د. هاني العدوان: حينما يتوقف الضمير عن العمل.. تسقط العدالة

د. هاني العدوان
أمة كنا، أمة قادت ركب الحضارة، واليوم غارقة في صمت العار، كأن الخطب لا يمسها، وكأن الدماء التي تسفك ليست من صلبها، ذل مقيم يغشى القلوب، وجبن يقيد الايدي، فما عاد يصدح إلا صوت الإدانة المرتعشة، همس خافت في وجه الطوفان، لا يوقف عدوانا، ولا يرد طغيانا.
فلسطين تستصرخ، القدس تنزف، الأقصى يئن تحت وطأة الإحتلال، وغزة تحترق في صمت العالم، والأمة في غيبوبة عميقة، كأن الكارثة لا تعنيها، لا تمس شرفها، ولا تهز عرشها.
أما آن الأوان يا شعوب العالم أن تنتفض ضمائركم، يا من تتشدقون بالإنسانية زورا وبهتانا، أين إنسانيتكم وقد تحولت الارض في فلسطين الى جحيم للأرواح البريئة، أين أنتم يا شعوب امريكا واوروبا، يا من ترون بأعينكم المذابح، وتسمعون باذانكم صرخات الأطفال التي تمزق الأفئدة، أنين الثكالى، وحشرجة الموت في الحناجر، لا نخاطب حكامكم، فقد أُسرت إرادتهم، وتقيدت قراراتهم بأيادي اللوبي الصهيوني العالمي والمنظمات الماسونية الخبيثة، لكننا نخاطب قلوبكم، نخاطب فيكم ما بقي من نور الفطرة والإنسانية.
أي إجرام هذا الذي ترتكبه عصابات ارهابية تدعي لنفسها كيانا، أي ظلم هذا الذي يتجاوز كل حد، ويخالف كل شرع، وينتهك كل دين، ويدوس كل قيم، أين عدالة السماء من هذه الجرائم التي تلطخ جبين البشرية بالعار الابدي، أين أخلاقيات الرسالات السماوية السامية والدساتير الارضية التي تتشدقون بها ليل نهار، أين حق الانسان في الحياة، في الكرامة، في الأمن، وانتم تشهدون الإنسان يحرق ويشرد ويقتل عائلات بأكملها أمام أعينكم، ثم تلتزمون الصمت المخزي.
يا من تتغنون بحقوق الحيوان وتؤكدون على حرمتها، أليس الإنسان، هذا المخلوق الذي كرمه الله، أحق بالاحترام والتقدير والحماية، أليس له حق في أن يعيش على أرضه، في بيته، آمنا مطمئنا، أم أن دماءنا قد رخصت، وأرواحنا قد هانت، وأصبح مصيرنا لا يعني شيئا في موازينكم المقلوبة، انتم كاذبون، انتم زيف وخداع، شعاراتكم رنانة جوفاء لا تحمل إلا الوهم والباطل.
أما لهذا المسلسل الدموي من وقف ونهاية، أما لهذا الظلم البغيض من زوال، أما آن الأوان لصرخة الحق ان تدوي وتوقظ النائمين.
على الضمير العالمي أن يستيقظ من سباته العميق، وعلى الأمة العربية والإسلامية أن تتجرد من صمتها وذلها ففلسطين ليست مجرد قضية أرض، بل هي مقياس للعدالة الإنسانية وشرف الأمة، إما أن ننهض لنوقف هذا النزيف ونعيد للحق مكانته، أو نتحمل وصمة عار لن تمحوها صفحات التاريخ.
كاتب اردني