صحيفة عبرية: ترامب “سئم” من أساليب نتنياهو بسبب سياسته تجاه غزة وإيران، والخلافات تتفاقم مع تصاعد المواقف المتشددة.

صحيفة عبرية: ترامب “سئم” من أساليب نتنياهو بسبب سياسته تجاه غزة وإيران، والخلافات تتفاقم مع تصاعد المواقف المتشددة.

القدس / الأناضول- رأى محلل عسكري إسرائيلي أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب “ضاق ذرعا بألاعيب” رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بسبب سياساته تجاه قطاع غزة وإيران، فيما تتناقض رؤية هذا المحلل مع الدعم الأمريكي المطلق لتل أبيب.
واستدرك عاموس هارئيل المحلل بصحيفة “هآرتس” العبرية أنه “مع ذلك فإن المسؤولين الأمريكيين يتعاملون بحذر أكبر مع نتنياهو بالمقارنة مع طريقة تعامل إدارة ترامب مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي”.
وقال هارئيل في مقاله بالصحيفة الجمعة: “يبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد ضاق ذرعا بألاعيب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو”.
وأضاف: “في الأسابيع الأخيرة مارس ترامب ضغوطا على نتنياهو لاستئناف إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة، ودفعه لتحريك مفاوضات تبادل الأسرى، كما أصدر تحذيرا صارما من تنفيذ غارة جوية على المنشآت النووية الإيرانية وسط المفاوضات الجارية بين واشنطن وطهران”.
وأشار إلى أن “خلافات نتنياهو المتكررة” مع إدارة ترامب دفعت الأخير إلى تبني موقف أكثر تشددًا في التعامل مع رئيس الوزراء الإسرائيلي.
وأضاف: “رغم ذلك، لا تزال واشنطن تتعامل مع نتنياهو بحذر أكبر مقارنةً بأسلوبها مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي”، في إشارة إلى أن الأخير واجه ضغوطا قاسية ومباشرة من إدارة ترامب، وصلت حد ربط المساعدات العسكرية الأمريكية بمواقف سياسية محددة.
ويعكس هذا التفاوت، بحسب هارئيل، إدراك واشنطن لحساسية العلاقة مع إسرائيل وحرصها على عدم الدخول في صدام علني مع القيادة الإسرائيلية، رغم التوترات المتصاعدة في ملفات حيوية كغزة وإيران.
وبعد ضغوط إقليمية وعالمية، بدأت مؤخرا منظمة أمريكية إسرائيلية تُعرف باسم “مؤسسة إغاثة غزة”، بتوزيع مساعدات شحيحة جدا بمناطق محدودة بقطاع غزة، وذلك لاستغلالها بإجبار الفلسطينيين على الجلاء من الشمال وتفريغه.
وتأتي المساعدات التي توصف بأنها “نقطة في بحر الاحتياجات” بعد أن مارست إسرائيل التجويع الممنهج بحق 2.4 مليون فلسطيني، بإغلاق معابر قطاع غزة منذ 2 مارس بوجه المساعدات الإنسانية ولا سيما الغذاء.
وبخصوص إيران، كانت وسائل إعلام عبرية تحدثت عن هجوم إسرائيلي محتمل على منشآت طهران النووية، وهو ما دفع ترامب ليصدر أمرا بوقف التنسيق العسكري مع إسرائيل خشية أن يعرقل الهجوم المحتمل المفاوضات الجارية مع طهران، بحسب القناة “12” العبرية.
وأمس الخميس قال ترامب، إنه حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي من اتخاذ “إجراءات مضادة” من شأنها تعطيل المحادثات النووية مع إيران.
وتواصل طهران وواشنطن مفاوضات الملف النووي، حيث تسعى إيران إلى رفع العقوبات المفروضة عليها مقابل الحد من بعض أنشطتها النووية بما لا يمس حقها في الاستخدام السلمي للطاقة الذرية، فيما تصر واشنطن وتل أبيب على تخلي طهران تماما عن برنامجها النووي.
وبحسب هارئيل “حتى الآن لم يصل ضغط الإدارة الأمريكية إلى حد إصدار إنذار نهائي قاطع، وباستثناء تجدد تدفق المساعدات إلى غزة، لم يُسفر هذا الضغط عن أي تغيير يُذكر على أرض الواقع”.
وقال: “في غضون ذلك، يبحث نتنياهو وحاشيته عن كبش فداء بعد فشله في تحقيق أهدافه المعلنة، بينما يُدبّرون تكتيكات تهدف إلى صرف انتباه الرأي العام عن إخفاقاتهم”.
وتتعرض حكومة نتنياهو لانتقادات حادة لا سيما داخليا، بعد فشلها رغم مرور 600 يوم على اندلاع حرب الإبادة، في تحقيق الأهداف المعلنة للحرب والتي كان أبرزها القضاء على حركة “حماس” وتحرير الرهائن واستعادة الأمن على المدى الطويل.
وأضاف المحلل الإسرائيلي: “هذه هي خلفية الهجمات المتزايدة التي يشنها أعضاء ائتلاف نتنياهو على رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجديد، إيال زامير، الذي رفض لعب دور المرؤوس المطيع أو تحمل مسؤولية تقصير الحكومة”.
وتابع: “كما يُسهم هذا في تفسير ما يُسمى بقضية زيني، فقد أثار الترشيح المفاجئ للواء ديفيد زيني لمنصب رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) ضجة شعبية، وصعّد حملة نتنياهو المستمرة ضد المحكمة العليا والمدعي العام غالي بهاراف-ميارا”.
وفي وقت سابق من مايو الجاري، أعلن نتنياهو تعيين زيني رئيسا للشاباك خلفا للمقال رونين بار، في خطوة اعتبرتها المحكمة العليا الإسرائيلية أنها مخالفة للقانون، واثارت احتجاجات شعبية وانتقادات حادة من المعارضة.
ورأى المحلل أنه “قد تُشير الهجمات العدوانية التي شنها اليمين المتطرف على زعيم الحزب الديمقراطيين يائير غولان، والتي تحولت إلى أعمال عنف في وقت سابق من هذا الأسبوع، إلى أن نتنياهو يُجهّز بالفعل للانتخابات التي قد تُقدّم إلى شتاء 2025”.
واختتم هارئيل تحليله قائلا: “وقد يكون هذا السيناريو مدفوعا أيضا بالصعوبات المتوقعة في إقرار ميزانية الدولة المقبلة (مارس/اذار)، وتهديدات الأحزاب الدينية بالانسحاب من الائتلاف بسبب الأزمة الوشيكة المحيطة بتشريع ما يُسمى بقانون التهرب من الخدمة العسكرية”.
وفي محاولة لاحتواء تهديدات الأحزاب الحريدية بالانسحاب من الحكومة، على خلفية الخلاف حول قانون التجنيد، أصدر نتنياهو توجيها بالاستعداد لإقرار ميزانية الدولة لعام 2026 في أغسطس/آب المقبل، وفق ما أفاد تقرير للقناة “12” العبرية، قبل أيام.
ويشير تقرير القناة إلى أن نتنياهو يسعى من خلال إقرار مبكر لميزانية 2026 إلى تخصيص دعم مالي إضافي للأحزاب الحريدية، في محاولة لضمان بقائها في الائتلاف الحكومي رغم الخلاف حول قانون التجنيد، وهو ما اعتبره معارضون محاولة لـ “شراء ولاء سياسي” من خلال المال العام.