بن غفير يؤدي الطقوس اليهودية في المسجد الأقصى.. ونتنياهو يُدلي بتصريحاته من داخل النفق الذي يهدد بنية المسجد الأقصى!

الياس فاخوري
بن غفير يؤدي الصلوات التلمودية في المسجد الاقصى، ويجاهر بذلك في ساحات المسجد عينه ويعلن من هناك وحشية وبربرية وفاشية العمل الصهيوني على سحق الشعب الفلسطينيي .. ونتنياهو يُدلي ببياناته من قلب النفق الذي يهدد بنيان المسجد الأقصى الذي بُني تحته لهذه الغاية عام 1996 استمراراً للحفريات التي تقوم بها جماعة أمناء الهيكل منذ عام 1967!
فهل نُذكِّر العالم بالإجمال وأمة ال 2 مليار بشكلٍ خاص؟ “وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (الذاريات – 55):
انه المسجد الأقصى، أولى القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين، ومسرى رسول الله ﷺ واليه تُشد الرحال .. “سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ” (الإسراء – 1).
وهل تقتصر بربريتهم على اقتحام المسجد المبارك ام يتعدون ذلك الى محاولة هدمه لبناء هيكلهم المزعوم بجماجمنا، “لا بخشب الأرز” كما صرّح غير مرة الجنرال رافاييل ايتان (صاحب شعار “العربي الجيد العربي الميت”)؟ وهذا السفير الأميركي المعين لدى “اسرائيل” يدعو “لتغيير الشرق الأوسط بأبعاد توراتية”!
وهنا لا بد من الإشارة لغزة وخنساء فلسطين .. من صرخة زينب في كربلاء الى انين آلاء في طوارئ غزة: ما رأينا الا جميلاً ولن نركع! هي أمٌ من غزة لا تركع وقد ارتقى لها يحيى، ركان، رسلان، جبران، إيف، ريفان سيدين، لقمان، سيدرا ببركات طوفان الأقصى الذي يكتسح الاحتلال ويلقي به الى الهاوية.
وهذا يعيدنا لصلافة وعنجهية رئيسة وزراء إسرائيل بعد هزيمة عام 1967 اذ قالت: “إني أشم رائحة بلادي في الحجاز! وهي وطني الذي علي أن أستعيده” .. ومعها يتماهى الكاتب والسياسي الإسرائيلي Avi Lipkin في مؤلفه “Return To Mecca” .. عنوان الكتاب وغلافه يكفي حيث تدخل مكة المكرمة بمسجدها الحرام المبارك وكعبتها المشرفة كما المدينة المنورة ضمن مملكة يهوة!
وعلى هذا بنى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو تصريحه الوقح ان لدى السعودية ما يكفي من الأراضي لتوفير دولة للفلسطينيين حيث قال في مقابلة مع “القناة 14” الإسرائيلية إنه “يمكن للسعوديين إنشاء دولة فلسطينية في السعودية؛ لديهم الكثير من الأراضي هناك” .. وجاءت تصريحات نتانياهو تلك بالتزامن مع تأكيد السعودية أنها لن تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل دون إقامة دولة فلسطينية.
ورغم ذلك كله اتمنى النجاح الكامل للمؤتمر الأممي حول حل الدولتين المزمع عقده، برعاية المملكة العربية السعودية وفرنسا،الشهر المقبل في نيويورك لأعود لما سبق ان ذكرته في عدة مقالات:
“في منتصف التسعينات من القرن المنصرم، التقيت برجل الاعمال رئيس (احدى) كبريات الشركات الاميركية العالمية (لعلها كانت، حينها، كبري الشركات الاميركية العالمية بالمطلق) .. يهودي الديانة غير صهيوني .. وكان بصحبته أمريكيان اثنان من رؤساء شركات تابعة للمجموعة .. بعد ان فرغنا من مناقشة اعمال المجموعة في الشرق الأوسط وآسيا وإفريقيا، قادنا الحديث الى الوضع السياسي في المنطقة و”اسرائيل” واتفاقية أوسلو بمضاهاتها كامب ديفيد تحديداً .. كانت نصيحتي ان تقوم “اسرائيل” بتنفيذ القرارين الأمميين 181 و194 (وهما شرط قبول عضوية “اسرائيل” في الأمم المتحدة أصلاً) بصرف النظر عن أوسلو وكامب ديفيد .. ولتُقِم دولتها على مساحة لا تتعدى 54% من مجموع مساحة فلسطين البالغة 27027 كم2 — لا اسرائيل التوراتية، ولا اسرائيل الكبرى او الكبيرة، ولا اسرائيل العظمى او العظيمة، ولا “يهودا والسامرة”، ولا “اسرائيل” المقدسة ولا امريكا المقدسة .. ولِتُعلن إعترافها ب“الجمهورية العربية الفلسطينية” المستقلة على 46 % من مساحة فلسطين التاريخية بعاصمتها القدس الشريف على أساس حل الدولتين والعودة الواحدة (عودة الفلسطينيين المهجرين الى أراضيهم وديارهم) تنفيذاً للقرارين الأمميين 181 و194، ولتبادر لنزع السلاح — وإلّا فالحل بالعودتين والدولة الواحدة!”
واليوم اكرر ما قلته حينها من غير خشية او خوف من “تكشيرة يهوه” بكرة النار التي يمسكها من خلال ترسانته النووية والايديولوجيا التي تتقيأ الدم، كضرورة وجودية لبقاء “اسرائيل” .. وبصرف النظر عن
الإصابة بالعمى الايديولوجي والعمى التاريخي، والعمى الاستراتيجي، فقد جاء رد فعل المقاومة ورجال الله في الميدان ليعلن فشل الحروب “الإسرائيلية” كما أكد ذلك طوفان الأقصى على ساعة السابع من اكتوبر/تشرين الاول 2023 .. سقطت الثقة بقدرة الجيش “الاسرائيلي” على الحماية وقد عجز عن التقدم في الحرب البرية ولم يتمكن من الوصول الى الليطاني، وانهارت القبة الحديدية بازدياد عدد صواريخ المقاومة وتوسع دائرتها .. فشل جيش الاحتلال في استعادة الأسرى، وفشل في اعادة مستوطني الشمال وغلاف غزة .. فشل في سحق المقاومة كما في الرهان على التهحير (غزة ولبنان) .. وهكذا يتوقف مستقبل/بقاء “اسرائيل” على تحقيق النصر الحاسم ومشروع المقاومة يتمثل في منع “اسرائيل” من تحقيق النصر الحاسم .. وفي هذا السياق انبعث طوفان الأقصى؛ لم يكن حرب تحرير او استنزاف، بل كان اقرب الى انفجار كبير قَلَبَ الطاولة الإقليمية والدولية واجهض البدء بتنفيذ مشروع الرئيس الأميركي جو بايدن الذي أُعلن في قمّة العشرين (نيودلهي) تحت شعار طريق الهند إلى أوروبا مروراً ببعض دول المنطقة و”إسرائيل” وكان من متطلباته القضاء على المقاومة في غزة ولبنان بحرب مفاجأة استبقتها ساعة السابع من اكتوبر/تشرين الاول 2023!
باختصار أُكرر، هو حل الدولتين والعودة الواحدة (تكتيكياً)، وحل العودتين والدولة الواحدة (استراتيجياً) حيث الى المسجد الأقصى تُشد الرحال .. انه أولى القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين، ومسرى رسول الله ﷺ ..
الدائم هو الله، ودائم هو الأردن العربي، ودائمة هي فلسطين بغزتها وقدسها و”الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ” ..
نصركم دائم .. الا أنكم أنتم المفلحون الغالبون ..
كاتب عربي أردني