فخ ومسرحية وتحذير.. صور أظهرت الجيش الإسرائيلي وكشفت عن أخطر المؤامرات وقلبت الرأي العام.. مساعدات مشروطة بالاستسلام وثمن الوطن في صندوق.. من هم الأشخاص في الصور؟ وما هي مصالحهم؟ وما هو المخطط الخطير الذي يُدبَّر لغزة؟

غزة – خاص بـ”رأي اليوم”- نادر الصفدي:
يبدو أن الفخ الذي نصبه الجيش الإسرائيلي، لسكان قطاع غزة المُحاصرين والذين يعانون الأمرين من انتشار المجاعة والأمراض بفعل الحرب الطاحنة، لم يكن جيدًا بما فيه الكفاية خاصة أنه تم كشفه بعد دقائق قليلة فقط من نشر صور حصول المواطنين على مساعدات إنسانية.
الصور التي نشرها الجيش الإسرائيلي، لمواطنين يتلقون المساعدات من احدى النقاط العسكرية والمحاطة بالسياج من كل جانب، كانوا في كامل أناقتهم من قمصان وأحذية واهتمام مبالغ فيه بمظهرهم الخارجي، كأنهم أتو من مكان خارج غزة التي أحرقت الحرب الأخضر واليابس فيها، وهو ما كشف اللعبة والفخ الإسرائيلي.
وسرعان ما عجت وسائل التواصل الاجتماعي بكل أشكالها بصور الجيش الإسرائيلي، وحذرت المواطنين من الوقوع بالفخ وطالبتهم بعدم الاستجابة لأي مطالب إسرائيلية في التوجه لنقاط المساعدات التي وضعها جيش الاحتلال خاصة في جنوب قطاع غزة.
وصباح اليوم (الثلاثاء)، نشرت أجهزة الاحتلال الإسرائيلي وأذرعها الإعلامية صورًا قالت إنها توثق توزيع مساعدات على نازحين في منطقة تل السلطان غرب رفح.
والصور التي بُثت بكثافة، وُصفت بأنها جزء من “الآلية الإنسانية الجديدة”، غير أن التوقيت المدروس، والزوايا المنتقاة بعناية، والأشخاص الظاهرين في المشهد، أثاروا شكوكًا واسعة حول مصداقيتها.
وبحسب ما تناقلته وسائل إعلام فلسطينية، فإن ما أسمته بـ”مسرحية تلّ السلطان” كُشف من خلال التدقيق الميداني وتحقيقات الجهات المختصة أن هذه الصور لا تعكس واقع الميدان، بل تمثل محاولة مكشوفة لصناعة مشهد “نجاح وهمي” يخدم الرواية الإسرائيلية، التي تسعى لتجميل وجه آلية الإذلال التي يرفضها شعبنا بإجماع مكوناته ومؤسساته.
فلا أثر في الوجوه الظاهرة للمعاناة أو الإرهاق، ولا يظهر على من يحملون الطرود أي غبار أو أثر مشي لمسافات طويلة، رغم أن منطقة التوزيع بعيدة ولا يمكن الوصول إليها إلا سيرًا على الأقدام، ومعظمهم لا يرتدون قبعات تقيهم شمس رفح اللاهبة، والبعض يرتدي ملابس ثقيلة لا تتناسب مع الأجواء الحارة، ما يعزز الشكوك بأنهم ليسوا نازحين بل سائقو شاحنات أو أفراد تم إعدادهم مسبقًا لتمثيل هذا المشهد.
مصادر أمنية أكدت أن من شاركوا في هذه الصور ليسوا مواطنين كما ادعى الجيش الإسرائيلي، بل أفراد من شركات تتعاون مع الاحتلال، في تنفيذ مخططاته الخطيرة.
وتضيف وسائل إعلام، أن تزييف مشهد إنساني لكسر الإرادة وما نشره الاحتلال لم يكن توثيقًا لحالة إنسانية، بل محاولة لفرض صورة ذهنية مزيّفة، هدفها كسر الحاجز النفسي، ودفع الجائعين والمحتاجين للانخراط في ما يسمى بـ”الممر الإنساني”، تحت وهم النجاة من الجوع، في حين أن الحقيقة المرة أن الاحتلال لا يوزع مساعدات، بل يساوم على الكرامة، ويستثمر الحاجة كأداة للضغط السياسي والاجتماعي.
وحذرت جهات فلسطينية من الوقوع في هذا الفخ، وأكدت أن المساعدات باتت مشروطة بالركوع، والكرتونة بثمن الوطن، وأن المقلق في هذه المرحلة أن أي تهاون أو تماهي مع هذه الآلية سيُستخدم لتأبيد واقع النزوح وتشريع معسكرات الإذلال كمقدمة لفرض سيناريو التهجير القسري الجماعي، وهي الخطة التي بدأت تتكشف ملامحها منذ الأشهر الأولى للعدوان.
وما جرى في “تلّ السلطان” هو محاولة هروب للأمام من الفشل العسكري والسياسي والإعلامي، فالاحتلال الذي عجز عن كسر إرادة غزة بالسلاح، يحاول الآن كسرها بالجوع، ومن خلال صور مزيّفة، يحاول إقناع العالم أن الشعب الفلسطيني بدأ يتجاوب مع مشاريعه، بينما الحقيقة أن هذه المسرحية بلا جمهور.
وفي سياق متصل، حذر ضابط في أمن المقاومة من التعامل مع دعوات مشبوهة تنادي بتشكيل ما يسمى “لجان حماية غزة”، واصفاً إياها بأنها محاولات صهيونية لتجنيد مرتزقة من الداخل، بهدف تنفيذ مهام أمنية وإثارة الفوضى.
وأكد أن المقاومة ستتعامل مع أي جماعات غير وطنية على أنها أدوات للعدو، لا تقل خطورة عن العملاء المباشرين.
وأمام هذا التطور يبقى التساؤل.. هل ستنجح خطة إسرائيل؟ وهل أصبحت “كرتونة” المساعدات بسعر الوطن؟ ومن سينقذ غزة؟