ضربة مُعَلِّم: حديثي عن السيدة “بريجيت”

التجاني صلاح عبد الله المبارك
لا أدرى ان كانت الصفعة التي وجهتها السيدة “بريجيت” السيدة الأولى في فرنسا، لزوجها الرئيس “ماكرون” في الطائرة الرابضة بمطار هانوي في فيتنام، في الزيارة الأولى لها بعد ما يقرب العقد من الزمان، لا أدري هل هي مستوجبة حقا للرضا والانبساط، أم أنها مستوجبة للرثاء والسخرية والشفقة، بالنسبة لي هي مستوجبة لكلا الشعورين، ومستوجبة لمشاعر وانطباعات اخرى عديدة، كلها سلبية للأسف، تجاه رمز يفترض فيه أنه يمثل دولة فاعلة وعظمى في المجتمع الدولي!
اما عن كونها مستوجبة للرضا والانبساط لي (وربما للكثيرين غيري) فلأنها عبرت عن فعل بسيط، ربما يتمنى أن يقوم به أي فرد تجاه فرنسا ودول الغرب، التي لم تكتفي بوضع المشاهد فقط لما يحدث في المنطقة العربية، وما يلاقيه الغزاويين من صنوف الموت والأهوال، بل أنها( أي دول الغرب) وفي دور يتصف باللامبالاة واللاإنسانية، شاركت في كل الفظائع وجرائم الحرب التي يلاقيها الأهل في فلسطين، والذين يواجهون خطرا وجوديا، وتهجيرا ديمغرافيا قسريا، وآلة حرب لا تكف عن قتلهم والتنكيل بهم، فنزلت هذه الصفعة بردا وسلاما، وشفاء للصدور من كمية الغضب والغليان، الذي يعتمل في الصدور، ورغم أنه لا أحد يعلم حقيقة ما جرى داخل الطائرة الرئاسية على وجه الدقة بين الرئيس “ماكرون” وزوجه “بريجيت” أو المعلم السابق ل-“ماكرون” في مرحلة شبابه ( كانت “بريجيت” معلمة له في مدرسة جيسون الثانوية، وتزوج بها لاحقا بعد انفصالها عن زوجها الأول، وبينهما فارق من العمر قدره خمسة وعشرين عاما !) إلا أنه مؤشر يدل على فساد واختلال في العلاقة الزوجية غير المتكافئة، بين رئيس الدولة العظمى وزوجه، اذ يعتبر “ماكرون” في عمر أبناء “بريجيت”، وهو ربما ما دعاها لاستعمال وتطبيق قوتها البدنية على وجهه!
وكونها (أي الصفعة) مستوجبة للرثاء والسخرية، فلأن “ماكرون” الذي تؤدبه زوجه (رغم عدم معرفتنا بحقيقة ما جرى) مرة بالصفع، ومرة بعدم الامساك بذراعه بعد أن مدها إليه كعادته، وتمسكت هي بحافة الدرج، فهذا وحده مدعاة للرثاء وللسخرية في وقت واحد، من دولة تعتبر من الدول الفاعلة، والتي تمتلك حق النقض في مجلس الامن الدولي، المنوط بحفظ وتحقيق الامن والسلم الدوليين، لماذا؟ لأن الطبيعي أن يكون رئيس الدولة الفرنسي وكل الدول الخمسة دائمة العضوية في مجلس الأمن، على قدر عال ومتميز من درجات الانضباط والصرامة والوقار، والجدية، لأنها بوضع تكوينها السياسي والعسكري، لها التأثير الكبير في المجتمع الدولي، أما أن يكون رئيس هذه الدولة ضعيفا أمام أهله وأقربائه المحيطين به، إلى الحد الذي ينال فيه الصفعات أمام الملأ، فهذا من المهازل التي من شأنها أن تقدح بدرجة كبيرة في رئيس الدولة، وفي الدولة العظمى ذاتها!
ومما يزيد في الرثاء والسخرية والشفقة في وقت واحد، هو أن قصر الإليزيه شكك في صحة الفيديو الذي بث هذه المهزلة، ووضع فرضية المؤامرة، التي ربما تكون (في تصوره) تلاعبا باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، وهجوما كبيرا مدبرا من الاستخبارات الروسية، أظهرت فيه يد السيدة الأولى تضرب وجه رئيس الدولة لفترة وجيزة، وما ذكرته ايضا صحيفة لوموند الفرنسية التي قالت: ان “ايمانويل ماكرون” ينفي ان زوجته “بريجيت” قد صفعته في فيتنام. ولا أحد يدري كيف يصدق هذا الخبر الفرنسي الرسمي! ويكذب في الوقت نفسه ما نقلته كاميرا مصور وكالة “أسوشيتد برس”، وهو ما يزيد من تفاقم المصيبة للفرنسيين وللمجتمع الدولي على السواء، فقد خلع “ماكرون” على نفسه صفة جديدة وهي الكذب الصراح والنفاق، في محاولة لدرء وتغطية الفضيحة المدوية! اضافة للصفة التي كان لا أحد يعلمها على الاطلاق، وهي العنف المنزلي الذي تطبقه السيدة الأولى “بريجيت” على رئيس الدولة الفرنسية، ومما لم ينجح فيه “ماكرون” (وهذا ايضا مدعاة للرثاء والسخرية) هو ان تعابير وجهه كانت تؤكد خلاف ما ذكره، فقد كانت تؤكد تعرضه للغضب والحزن من هذه الصفعة المؤلمة من السيدة “بريجيت”، ولم يستطع ان يكون هاشا باشا طلق الوجه، مع نزوله إلى هانوي العاصمة الفيتنامية.
أيا ما كانت الانطباعات بشأن ضربة المعلم أو صفعة المعلمة السابقة التي شغلت الرأي العام والأوساط العربية والعالمية مؤخرا، في حدث يبدو نادرا في نوعه، فانه من المهم أولا في تقديري هو انطباع الفرنسيين أنفسهم عن هذه الحادثة وهي لم تخرج عن هذه الانطباعات، فقد ذكر أحد المعلقين الفرنسيين على مواقع التواصل الاجتماعي: انه يكذب في شأن كل شيء.. انظر إلى التعبير في الوجه انه منافق.. هذا شيء مقزز. وقالت سيدة فرنسية أخرى:
برافو “بريجيت” الاف الفرنسيين يرغبوا ان يكونوا مكانك!
كاتب سوداني