ماذا سيحدث بعد سوريا الشرع؟

وجيدة حافي
“ما يحس بالجمرة غير اللي عافص عليها “بمعنى لا يُحس بالألم والفاقة غير المعذبون في الأرض، وكم هم كُثر في عالم مليئ بالحروب والصراعات، والسوريون يعرفون جيدا ما معنى النور بعد إنقطاع الكهرباء، والطعام الصالح والمُفيد، وغيرها من الضروريات عند بعض الشعوب، فرفع العقوبات عند السوري البسيط إنجاز كبير وخطوة مُهمة للإستقرار الإقتصادي المُهم في هذه المرحلة بالذات، وفرصة لبناء دولة جديدة بعيدا عن النظام السابق الذي حسب بعض السوريين فشل في تحقيق كثيير من الأحلام البسيطة والعادية، ورحيله نعمة لا تُعوض بعد كل هذه المعاناة، أراء نحترمها ونحترم أصحابها، لأن كلمة عقوبات تعني إنهيار نظام داخلي ونمط عيش صعب لا يدفع فاتورته إلا أبناء الوطن، ودرجة تحمل الدول المعاقبة تختلف بإختلاف درجة العقوبة ونوعها، والبلد المعني بذلك، فما تتحمله إيران لا تستطيع سوريا أو أي بلد مُنهك ومُتعب، خارج من حروب داخلية أو إقليميية، لكن ماذا بعد رفع العقوبات؟ وكيف سيكون شكل سوريا الجديد؟
في الحقيقة جميعنا فرح بالقرار وإستبشر، شرط أن لا يكون ظاهره خيرا وباطنه شرا ومكيدة، فأمريكا لا تفعل شيئ ببلاش، وشروطها ستكون مجحفة وظالمة في حق بلد عربي آخر حدوده ملتهبة وإسرائيل تتوعده وتحاول السيطرة عليه بكل الطرق، وشروط ترامب معروفة وهدفها ضرب عصفورين بحجر واحد، فمن جهة سيربح بلد عربي آخر ويضمه لقائمة المُطبعين، ومن أُخرى سيُضيق على إيران والمُقاومة ويضغط عليهم لقبول مُقترحاته وصديقه بيبي، والسعودية كانت البوابة التي أعلن منها خطته لزيادة الخير ولكسب الود والمليارات والهدايا الثمينة الكفيلة بإنعاش دُول وإعادتها لخط التنمية والتطور، فترامب لا يمل ولا يكل وهدفه واضح لا يبتعد كثيرا عن كل رؤساء أمريكا منذ قيامها، فاللاعبون في المنطقة كثيرون، وكل يتطلع لحصته للمشاركة في إعادة الإعمار وبناء البنية التحتيتية لسوريا في كل النواحي لبناء شكل خارجي سوري قريب جدا من البناء العالمي الحديث، أما داخليا فالله وحده يعلم ماذا حدث ويحدث في كواليس اللقاءات بين القادة، والكرة الآن في ملعب الرئيس الحالي ليُدير المرحلة القادمة بذكاء مع رجل لا يعرف الصداقات وحياته كلها بزنس وعلاقات، وتنازله أمام العالم كله ليس لعيون صديقه “الأمير بن سلمان”، فما خفي أعظم والمرحلة القادمة ستكشف هذا وبالتدريج.، لأن رفع العقوبات لا يعني إستثمارات وأسواق جديدة تُفتح، والسماح بدخول مواد وأجهزة ممنوعة في السابق، فهو كذلك شركات أجنبية جديدة بإسم الإستثمار، تتحكم في الموارد والثروات، وتفرض منطقها وفلسفتها السياسية تحت غطاء تجاري، فالبناء يبدأ من الداخل والعقوبات الداخلية لابد أن تجد لها حلا عوض التمادي في سياسة الترهيب ورفض الحوار مع كل الأطياف بحجة الإرهاب، فالوقت مازال للشرع وكل المسؤولين هناك لتفادي غلطة لبنان والوقوع في فخ الطائفية والصراعات الداخلية لإنقاذ ما تبقى.
وفي إنتظار تطبيق القرار الذي رُبما سيطول بإعتبار العقوبات المفروضة على سوريا تدخل في ” قانون قيصر” الذي فرض عقوبات على كل دولة تتعامل مع سوريا إقتصاديا أو سياسيا دون توفر شروط المحاسبة والإنتقال السياسي السلس، فهي عقوبات ملزمة بنص قانوني لا يمكن للرئيس الحالي رفعة أو تعديله الا بموافقة تشريعية من الكونغرس، فقانونيا “ترامب” لا يملك سلطة رفع العقوبات دون الرجوع للكونغرس الذي لا يتحرك بسهولة لتعديل قوانين مثل قيصر بسبب الإنقسام بين الديمقراطيين والجمهوريين، وتأثيير لوبيات الضغط الحقوقية وغير الحقوقية، والحل الوحيد للتسريع في العملية هو قبول شروط أمريكا لتغيير التصورات التقليدية عن النظام السوري، فبالفعل ترامب لعبها جيدا ومن كل النواحي وقريبا سنرى بلد عربي جديد مطبع، وفلسطنيين يُهجرون قسرا لسوريا، وإعتقالات داخلية فقط لإرضاء الغرب والبقاء في الحكم، وهنا يجب التنويه أن الشرع إذا حقا ثبث ما تم تداوله عن بداية لقاءات مع الكيان، فهو لا يختلف عن من سبقوه من حكام الأمة اللاهثين وراء المصالح والكرسي.
كاتبة من الجزائر