آسيا العتروس: الاء النجار رمز فلسطين وأم النساء الشجاعات عبر العصور

آسيا العتروس: الاء النجار رمز فلسطين وأم النساء الشجاعات عبر العصور

 

 

اسيا العتروس
نعم اعترف عندما وقعت عيناي على الخبر لو انها ارتقت مع ابناءها التسعة الذين اغتالهم الاحتلال وكانت حضنا لهم في السماء.. عن ألاء النجار الطبيبة الام المغدورة التي فجعت في اطفالها أتحدث.. أكيد أنها كانت تناديهم وهي تعد لهم وجبات الطعام كل يوم أو تدعوهم للنوم وتبحث لهم عن مكان ياويهم منذ بدأت الحرب.. بل لعلها تخيلت أن تفقد أحدهم خلال الغارات الاسرائيلية أو تفقد اثنان أو ثلاثة منهم أو ربما نصفهم ولكن الاكيد أنها لا ولم تتخيل أن يخطفهم جيش الاحتلال الارهابي جميعا مرة واحدة ..
يحي ركان رسلان جبران ايف ريفان سيدين لقمان وسيدرا.. حملت ووضعت وأرضعت واحتضنت وقبلت ومسحت على رؤوسهم وشمت عطرهم وصففت خصلا شعرهم …لقد حملت كل منهم تسعة أشهر في بطنها وجعلت في خيالها لكل منهم حكاية تعيش بها ومعها.. حكاية حب وعنوان وحلم تحمله في انفاسها..
هل يعقل أن نتمنى الموت لاي كان؟ طبعا ليس من الطبيعي ولا من الانسانية في شيء أن نتكنى ذلك, لكن محنة ومأساة وبشاعة ما تعرضت له الاء النجار دفعني في لحظة أن أقول ذلك وأنا اتابع تطورات مأساة خنساء فلسطين بل وأم الخنساوات في كل العصور والازمان.. وكنت امني النفس بتكذيب للخبر ولكن لم يحدث ذلك وقد نشر لاحقا أن احد ابناءها العشرة لا يزال في العناية المركزة مع زوجها ولا يمكن الا أن ندعو الله أن يحفظهما لها ..
لا معتصم لغزة ولا نصير قريب أو بعيد كل العالم في حالة ترقب وانتظار متواطئ لما سيقرره مجرم الحرب ناتنياهو الذي يتباهي يقدراته على ادارة العالم والتمرد على حلفاءه ومزوديع بكل انواع السلاح بما في ذلك الاسلحة المحرمة دوليا ليواصل تنفيذ المحرقة التي يقودها امعانا في الانتقام من غزة واهلها حتى يدفعهم للاختيار بين الموت قصفا وقهرا او الموت جوعا..
ما أقسى و ما أبشع و ما أثقل ما يعيشه اهالي غزة والامهات هناك من ويلات هذه المحرقة التي يأبى العالم ايقافها ..ما يجري في غزة يفوق الاحتمال و يفوق الوصف و تعجز الكلمات بل و كل لغات العالم في نقله ..مأساة الطبيبة الفلسطينية الاء النجار أم العشرة أطفال التي لم تتوقف عن أداء رسالتها الانسانية النبيلة في مستشفى ناصر بغزة بعد كل الهجمات التي تعرض لها تفجع في ابناءها أطفالها فلذات اكبادها الذين سيصلون اليها تباعات حيث كانت تقف تبلسم جراح مرضاها ..سبق و اعلن في غزة عن استشهاد عائلات بأكملها أبيدت من السجلات المدنية و اعلن أيضا عن خنساوات بينهن من فقدت ابنا هو وحيد ابويه بعد طول انتظار و بينهن من فقدت خمسة من اطفالها و ظلت تلتقط اطرافهم اشلاء لتحفظهم في قبرهم و بينهم من فجعت في ابناءها الستة جميعا و في كل مرة كنا نعتقد واهمين أن فظاعة و بشاعة الجرم سيكون الاخير و أن العالم لا يمكن أن يسمح باستمرار ما يجري في غزة دون أن يتحرك لمنع المزيد و جاءت فاجعة الطبيبة الام الاء النجار لتصيبنا بأكبر صدمة و تجعلنا نعتقد أن العالم أصيب بداء التوحش و لم يعد يحركه شيئا من أهوال غزة التي تنام و تصحو منذ عشرين شهرا على وقع القصف الهمجي ..طبعا لسنا نتحدث عن العرب أو المسلمين فلا خير يرجى ممن  اعتقدنا أنهم خير أمة أخرجت للناس فهم يعيشون خارج الزمن و غزة حدث عابر ليست من اولوياتهم و ان حدث و تعرضوا لما يجري في غزة فلا يملكون أكثر من بيان محبر بكلمات جامدة لا تحرك السواكن ..ادرك اهل غزة و ادرك الفلسطينيون أن اشقائهم العرب لا يملكون لهم شيئا و لا يعول عليهم ..
كل العالم يندد بما يجري في غزة ولكن لا أحد بارد الى الاستجابة لصرخات غزة ورفع المعاناة وملاحقة الجناة .. وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس دعا أمس المجتمع الدولي الى فرض عقوبات على إسرائيل لوقف الحرب في غزة…دعوة تأخرت كثيرا ولكن متى تحققت فقد تكون متنفسا لغزة وأهلها للخروف من نفق الموت والدم ..
أم يحي ركان رسلان جبران ايف ريفان سيدين لقمان وسيدرا تستحق أن تقام لها النصب التذكارية في كل عواصم ومدن العالم وأن تدرس حكايتها لكل الاجيال وأن تصنع حولها الافلام لتكون الشاهد الحي على مأساة ترفض أن تنتهي ومحنة صنعها الاحتلال الاسرائيلي وبررها صمت وتواطؤ العالم الحر حبيس عقدة الذنب التي اخضعته للابتزاز الصهيوني الى ان تحول شريكا في الجرم …

كاتبة وصحفية تونسية