ما الدوافع وراء توجيه رئيس وزراء مصر لتسجيل أملاك الأوقاف لطرحها على القطاع الخاص؟ ولماذا رأى الكثيرون أن ذلك يعدّ تعدياً على المحظورات؟ الجدل مستمر حول ألغاز الإعلاميين المرتبطين بالسلطة تجاه ما هو قادم.

القاهرة – “رأي اليوم”- محمود القيعي:
أثار اجتماع الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، مع الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف؛ لاستعراض عددٍ من ملفات عمل الوزارة، وذلك بحضور خالد الطيب محمد الطيب، رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية عاصفة من الجدل حول طبيعة الاجتماع الذي تابع رئيس الوزراء فيه موقف إدارة أملاك هيئة الأوقاف وسبل تعظيم استغلالها، موجهًا في هذا الصدد؛ بضرورة إجراء حصرٍ شامل ومُميكن لجميع أملاك الهيئة، على أن يشمل مختلف الأراضي والمباني السكنية والتجارية وغيرها، مؤكدًا أن أي مشروع تنفذه الهيئة بالشراكة مع القطاع الخاص سيحظى بالدعم الكامل من جانب الحكومة، وذلك في إطار تعزيز هذه الشراكات وتحقيق الاستثمار الأمثل لأملاك الهيئة.
البعض تقبل الأمر بقبول حسن في حين أوجس منه آخرون خيفة.
السفير محمد مرسي مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق يعلق على الخبر بقوله إن أملاك الأوقاف وببساطة هي ممتلكات أوقفها أصحابها لأوجه البر والخير ولا يجوز تغيير إرادة واقفيها أو الالتفاف عليها لتوجيه ريع هذه الأوقاف في غير الغرض المحدد لها، وبالتالي فلا تملك الحكومة حق التصرف في هذه الممتلكات مهما أصدرت الدولة من قوانين وتشريعات ولوائح.
ويضيف أن أية قوانين تفتئت علي حق واقفي هذه الممتلكات في تحديد الغرض من استخدامها تخالف الشرع والدين، مشيرا إلى أنه قد يتفهم أن يكون هدف الحصر هو تصحيح المخالفات القائمة ووضع ضوابط لحسن توظيف هذه الأموال والممتلكات وتعظيم العائد منها، ومن هنا فقط يمكن طرح بعض هذه الممتلكات لفكرة الإدارة أو التأجير لفترة زمنية لا تتجاوز العشرين أو الخمسة والعشرين عاماً فقط وبضوابط محددة وواضحة وشفافة، أما غير ذلك- حسب السفير مرسي- فإنه توجه وقرار خاطئ وظالم وفيه إهدار للثروات ولشريعة الله.
ويلفت إلى أنه لا يزال لا يتفهم سر رئاسة وإدارة رجل دين لهذة الثروات الضخمة التي يجب أن يتولي مسئوليتها الكاملة خبراء في الإدارة والاقتصاد، مشيرا إلى أنه لا بأس في أن تكون رئاستها الدينية فقط لوزير الأوقاف ذي الخلفية الدينية.
ويختتم مؤكدا أن بيع ممتلكات الدولة مسألة غاية في التعقيد والخطورة والحساسية ويتم التعامل معها بكثير من القلق والشك في أحيان كثيرة، فما بالنا بممتلكات الأوقاف التي هي في الأساس ملكية فردية لم يهبها أصحابها للحكومة أو الدولة بل لأعمال الخير؟
من جهتها قالت د.عالية المهدي العميد الأسبق لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية إن الحكومة لو كانت غير قادرة على الاستفادة من الأوقاف، فليس أقل من إعادتها لأسر أصحابها؛ لأن الأوقاف ليست ملكا للحكومة لكن مؤتمنة علي ادارتها، فإذا لم تكن قادرة علي إدارتها فلترجعها لأصحابها.
في ذات السياق يرى الكاتب سيد مشرف يقول إنه يقدر سعي د.مدبولي الدائم لتنمية موارد الدولة وتحسين كفاءة إدارة الأصول، ويرحب بأي جهد مخلص يستهدف تنمية أوقاف المسلمين وزيادة عوائدها، لكن بشرط واضح وثابت، لابد أن يكون معلوما للجميع، وهو: أصل الوقف لا يُمس، ولا يُباع، ولا يُحوّل عن الغرض الذي أُوقف له.
وبحسب مشرف فإن الوقف في الشريعة الإسلامية ليس ملكًا للدولة، بل هو حق مخصص لما أوقفه الواقفون، وهم اليوم في قبورهم ينتظرون أجر ما أنفقوه في وجوه الخير، مشيرا إلى أن دور الدولة هو صيانة هذا الحق، وتنمية أصوله، وصرف ريعه فقط على ما وُقف له، لا أكثر ولا أقل.
ويذكّر مشرف بنماذج عالمية ناجحة تدير أوقافًا بالمليارات دون أن تفرّط في أصلها، ومنها: جامعات لها اسمها مثل هارفارد، برينستون، وييل—جامعات عالمية تموّل نفسها من عوائد أوقاف ذكية، تُدار باحتراف، وتُصرف على البحث والتعليم، دون أن تُطرح أصولها للبيع أو الخصخصة.
ويختتم داعيا لتنمية الوقف، رافضا لتفريغه من روحه، مؤكدا أن (الوقف صدقة جارية… وضمير أمة).
ألغاز إعلاميي السلطة في سياق آخر لا تزال تصريحات إعلاميي السلطة الثلاثة:( أحمد موسى وعمرو أديب ونشأت الديهي)، مثار جدل كبير، وهي تصريحات مفادها أن هناك حدثا خطيرا قادما.
اللافت في ردود الأفعال على تصريحات الإعلاميين الثلاثة التأكيد أنهم لا ينطقون عن أنفسهم، بل يبلغون رسالة أوحيت إليهم.
الكاتب السياسي والباحث في شؤون الأمن القومي جمال طه يقول إنه ليس من الغريب أن يخرج سابقا توفيق عكاشة بين حين وآخر “بفرقعة” يحاول بها العودة الى دائرة الاهتمام، مستندا الى رصيد ضحل من تنبؤات “حادى بادى” التى ربما تحقق بعضها بمحض صدفة لاعلاقة لها بتحليل أو تنبؤ سياسي.
ويضيف: “أما وأن يخرج اعلاميون محسوبون على الدولة، ومن خلال وسائل اعلام شبه رسمية، ويكررون ذات التنبؤات فهو ما لا أستطيع تفهم مبرراته أو دوافعه”.
وبحسب طه فإن مهمة إعلام الدولة هى بث الطمأنينة لدي الرأى العام، وتعزيز ثقته فى الدولة، وإحاطته بما التبس عليه من تفسير للأحداث حتى لا يقع فريسة لعمليات التشويه المعادية.
ويختتم متسائلا: أن ينزلق إعلاميون الى نشر الغموض، وذرع القلق، وبث الشكوك لدى المواطنين، فلمصلحة من يقومون بذلك؟! وما هو الهدف؟!
ويخلص إلى أن الدولة لا ينبغي أن تقف صامتة أمام تلك الممارسات، لافتا إلى أنهم تجاوزوا مرحلة الجهل وانعدام المهنية، ليدخلوا مرحلة الشك فى ولاءاتهم، مشددا على أن الإعلام هو حائط الصد أمام ما تتعرض له بلادنا من تهديدات وحملات مضادة.
في ذات السياق يرى الباحث عمار علي حسن أنه في زمن العتمة يكون علينا أن نفك شفرات الألغاز التي يلقيها في وجوهنا إعلاميو السلطة في هذه المساءات المقبضة.
ويضيف: “خرجوا جميعًا بالأمس يقولون لنا: استعدوا، هناك قادم يستحق الحذر واستنفار الهمم. لكنهم لا يقولون لنا شيئًا عن هذا الآتي المخيف. علام إذن كنتم تسخرون من الإخوان حين كان مكتب إرشادهم يقول لأتباعه: استعدوا للتظاهر كي تؤيدوا القرار، دون أن يخبرهم ما هو القرار. ولا تمر ساعات حتى يلغى القرار، فيقولون للأتباع: تظاهروا مباركين إلغاء القرار، فيخرجون إلى الشوارع ويعودون إلى منازلهم، وقلة منهم قد تسأل: ما هو هذا القرار؟
ما الفرق إذن؟ لا شيء، التمكين تحول إلى استحواذ، وشعار “القيادة تعرف أكثر” لا يزال مرفوعًا، والعتمة مستمرة، ومعها الأوهام مقيمة.”.
ويختتم داعيا إلى الحديث للشعب في النور، فهو صاحب الأرض والمال والسيادة والشرعية، وهو الباقي إلى قيام الساعة.