محمد حستي: الفن كجزء من الهوية – تحليل للتجربة الشخصية للفنان الأمازيغي حساين أوعزو

محمد حستي: الفن كجزء من الهوية – تحليل للتجربة الشخصية للفنان الأمازيغي حساين أوعزو

محمد حستي

 تتضمن هذه الورقة التعريفية سيرة ذاتية مختصرة لفنان شعبي أمازيغي  يُدعى حسين أوعزو،  نسرد في مايلي تطورات المهمة في .مسيرته الحياتية والفنية
المعطيات الزمنية والمسار الحياتي:
تاريخ الميلاد: 3 مارس 1998.
بداية التمدرس: سنة 2006.
ترك الدراسة: سنة 2013 بعد تجاوز قسم التاسعة (المستوى الثالث إعدادي).
بداية النشاط الفني كمُشَرِّف حفلات: من 2014.
قرار دخول عالم الأغاني: سنة 2016.
أول أغنية: سنة 2020.
ثاني أغنية: سنة 2021.
الشهرة وتداول الاسم: سنة 2022.
أهم المحطات:
الخروج المبكر من الدراسة كان نتيجة عدم توفر شعبة فنية تناسب ميوله.
التحول من منشط أعراس إلى فنان غنائي بعد تجربة مباشرة في الحفلات.
الإنتاج الفني بدأ متأخرًا (أول إصدار غنائي في 2020)، رغم بداية العمل في الميدان قبل ذلك بسنوات.
حضور قوي في المنطقة المحلية، حيث يشير إلى بلدته  “ايت عزو” بالريش ويخاطب جمهوره مباشرة.
السمات البارزة:
الفخر بالانتماء المحلي ايت عزو.
خطاب عفوي وشخصي موجه للجمهور، يتضمن مشاعر فخر وشكر واعتزاز.
الاعتماد على التجربة الذاتية الميدانية بدل التكوين الأكاديمي.
التدرج الطبيعي من الهواية إلى الاحتراف في مجال الفن الشعبي.

مقدمة

تمثل التجارب الفردية في المجتمعات التقليدية مرآةً صادقة تعكس عمق القيم الحضارية والثقافية التي تحملها الجماعة. ومن بين هذه التجارب تبرز سيرة الفنان الأمازيغي حساين أوعزو كأنموذج رمزي لفن نشأ من رحم التقاليد الشعبية، وتجذر في التربة الثقافية الأطلسية المغربية، ليعبّر عن الذات الجماعية في علاقتها بالأرض، والزمن، والفن. هذه الدراسة تقارب تجربة هذا الفنان من منظور سوسيولوجي وثقافي، عبر تفكيك مساراته الحياتية، وربطها بجمالية وعراقة الحضارة الأمازيغية من خلال المجتمع الامازيغي بالاطلس المتوسط .
1 – من الذات إلى الجماعة: السيرة كتمثيل للهوية الأمازيغية
يعكس تعريف الفنان حساين أوعزو بنفسه عبر الانتماء الترابي (قصر آيت عزو، زاوية سيدي حمزة، إقليم ميدلت) مركزية الانتماء المجالي في الوعي الجماعي الأمازيغي. إن الثقافة الأمازيغية تعتمد على “الجذر المكاني” بوصفه حاملًا للهوية والرمز الاجتماعي، وهو ما يتجلى في سيرة الفنان حين يُقدّم ذاته من خلال المكان قبل أي صفة أخرى.

2-  الانقطاع عن المدرسة والاتصال بالذاكرة الجماعية.

قرار حساين أوعزو الانقطاع عن الدراسة النظامية يعود إلى فجوة بين المدرسة الرسمية القهرية وحاجات التعبير الثقافي الأمازيغي التي تكون منعدمة في العمق المغربي . هذا يشير إلى أزمة التمثيل الثقافي في المناهج التربوية الرسمية التي تقصي الموروث الثقافي الأمازيغي ،و التي لا تُدرج الفنون الشفهية واللغات المحلية كرافد للتعلم و التثاقف وتغيب البنيات التحية كدور الشباب والمراكز الثقافية والمعاهد الموسيقية  لتتبني وتحتضن المواهب المحلية .

3- الأعراس كمنصّة للحكي والغناء: الفن كامتداد للأسطورة

من خلال تجربة “تنشيط الأعراس”، يُشير الفنان حساين أوعزو  إلى أن الفضاءات الاحتفالية تشكّل مسرحًا حيًا لنقل القيم الانسانية والجمالية ، وتدريب الأفراد على التعبير الرمزي والجمالي أساسي في صقل الموهبة . فالأعراس ليست فقط طقوسًا اجتماعية يلتقي فيها المجتمع الأمازيغي للاستجمام والترفيه ، بل فضاءات لإعادة إنتاج الثقافة الشفهية وتمريرها للأجيال الصاعدة عن طريق الفن ، حيث تتجلى القيم القصوى للفن الأمازيغي كذاكرة جمعية.

4-  الغناء الشعبي الأمازيغي كأداة مقاومة ثقافية وجمالية

عندما قرر الفنان حساين أوعزو إصدار أولى أغانيه سنة 2020، فإن هذه الخطوة لم تكن فقط تقنية أو فعل من أجل الاصدار فقط ، بل كانت استرجاعًا لحق التعبير بلغة وهوية تُقاوم التهميش منذ زمان طويل . فالغناء الأمازيغي الشعبي دائما يحمل هم الاستمرار في الوجود و يعكس بذلك  معاناة الفرد والجماعة ويُجسّد بذلك القيم الجماعية  بلغة مباشرة وإيقاعات موسيقية تقليدية عريقة ، ما يمنحه وظيفة متعدة في الأهداف: فنية ،تربوية ،ثقافية ،اجتماعية  وتوثيقه.
5-  من المحلي إلى الكوني: التمثيل الرمزي للذات الأمازيغية

العبارة الختامية “كنا معاكم حساين أوعزو أينما كنتم” تُشكّل عبورًا من المحلي إلى الكوني. إنها لا تُمثل فقط حضور فنان قروي في الفضاء الرقمي، بل تعبير عن وعي ذاتي بالهوية الأمازيغية كهوية إنسانية قابلة للانفتاح دون الذوبان.
خاتمة
إن تجربة حساين أوعزو لا يمكن فصلها عن السياق الحضاري والثقافي  الأمازيغي الذي يُؤمن بقيمة الفن كذاكرة حية وتمتد في الزمن والمكان ماديا ورمزيا ، لأن الفن والغناء الأمازيغي يمنح للفرد وللجماعة مساحة كبير حرة  ليعيد بناء ذاته داخل الجماعة والمجتمع من خلال الكلمة الموزونة، اللحن المتناغم ، والانتماء الاجتماعي الصلب . فالغناء الأمازيغي لا يقتصر على ا شقه الترفيهي المجرد ، بل هو شكل من أشكال المقاومة الثقافية والجمالية، تُمارَس بحرية داخل فضاءات اجتماعية ثقافية تحفظ للإنسان الأمازيغي قيمه وهويته عبر الأجيال.

 المراجع

بول باسكون، المجتمع المغربي: دراسة سوسيولوجية، دار الطليعة، بيروت، 1980.

حسن رشيق، الاحتفال والهوية في المغرب، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، 2009.

عبد الله حمودي، الذاتية والآخرية: دراسات أنثروبولوجية، أفريقيا الشرق، الدار البيضاء، 2011.

بالفرنسية:

4. Fanny Colonna, Les versets de l’invincibilité, CNRS Éditions, Paris, 2004.

5. Amazigh Kateb, Musique et résistances : Une histoire algérienne, La Découverte, Paris

صور للفنان الامازيغي حساين أوعزو