أ.د. سعد ناجي جواد: نداء إلى رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي لإنقاذ الجمعية العربية للعلوم السياسية

أ د سعد ناجي جواد
سيادة الرئيس
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
في عام 1985 تداعى عدد قليل من أساتذة العلوم السياسية من بعض جامعات الوطن العربي لتأسيس جمعية عربية للعلوم السياسية، وكان على رأسهم أساتذة من مصر والعراق، وكان لهم ما أرادوا. واستطاعت الجمعية في فترة وجيزة من ان تثبت نفسها كمؤسسة مهنية وعلميّة محترمة، والانتشار في اغلب الجامعات ومراكز البحث العربية من المحيط إلى الخليج، كما نجحت في عقد اجتماعات وندوات بحثية في كل العواصم العربية تقريبا، حتى اصبحت واحدة من المؤسسات التي ترفد صنّاع القرار في وطننا العربي من خلال نشاطاتها الاكاديمية التي تعقدها والدراسات التي تصدرها، وكذلك الآراء الاستشارية التي يقدمها اعضائها.
وكل ذلك كان نتيجة للدور الكبير الذي لعبه الأساتذة الذين قادوا الجمعية منذ بداية تأسيسها، والذين اتسموا بالمكانة العلمية الكبيرة واحترام العمل المهني، امثال الدكتور وميض نظمي (رحمه الله) من العراق، والدكتور علي الدين هلال والدكتور اسامة الغزالي حرب من مصر والدكتور محمد المجذوب (رحمه الله) من لبنان، والعبد الفقير لله الذي ترأسها وكالة واعاد الحياة لها بعد فترة من الخمول والتوقف بسبب الظروف السياسية التي مرت بها الامة العربية. واقولها بكل تواضع باني نَجحتُ، وبعون من الله، في عقد اجتماع استثنائي في بيروت (2017) جرى الاتفاق فيه على اختيار الدكتور جمال علي زهران من مصر رئيسا للجمعية واختياري رئيسا فخريا، ورئيسا لتحرير المجلة التي تصدرها الجمعية.
وتمت مصادقة الجمعية العامة على تلك القرارات. ولكن وبعد ان انفض الاجتماع عمد الرئيس إلى إلغاء قراري الجمعية العامة باعتمادي رئيس تحرير المجلة ورئيس فخري، وبدون إعلامي ومن غير عقد مؤتمر عام جديد. ونظرا لزهدي بهذه المناصب، والذي سبقه رفضي لتسلم اي منصب قيادي في الجمعية فاسحا المجال للوجوه الشابة، لم أأبه لتلك القرارات، وربما كان ذلك خطاء مني، إذا ان تلك التصرفات والقرارات كانت بداية لتجاوزات رئيس الجمعية على نظامها الداخلي والهيمنة عليها وتسييرها وفقا لاهوائه الشخصية. علما باني رفعت مذكرة مفصلة إلى رئيس وامين عام الجمعية في ذلك الوقت، ولم يتم الرد عليها. والأخطر من ذلك كان اصرار رئيس الجمعية على التجديد لنفسه، وخلافا للنظام الداخلي، منذ عام 2017 ولحد الان، في حين ان النظام الداخلي ينص على ان لا تتجاوز فترة الرئيس سنتين فقط، ولدورتين متتاليتين لا غير، وضرب عرض الحائط المادة التي تنص على ذلك.
ولم يكتف الرئيس الحالي بالتجديد لنفسه لدورتين متتاليتين امتدّت لثمان سنوات، وانما زاد على ذلك بان جعل فترة رئاسته الثالثة الجديدة (غير الشرعية والمخالفة للنظام الأساسي)، لمدة خمس سنوات تنتهي في عام 2030. كما عمد إلى رفض مشاركة الغالبية العظمى من الأساتذة الأعضاء في اجتماعات الهيئة العامة التي اعيد فيها انتخابه بدعوى ان حق المشاركة محصور بأولئك الذين يدفعون الاشتراك، في حين ان كل الاجتماعات السابقة كان تعقد بمن يحضر ولا تجري الانتخابات او المصادقة على اختيار قيادة الجمعية إلا بعد ان يسدد العضو الاشتراك. وتم اختياره هو ايضا وفقا لهذه الآلية في المرة الاولى. وهكذا فان إجراءه استبعد اكثر من 90% من اعضاء الجمعية، بدليل ان الجمعية العامة التي ادعى انها صادقت على التجديد له للمرة الثالثة (واكرر بصورة غير قانونية) تكونت من 68 عضوا فقط (لم يكن بينهم عضو عراقي واحد). كما عمد إلى تهميش دور الأساتذة العراقيين في اللجنة التنفيذية حيث منع الأمين المالي المنتخب من القيام بواجبه وعدم تسليمه حسابات الجمعية وإجباره على الاستقالة، وانهى عضوية عدد من الأساتذة العراقيين ورفض قبول اعداد جديدة اخرى منهم منذ ان تسنم رئاسة الجمعية، ورفض عرضين لاستضافة اجتماع الجمعية في بغداد. وهكذا تسببت تصرفاته الأخيرة واصراره على اعادة انتخاب نفسه في دفع الأساتذة العراقيين للانسحاب بصورة جماعية من الجمعية، وثبت ذلك في بيان اصدرته الجمعية العراقية للعلوم السياسية. كما اعلن أساتذة عرب اخرين انسحابهم بسبب تسيس ادارة الجمعية لفعالياتها وعدم احترام التنوع الفكري داخلها.
وعندما كتبت مذكرة بصفتي الرئيس الفخري اوضحت فيها مخالفة رئيس الجمعية للنظام الأساسي وللأسس المهنية التي بنيت عليها هذه المؤسسة المهنية العريقة، قام بعقد اجتماع طارئ وسري للجنة التنفيذية واتخذ قرارا بفصلي من الجمعية (وهذه هي المرة الاولى التي يتم فيها فصل رئيس سابق للجمعية)، وقرار آخر غير مسبوق تضمن انهاء عضوية العضو العراقي الوحيد في اللجنة الذي اعترض على إجراءاته. ولم يسمح لي بالمشاركة في اي من الاجتماعات لإبداء وجهة نظري، وانا لحد الان لا اعرف ما هو الاساس الذي بنى عليه قراره بإنهاء عضويتي، وانا احد الأساتذة المؤسسين للجمعية وهو ليس كذلك، (حيث انه انضم اليها بعد حوالي عقد من تأسيسها).
لقد تحدثت مع عدد من الأساتذة الكرام من قيادات الجمعية السابقين، مثل الدكاترة احمد يوسف احمد وأسامة الغزالي حرب وعلي الدين هلال وحسن نافعة ومجدي حماد ونيفين مسعد وحورية مجاهد، وأخوة عرب اخرون حول ما جرى، وكلهم ابدوا استغرابهم من هذه التصرفات. (بالمناسبة فان كل هولاء الأساتذة الأجلاء قد تم حجبهم عن المنصة التي شكلها رئيس الجمعية). وحسب علمي ان عددا منهم حاول تقديم النصيحة وثني الدكتور زهران عن اتخاذ مثل هذه القرارات والحفاظ على السياقات الأخوية والمهنية التي بنيت عليها الجمعية، وأخص بالذكر هنا الاستاذ الدكتور علي الغتيت الذي ارسل له رسالة واضحة حذره فيها من اتخاذ اي قرار متسرع قبل ان يلتقيه لغرض (إجراء دراسة دقيقة في الظروف الدولية والعربية بالغة الدقة التي تتسيد الموقف بأبعاده الكبرى القانونية والقضائية والدولية والمؤسساتية والشخصية)، إلا ان هذه المناشدة، وغيرها، ذهبت سدى.
وبسبب حرصي على وحدة الجمعية، والاهم سمعة مصر التي كانت دائما نموذجا لاحترام العمل المهني العربي ووحدته، وخشية من حدوث انشقاق لا يليق بأساتذة العلوم السياسية بسبب الانتهاكات المتكررة لنظامها الأساسي، أتوجه إليكم سيادة الرئيس طالبا فتح تحقيق في هذا الأمر لغرض إلغاء القرارات المخالفة للنظام الداخلي.
لقد حاول رئيس الجمعية المنتهية ولايته حرف الموضوع مدعيا باني تطاولت عليه وأسأت إلى سمعته، ويشهد الله اني لم افعل ذلك أبدا، بل اني لم التقِ به ولم اتحدث معه منذ ان نجحت في اعادة الحياة للجمعية في عام 2017، وافترقنا بود بعد ان دعمت ترشيحه لرئاسة الجمعية وقدت حملة ناجحة لجمع تبرعات للجمعية مكنته من احياء نشاطات الجمعية العلمية.
لقد اصبح واضحا ان الدكتور جمال زهران يستغل حقيقة ان الجمعية غير مسجلة في مصر، وبالتالي فان تصرفاته لا تحددها قوانين وتعليمات ولا يمكن رفع دعوى قضائية ضده في المحاكم، ولهذا فهو يتصرف كما يشاء ويستغل اسم الجمعية لبناء مركز له في المجتمع الأكاديمي المصري (وهذا واضح من المقر الذي أسسه لنفسه وسط القاهرة). وأنا على استعداد للتعاون مع اي جهة تحقق في هذا الموضوع وتقديم كل الأدلة على الخروقات التي حصلت مع أسماء الشهود من اعضاء الجمعية على صحة ما اقول.
ختاما سيادة الرئيس، ارجو قبول اعتذاري لإشغالكم بامور قد لا تبدو مهمة سياسيا، ولكنها مهمة لتثبيت ديمقراطية العمل المهني العربي وحرمة القوانين التي تحكمه وكرامة الاشخاص الذين افنوا عمرهم في خدمته.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الرئيس الفخري للجمعية
رئيس وأمين عام سابق
واحد اعضائها المؤسسين