صمود الشعب الفلسطيني وثبات الجزائر في مواقفها: تجسيد لكرامة الإنسانية

أ.د. عمار براهمية
تراجعت الأدوار الانسانية لغالبية المتهافتين وراء المصالح وحساباتها الملتوية لدرجة الصمت التام تجاه ما يحدث في غزة من ابادة جماعية وتقتيل بشع لا يمكن وصفه او توصيفه الا بافلام رعب هوليودية، فأين هي الأدوار الإنسانية؟ ومتى ستتحمل المؤسسات الدولية مسؤولياتها الاخلاقية وتبعاتها القانونية؟ ومن سيرافع عن شعب يباد في غزة ببرودة اعصاب عنصرية زجت بالعالم في ظلمات الهمجية التي لم يسبق وأن عاشها الا مع دولة الكيان الغاصب المتمرد على أبسط الحقوق المحفوظة للبشر أينما كان وأينما حل أو ارتحل؟
والمؤسف هنا أن اصحاب الأرض في فلسطين المحتلة يموتون بسبب تمسكهم بوطنهم، والمخزي أيضا ما يقترحه صانعي الحروب ومموليها من خيارات التهجير او التقتيل وبين هذا وذاك واقع التجويع بالحصار الممزوج بمختلف ألوان التعذيب الممارس باستمرار، والقهر المسلط بوتيرة تصاعدية عنوانها من لم يمت بالقصف والرصاص والدهس والردم تحت الأنقاض ونقص الدواء والغذاء ستغتال انسانيته وكل ما يحس به تجاه البشر عامة، لأن منطق التخلي التام عن واجب الإنسانية سيجعل العالم في تحول غير مسبوق نحو تطرف خطير مدعومٍ بسياسات الكيان ومُؤَطرٍ بنخبة مجرمة تعبث بالعالم دون حسيب ولا رقيب،
انها نكبة حقيقية ستقود العالم برمته نحو الانفصام التام في اعتبارات التعايش الطبيعي، ونحو تلف مؤكد وحتمي في موازين التعامل الانساني، الذي ستلغيه هذه الحرب الهمجية، التي لا ميزان فيها للقوة ولا مبرر لاستمرارها، لأنها حرب من طرف واحد متعالٍ ومتجبرٍ فوق كل القوانين الوضعية والسماوية، وضد شعب مسالم متمسك بأرضه يرفض الاستسلام مهما كان عنوانه،
وهنا سيسجل التاريخ استماتة فلسطين وشعبها في التضحية والصمود في وجه المحتل، كما سيكتب التاريخ في صفحاته كل موقف مشرف لصالح الإنسانية، خاصة ما بني على صدق وثبات المبادئ وبعزم اصوات الحق، التي ستعلو ولن يعلى عليها، وذلك باستكمال حلقات الشرف في ظل صمت الغالبية، وباستحضار خصلات الشجاعة في زمن الجبن والخذلان، هذه الشجاعة التي بانت براية عالية رفرفت بها الدبلوماسية الجزائرية بسمو في سماء الانسانية،
انها الجزائر بديبلوماسيتها الحكيمة والمتوازنة والمستمدة من قيم كفاحها المستميت ضد العنصرية الاستدمارية مهما اختلفت الظروف والأزمنة، وفي ذلك تطابق بين فلسطين الصامدة جنب إلى جنب مع الجزائر الشامخة التي لن تتأخر في نصرة الشعوب المظلومة بمواقفها المعلنة والمسجلة دوليا واقليميا، وهي لا تفاوض في الحق، ولا تساوم في المواقف ولا تتاجر بالقضايا،
كاتب جزائري