لا مكان في الضفة الغربية لحل الدولتين

لا مكان في الضفة الغربية لحل الدولتين

د. فايز أبو شمالة
الإعلان المشترك الذي صدر عن وزير المالية الإسرائيلية، بتسلئيل سموتريتش، ووزير الحرب إسرائيل كاتس، عن الشروع في بناء 22 مستوطنة إضافية، منها أربعة على الحدود مع الأردن، هذا الإعلان المشترك لوزيرين ليؤكد على خطورة القرار على مستقبل الضفة الغربية، حيث أكد وزير الحرب الإسرائيلي كاتس أن الهدف من هذه المستوطنات هو الحيلولة دون قيام دولة فلسطينية.
هذا التبجح الاستيطاني الإسرائيلي الفاجر، يترافق مع خطوات تهجير فعلية لأهالي مخيمات جنين وطولكرم وغيرها من مخيمات شمال الضفة الغربية، مع هدم البيوت، واعتقال آلاف الشباب الفلسطيني، المتزامن مع اقتحامات المدن والقرى الفلسطينية بهدف الضغط على الإنسان الفلسطيني في الضفة الغربية للتهجير والتطهير، فإذا أضيف إلى كل ما سيق الممارسات العقائدية الإسرائيلية في القدس والمسجد الأقصى، بما في ذلك مسيرة الأعلام، والشعارات المعادية للعرب والمسلمين، مع ظهور رئيس الوزراء نتانياهو في صورة استعراضية لشخصه داخل نفق تحت المسجد الأقصى، كل ذلك يؤشر إلى حقيقة واحدة، وهي مواصلة العدو الإسرائيلي تهويد الضفة الغربية كلها، وليس تهويد المسجد الأقصى.
هذا العدوان السافر على أرض الضفة الغربية، والساعي إلى فرض حقائق ثابتة على الأرض، لم يهتم لزيارة الوفد العربي لمدينة رام الله، الوفد الذي يرأسه وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، ويضم أيضا وزراء خارجية الأردن ومصر وقطر والبحرين وسلطنة عمان، بهدف التحضير لمؤتمر “حل الدولتين” الذي من المتوقع أن يعقد في نيويورك بقيادة فرنسا والسعودية.، وبحسب التقرير، فإن الإمارات والكويت لم تؤكدا مشاركتهما في الوفد حتى الآن.
زيارة الوفد العربي لرام الله وسط تصعيد الاستيطان يطرح جملة من الأسئلة على أعضاء الوفد، وعلى كل الدول العربية والأوروبية التي أصدرت بيانات الإدانة والشجب كالعادة:
ماذا ستفعل المؤتمرات والاجتماعات واللقاءات والخطابات أمام الوقائع الميدانية؟ وهل ستغير اللقاءات من الحقائق على الأرض؟
ماذا يفيد ألف بيان شجب وإدانة واستنكار للاستيطان سيصدر عن مؤتمر نيويورك أمام طريق التفافية واحدة تحاصر مستقبل ما يسمي الدولة لفلسطينية؟
وهل يستطيع مؤتمر نيويورك ببيانه النهائي أن يقتلع مستوطنة صهيونية واحدة عن أرض الضفة الغربية؟ وإن لم يستطع، فكيف ستقام الدولة الفلسطينية على أرض محشوة بالاستيطان؟
أزعم أن كل هذه اللقاءات والمؤتمرات هدفها هو الإيحاء للمواطن العربي بان الأمة ليس غافلة عن أرض فلسطين، وأن العرب يعملون مع الغرب، والغاية هي امتصاص نقمة العالم وغضبه من الممارسات الإسرائيلية.
وأزعم أن المؤتمر الدولي الذي ترعاه فرنسا لن يحقق أي نتائج عملية لصالح قيام دولة فلسطينية، وأول شروط قيام الدولة هي الأرض، ولم يبق غرب نهر الأردن مساحة أرض متواصلة تسمح بقيام الدولة.
وكيف نصدق نحن العرب الفلسطينيين أن المجتمع الدولي العاجز عن وقف التوسع الاستيطاني لقادر على فرض قيام دولة فلسطينية على المستوطنين الصهاينة الذين أمسى تعدادهم السكاني يقارب المليون؟
يا حبذا لو كان قادة العرب مع القيادة الفلسطينية صادقين مع أنفسهم، وواجهوا الحقائق الميدانية بواقعية، وتدارسوا بمهنية وعلمية طريقة أخرى لحل الصراع مع العدو الإسرائيلي بعيداً عن أكذوبة مؤتمر حل الدولتين، الذي أمسى كحبات المخدر التي تعطي للمريض، فيتوهم أنه قد شفي من مرض الاحتلال، ليكتشف بعد سنوات، أن سرطان الاستيطان قد استفحل في جسد الضفة الغربية، حتى أصابها بالشلل، وأمست عير قادرة على التنفس الطبيعي.
كاتب فلسطيني/غزة