قرار ترامب المفاجئ… من الرابحون ومن الخاسرون؟

لندن-راي اليوم
أحدث قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعليق الرسوم الجمركية الشاملة لمدة 90 يومًا هزة كبيرة في الأسواق المالية العالمية، بين رابحين وخاسرين. ففي خطوة مفاجئة، أعلن ترامب يوم الأربعاء تعليق هذه الرسوم بعد ساعات فقط من دخولها حيّز التنفيذ، الأمر الذي انعكس فورًا على أداء البورصات.
انتعاش في وول ستريت
سجلت مؤشرات الأسهم الأمريكية مكاسب قوية عقب الإعلان. حيث قفز مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 9%، محققًا أكبر مكسب يومي له منذ الأزمة المالية عام 2008. كما ارتفع مؤشر داو جونز بنحو 3000 نقطة، في حين صعد مؤشر ناسداك بنسبة 12%، مدفوعًا بعودة ثقة المستثمرين.
هذا الارتداد جاء بعد عدة أيام من الخسائر الحادة بسبب حالة التقلب وعدم اليقين المرتبطة بالرسوم الجمركية، والتي أثارت قلق الأسواق.
أبرز الرابحين: شركات السفر وأشباه الموصلات
وفق تقرير لموقع بزنس إنسايدر، كانت شركات السفر والنقل الجوي من بين أكبر المستفيدين من تعليق الرسوم، حيث قفز سهم “يونايتد إيرلاينز” بنسبة 26%، وسهم “دلتا إيرلاينز” بـ23%. كما حققت شركات الرحلات البحرية مكاسب قوية، حيث ارتفع سهم “نورويجيان كروز لاين” بنسبة 19%، و”كارنيفال كورب” بـ18%، و”إكسبيديا غروب” بـ18%.
وقال أمير إيلون، الرئيس التنفيذي لشركة لونجوودز إنترناشونال المتخصصة في أبحاث السفر: “الرسوم الجمركية كانت تهدد قطاع السفر من خلال رفع تكلفة مستلزمات الطائرات والفنادق، وتراجع الإنفاق الاستهلاكي.. واليوم تنفست الشركات الصعداء”.
أما في قطاع التكنولوجيا، فكانت شركات أشباه الموصلات في الطليعة. وارتفع سهم شركتي “إنتل” و”إنفيديا” بنسبة 18%، رغم أن الرقائق لم تكن مشمولة بالرسوم، لكن المخاوف من التأثيرات غير المباشرة زادت من حساسيتها لأي تغييرات.
تسلا وإيلون ماسك في صدارة المشهد
ارتفع سهم شركة “تسلا” بنسبة 22%، ما منح الشركة ومؤسسها إيلون ماسك دفعة قوية بعد أشهر من التراجع. وبفضل هذا الارتفاع، قفزت ثروة ماسك إلى 326 مليار دولار، بعد أن كانت عند أدنى مستوياتها منذ نوفمبر.
وكان ماسك قد انتقد علنًا سياسة الرسوم الجمركية، خاصة تجاه الصين، ووصف كبير مستشاري ترامب التجاريين بيتر نافارو بأنه السبب وراء الخسائر التي تعرضت لها شركات التكنولوجيا الأمريكية مؤخرًا.
الخاسر الأكبر: الصين
على عكس معظم شركاء واشنطن التجاريين الذين شملهم قرار التجميد، بقيت الصين خارج قائمة المستفيدين. بل رفع ترامب الرسوم الجمركية على واردات الصين إلى 125%، معتبرًا أن هذا رد على ما وصفه بـ”الرسوم الانتقامية” من بكين.
وأشارت ميغان مارتن-شونبرغر، الخبيرة الاقتصادية بشركة KPMG، إلى أن هذا القرار أدى فعليًا إلى ارتفاع المعدل العام للرسوم الجمركية على المستوى الدولي، رغم التخفيف على بعض الدول.
أمازون تواجه تحديات رغم الصعود
رغم ارتفاع سهم “أمازون” بنسبة 12%، فإن استمرار الرسوم الجمركية على المنتجات الصينية يمثل تهديدًا واضحًا للشركة، التي تعتمد بشكل كبير على المنتجات المستوردة من الصين. وقدّر بنك “مورغان ستانلي” أن أمازون ستكون من أكثر شركات التجارة الإلكترونية تأثرًا بهذه السياسات.
نظرة مستقبلية غير واضحة
رغم الانتعاش المؤقت، فإن حالة عدم اليقين لا تزال تسيطر على الأسواق. وأشارت مارتن-شونبرغر إلى أن تقييم الموقف على أساس “رابحين وخاسرين” قد يكون غير دقيق، لأن الرسوم الجديدة – حتى بعد التعديل – قد تدفع الشركات والدول لإعادة هيكلة سلاسل الإمداد وتفضيل شركاء تجاريين آخرين لتفادي العقوبات.
كما أضافت أن ارتفاع الرسوم على دول مثل الصين وكندا والمكسيك قد يُنتج آثارًا طويلة الأمد، حتى مع منح مهلة مؤقتة لباقي الشركاء.