يوم القدس” مساء الأحد، كما هي الحال في الأعياد اليهودية، برفع علم إسرائيلي ضخم في الباحة أمام الحائط.
وبدت المحلات التجارية في البلدة القديمة مغلقة. ففي مثل هذا اليوم من كل عام، تفرض السلطات الإسرائيلية على التجار في البلدة القديمة إغلاق محالهم، وتمنع الشرطة الفلسطينيين من الاقتراب من المسيرة التي يرون فيها استفزازا متعمدا لمشاعرهم.
وقال تجار لوكالة فرانس برس إنهم تلقوا تعليمات من الشرطة الإسرائيلية بعدم الحديث إلى الصحافيين أثناء مسيرة هذا العام.
وغالبا ما تشهد هذه المسيرة مواجهات، خاصة داخل أزقة البلدة القديمة.
العام الماضي، تعرض صحافيان أحدهما فلسطيني لاعتداء من قبل مراهقين مشاركين في المسيرة.
في 2021، وفي اليوم المحدّد للمسيرة وبعد مواجهات بين فلسطينيين والشرطة في القدس الشرقية، أطلقت حماس وابلا من الصواريخ على إسرائيل واندلعت على الإثر حرب استمرت 11 يوما بين الجانبين.
وعام 2022، اندلعت اشتباكات بين الفلسطينيين وقوات الأمن الإسرائيلية خلال المسيرة أسفرت عن إصابة 79 شخصا على الأقل.
وسجل الجيش الإسرائيلي الاثنين إطلاق ثلاث قذائف من قطاع غزة الذي يعيش حربا مدمرة، سقطت اثنتان منها داخل القطاع، وتم اعتراض واحدة.
– مسيرة الورود –
وكما العام الماضي، نظم نشطاء يساريون إسرائيليون مسيرة “الورود” المضاده لمسيرة الأعلام.
وقال غادي غفرياهو وهو منظم المسيرة وقائد حركة “تاغ مئير” (شارة النور) التي تروج للسلام والتعايش ردا على الكراهية والعنصرية ضد الفلسطينيين، “سنوزع ورود السلام على سكان القدس وخاصة المسلمين والمسيحيين”.
أما المديرة التنفيذية لمركز العمل الديني في إسرائيل أورلي ليخفسكي فأكدت “نحن غير مستعدين للقبول بأن يتم الاحتفال بهذا اليوم وسط العنف والعنصرية”.
وأشارت إلى أن “مسيرة الاعلام” شهدت تصعيدا سلبيا في السنوات الأخيرة معربة عن أملها في أن تكون مسيرة الورود “صوتا يهوديا من أجل قدس مختلفة ودولة إسرائيلية ذات توجهات مختلفة”.
وفي البلدة القديمة في القدس، قَبِل بعض الفلسطينيين الورود التي قُدمت لهم.
لكن رجلا مسنا كان يجلس قرب باب العمود رفض ذلك قائلا “هل ترى ماذا يحصل في غزة؟ أنا آسف لكن لا يمكنني قبولها”.
– انتشار أمني كثيف –
أعلنت الشرطة الإسرائيلية الأحد نشر “آلاف” من عناصرها في أنحاء المدينة “لضمان أمن وسلامة الجمهور”.
وفي خطوة مثيرة للجدل، من المقرر أن ينعقد مجلس الوزراء الإسرائيلي الإثنين في بلدة سلوان جنوب أسوار القدس، وفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو.
وتضم سلوان موقعا أثريا يعرف باسم “مدينة داوود” ويعتقد أنه كان موقع القدس القديمة في عهد الملك داوود الذي تحمل اسمه.
منذ احتلال القدس، توسعت المستوطنات الإسرائيلية في الشطر الشرقي من المدينة وازداد عددها رغم انها تعد غير قانونية بموجب القانون الدولي الذي يدينها.
وتعتبر إسرائيل القدس عاصمتها “الموحدة وغير قابلة للتقسيم” رغم عدم اعتراف المجتمع الدولي بذلك، عدا عن الولايات المتحدة التي اعترف رئيسها دونالد ترامب خلال ولايته الرئاسية الأولى بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إليها.
مساء الأحد، حضر السفير الأميركي لدى إسرائيل مايك هاكابي ووزير الأمن الداخلي الأميركي كريستي نوم جزءا من فعاليات إحياء “يوم القدس” عند الحائط الغربي أو حائط البراق عند المسلمين.