“مجاعة الجوعى”.. الجيش الإسرائيلي يفتك بثلاثة فلسطينيين ويصيب 46 آخرين خلال توافد المواطنين على مركز توزيع المساعدات في جنوب غزة، و”حماس” تندد بالجريمة، والأمم المتحدة تصف الحادث بالمروع.

غزة/الأناضول- قال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، الثلاثاء، إن الجيش الإسرائيلي قتل 3 فلسطينيين وأصاب 46 آخرين، في مجزرة بحق الجوعى داخل ما يُسمى “مراكز توزيع المساعدات” برفح جنوب القطاع.
وذكر المكتب في بيان أن “الجيش ارتكب مجزرة مكتملة الأركان في مدينة رفح، راح ضحيتها 3 شهداء مدنيين، وأصيب 46 آخرون بجراح متفاوتة، فيما لا يزال 7 مواطنين في عداد المفقودين، وذلك خلال تجمّعهم داخل ما يُسمى مراكز توزيع المساعدات التي يديرها الاحتلال الإسرائيلي ضمن ما يعرف بـالمناطق العازلة”.
وفي وقت سابق الثلاثاء، اقتحم آلاف الفلسطينيين الجائعين مراكز توزيع مساعدات أقامتها إسرائيل في ما يُسمّى “المناطق العازلة” جنوب القطاع، حيث تدخل الجيش الإسرائيلي وأطلق النار عليهم ما أدى إلى إصابة عدد منهم، وفق إعلام فلسطيني.
وذكر البيان، أن “قوات الاحتلال الإسرائيلي المتواجدة في أو بمحيط تلك المناطق أطلقت الرصاص الحي تجاه المدنيين الجوعى الذين دعتهم للحضور لاستلام مساعدات وهم الذين دفعتهم الحاجة الماسة إلى الغذاء للذهاب إلى تلك المواقع”.
وأعرب خشيته من “تكرار الاحتلال لهذه الجريمة مجدداً ووقوع المزيد من الشهداء والمصابين والمفقودين”.
وقال المكتب الإعلامي في بيانه : “ما جرى في رفح مجزرة وجريمة حرب ارتكبت بدم بارد ضد مدنيين أنهكهم الحصار والتجويع، ضمن مخطط واضح للإبادة الجماعية والتهجير القسري الذي أقر به نتنياهو وعدد من وزرائه”.
وأكد “فشل مشروع الاحتلال لتوزيع المساعدات عبر ما يسمى المناطق العازلة، كما أظهرت تقارير ميدانية وشهادات إسرائيلية وعشرات الخبراء الدوليين، بعد مشاهد مأساوية لانهيار تلك المراكز أمام زحف آلاف الجائعين واقتحامهم للمواقع تحت ضغط الجوع القاتل، قبل أن تتدخل قوات الاحتلال بإطلاق النار، لتكون النتيجة هذه المجزرة الوحشية”.
وأضاف المكتب، أن ” ما يجري هو دليل قاطع على فشل الاحتلال في إدارة الوضع الإنساني الذي تسبب به عمداً، من خلال سياسة ممنهجة من الحصار والتجويع والقصف والتدمير، وهو ما يُشكّل استمراراً لجريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان بموجب القانون الدولي”.
وشدد على أن ” إقامة غيتوهات عازلة، وخطوط تجميع قسرية وسط خطر الموت والجوع، لا يعبر عن نية إنسانية حقيقية، بل يُجسد هندسة سياسية عنصرية تهدف إلى تفكيك المجتمع الفلسطيني، وإدامة معاناته، وتوفير غطاء إنساني كاذب لأجندات الاحتلال الأمنية والعسكرية”.
وحمل المكتب إسرائيل “المسؤولية القانونية والإنسانية الكاملة عن المجزرة المروعة في رفح ضد المدنيين الجوعى التي قد تتكرر مجدداً، ومسؤولية الانهيار الغذائي في غزة”.
وأدان استخدام إسرائيل “المساعدات كسلاح حرب وأداة للابتزاز السياسي، عبر منعه الممنهج لدخول الإغاثة عبر المعابر الرسمية والمنظمات الدولية والأممية المحايدة”.
وطالب المكتب الأمم المتحدة ومجلس الأمن “بتحمل مسؤولياتهم، والتحرك العاجل والفعال لوقف المجازر، وفتح المعابر فوراً دون قيود، وتمكين المنظمات الإنسانية من العمل بحرية كاملة بعيداً عن تدخل الاحتلال”.
كما طالب بإرسال لجان تحقيق دولية مستقلة لتوثيق جرائم التجويع والإبادة، “وتقديم قادة الاحتلال إلى العدالة الدولية، على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية”.
وناشد المكتب الدول العربية والإسلامية والدول الحرة في العالم للتدخل الفوري، “وتفعيل مسارات إغاثية مستقلة وآمنة تكسر الحصار، وتمنع الاحتلال من استخدام الغذاء كسلاح في حربه الدموية”.
وأعرب عن رفضه القاطع لأي مشروع يعتمد “المناطق العازلة” أو “الممرات الإنسانية” تحت إشراف إسرائيل ، واعتبرها ” نسخة محدثة من غيتوهات الفصل العنصري التي تهدف إلى العزل والإبادة، لا إلى الإغاثة أو الحماية”.
كما أكدت حركة “حماس” أن ما جرى الثلاثاء، بمركز توزيع المساعدات جنوب قطاع غزة يثبت فشل الآلية الإسرائيلية الأمريكية “المشبوهة”، وشددت على أن تلك الآلية تحولت لفخ يعرض حياة المدنيين للخطر.
جاء ذلك في تعليق للحركة على مشاهد اقتحام آلاف الفلسطينيين مركز توزيع أقامه الجيش الإسرائيلي جنوب القطاع، وأشرفت عليها مؤسسة “غزة للإغاثة” المدعومة من تل أبيب وواشنطن، وإطلاق النار عليهم من قبل الجيش.
وقالت الحركة في بيان إن “مشاهد اندفاع الآلاف من أبناء شعبنا تحت ضغط الجوع داخل المركز الذي خصص لتنفيذ الآلية الاحتلالية لتوزيع المساعدات، وما رافقها من إطلاق الرصاص عليهم، يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك فشل هذه الآلية المشبوهة التي تحولت إلى فخّ يُعرّض حياة المدنيين للخطر، ويُستغل لفرض السيطرة الأمنية على قطاع غزة تحت غطاء المساعدات”.
وأضافت: “لقد صممت هذه الخطة خصيصًا لتهميش دور الأمم المتحدة ووكالاتها، وتهدف إلى تكريس أهداف الاحتلال السياسية والعسكرية، والسيطرة على الأفراد لا إلى مساعدتهم، ما يعد خرقا صارخًا للقانون الإنساني الدولي”.
وشددت على أن “ما يسمى بمواقع التوزيع الآمن التي تقام في مناطق عازلة، ليست سوى نموذج قسري لممرات إنسانية مفخخة، يجري من خلالها إهانة المتضرّرين عمدًا، وتحويل المعونة إلى أداة ابتزاز ضمن مخطط ممنهج للتجويع والإخضاع، وسط استمرار المنع الشامل لإدخال المساعدات عبر المعابر الرسمية، في انتهاك واضح للشرعية الدولية”.
ودعت حماس المجتمع الدولي والأمم المتحدة والدول العربية والإسلامية “إلى التحرّك العاجل لوقف هذا المخطط الخطير، والضغط لإلزام الاحتلال بفتح المعابر، وتمكين إدخال المساعدات عبر الأمم المتحدة ومؤسساتها الإنسانية المعتمدة دوليًا”.
كما وقال متحدث الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، الثلاثاء، إن الصور التي تظهر اقتحام فلسطينيين جائعين لإحدى النقاط الإسرائيلية المستحدثة لتوزيع المساعدات في غزة، “أقل ما يقال عنها إنها مفجعة”.
وفي مؤتمره الصحفي اليومي في نيويورك، شدد دوجاريك على أن توسيع نطاق العمليات الإنسانية بشكل هادف “أمر ضروري لدرء المجاعة وتلبية احتياجات جميع المدنيين أينما كانوا”، وفق ما ذكره موقع “أخبار الأمم المتحدة”.
وردا على أسئلة الصحفيين، قال دوجاريك: “الصور التي ظهرت اليوم من إحدى نقاط التوزيع التي أنشأتها مؤسسة غزة الإنسانية، أقل ما يقال عنها إنها مفجعة”.
وأشار إلى أن الأمم المتحدة ليس لديها أي تأكيد مستقل لما حدث في نقطة التوزيع “لأننا لسنا هناك ولسنا مشاركين فيها”.
وأوضح أن الأمم المتحدة وشركاءها لديهم “خطة مفصلة ومبدئية وسليمة من الناحية العملية، ومدعومة من الدول الأعضاء لإيصال المساعدات إلى السكان المحتاجين” في القطاع المحاصر.
وبتجويع متعمد يمهد لتهجير قسري، وفق الأمم المتحدة، دفعت إسرائيل 2.4 مليون فلسطيني إلى المجاعة، بإغلاقها معابر قطاع غزة منذ 2 مارس بوجه المساعدات الإنسانية ولاسيما الغذاء.
واستبعدت تل أبيب الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية، وكلفت “مؤسسة إغاثة غزة” الإسرائيلية الأمريكية المرفوضة أمميا، بتوزيع مساعدات شحيحة جدا بمناطق جنوب قطاع غزة، وذلك لإجبار الفلسطينيين على الجلاء من الشمال وتفريغه.
لكن المخطط الإسرائيلي فشل تحت وطأة المجاعة، بعد أن اقتحمت حشود فلسطينية يائسة مركزا لتوزيع مساعدات جنوب القطاع، فأطلق عليها الجيش الإسرائيلي الرصاص وقتل وأصاب عددا منهم، وفق المكتب الإعلامي بغزة.
وترتكب إسرائيل بدعم أمريكي مطلق منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 حرب إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 177 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.