لماذا اختار “جنود داعش” استهداف “النظام المرتد” لأول مرة؟ هل تُظهر ظهور “الخلايا” رغم قتال “الجولاني” عجزه؟ وكيف يمكن لفلول النظام والمقاتلين الأجانب الاستجابة لنداء تنظيم الدولة؟

عمان- “رأي اليوم”- خالد الجيوسي:
“كافر ونصيري”، هذه عبارات كانت تُستخدم ضد نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد من قبل خصومه “الإسلاميين” السنّة، وهي توصيفات مفهومة، ولها علاقة بدعم الأسد لمحور المقاومة، وعلى رأسهم “حزب الله” اللبناني “الشيعي”، ولكن أن يتم وصف “النظام السوري” الجديد بـ”المُرتد” بعد “انتصاره وتحريره لدمشق المُفترض” رغم خلفيّاته الإسلامية المتطرفة، فهذه علامة فارقة، تفتح الباب واسعًا على احتمال دخول هذا النظام الجديد في متاهة الاصطدام مع الجماعات التي انتسب رأسه (الجولاني) أحمد الشرع إليها سابقًا.
هذا التوصيف صدر بحق “نظام الشرع”، من قبل تنظيم الدولة الإسلامية، حيث قال في بيانه إنّ “جنود الخلافة” فجّروا عبوة ناسفة عن بُعد مستهدفين آلية تابعة لقوات “النظام السوري المُرتد”، في مُحافظة السويداء.
ولافت أنّ الهُجوم قد أسفر عن مقتل عنصر وإصابة ثلاثة آخرين بجروح، وفق البيان، ما يعني أن قوات الشرع باتت مُستهدفة علنًا، وبطرق يصعب ضبطها، في ظل تفلّت السلاح، وضعف قوة مركزية دمشق، ويعني أيضًا أن حملات قوات الشرع ضد تنظيم الدولة، لم تمنع تنفيذ هذا الهجوم، بالرغم أن قائد الأمن الداخلي الانتقالي في ريف دمشق حسام الطحان، قد أعلن الأسبوع الماضي، اعتقال عدد من عناصر تنظيم “داعش” وضبط كميات من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، من بينها قواعد صواريخ وعبوات ناسفة وسترات انتحارية.
وتأتي هذه العملية ردًّا فيما يبدو على استهداف قوات الشرع لتنظيم “داعش”، بناء على الطلب الأمريكي الذي صدر عن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال استدعائه للشرع في الرياض بحضور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
وهذا الهُجوم، هو الأول لداعش مُنذ سُقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد، ويعني أن “الخلايا النائمة” جرى إيقاظها، بمُوازاة الهجوم الكلامي الذي شنّه تنظيم الدولة على الشرع، خلال مقال في صحيفته الأسبوعية “النبأ” بعنوان “على عتبة ترامب”، استنكر فيه لقاء الشرع مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، واعتبره “خيانة للمنهج الجهادي”.
وتبنّى تنظيم الدولة أمس الخميس أول هجوم له ضد القوات الحكومية السورية الجديدة منذ سقوط نظام الأسد.
ويعزف تنظيم الدولة على أنغام تحريض مقاتلي الشرع للعودة إلى صُفوفه، من بوابة أن (الجولاني) قد بدّل جلده الإسلامي، وقلّم لحيته، وهذه الدعوة تستهدف بشكل رئيسي وأكبر “المُقاتلين الأجانب”، حيث هؤلاء مُطالب الشرع أن يتخلّص منهم، كون واشنطن قلقة منهم، كما أن أنها حذّرت (واشنطن) على لسان المتحدث الإقليمي باسم وزارة الخارجية الأميركية، مايكل ميتشل، إن هناك تهديدات من داعش لا تزال تهدد أمن سوريا.
وأضاف ميتشل في تصريحات إعلامية لقناة “المملكة” الأردنية، أن الولايات المتحدة تشعر بقلق بسبب وجود مقاتلين أجانب في سوريا.
وبالرغم أن الإعلام العربي والخليجي، يُحاول تقديم صورة مُلوّنة عن عهد الشرع، المتحدث ميتشل أكد أن سوريا لا تزال تمر بمرحلة صعبة فيما يتعلق بالأوضاع الأمنية، مضيفًا أن هناك من يريد إرجاع سوريا إلى الوراء وتأجيج المزيج من العنف والطائفية.
ويعترف النظام الجديد بوجود تهديدات من قبل تنظيم الدولة، حيث قال المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية الانتقالية نور الدين البابا، إن نشاط “تنظيم الدولة” تزايد بعد سقوط النظام، لأنه حصل على بعض الأسلحة من مخلفات النظام، كما أشار البابا إلى أن خلايا التنظيم حاولت التسلل إلى مواقع تابعة لوزارة الدفاع السورية الانتقالية، مُوضحًا أن “تنظيم الدولة حاول ضم عناصر من فلول النظام السابق إلى صُفوفه”.
وهُنا قد يجد بعض من فلول النظام، إلى جانب المُقاتلين الأجانب ضالّتهم في الانضمام إلى تنظيم الدولة، لمُحاربة نظام الشرع، كلٌّ لأسبابه، ففلول النظام السابق جرى تهميشهم من قبل “الدولة الجديدة”، والمُقاتلين الأجانب يجري العمل على التخلّص منهم وفق أوامر أمريكية.
ودلّل تنظيم الدولة على طريقة الانضمام له، حيث أشار إلى أن هناك “سرايا تنتشر بينكم في الأرياف والأطراف” السورية.
وتصاعد المُواجهات بين خلايا تنظيم الدولة وقوات الأمن السورية الجديدة يترافق أيضًا مع محاولات يقوم بها التنظيم لاستهداف “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) التي يُهيمن عليها الأكراد في شرق وشمال شرقي سوريا.
هذه عملية أولى أطلقها تنظيم الدولة ضد قوات الشرع، ولن تكون الأخيرة، وهذا التنظيم معروف بعملياته الدموية التي يفخخ فيها السيارات، وقد فعها سابقًا بحق الجيش السوري السابق في العاصمة دمشق، رغم السيطرة الأمنية التي كانت قائمة، والعداء بين جبهة النصرة، وداعش، قديم أساسًا، وتجدّد، ولكن بانتقال قوات النصرة هيئة تحرير الشام إلى الحكم، وإسقاط تهم الإرهاب عنها!