بعد تفكيك مخيمات العامرة.. أي مصير للمهاجرين في تونس؟

تونس/ عادل الثابتي / الأناضول
في الثالث من أبريل/ نيسان الجاري بدأت السلطات التونسية تفكيك مخيمات المهاجرين غير النظاميين في منطقة العامرة بولاية صفاقس شرق البلاد.
ومنذ سبتمبر/ أيلول 2023 يمكث مهاجرون أفارقة غير نظاميين من دول جنوب الصحراء في مساحات كبيرة من ضيعات زراعية بمنطقة العامرة.
والسبت، نقل راديو “موزاييك” التونسي (خاص) عن العميد حسام الدين الجبابلي متحدث الحرس الوطني أن “عملية التفكيك لا زالت متواصلة مع العمل الدؤوب على ترتيب عمليات العودة الطوعية (للمهاجرين) تحت إشراف ومتابعة يومية من رئيس الدولة (قيس سعيد) إلى جانب التنسيق مع المنظمات الدولية المعنية بشؤون الهجرة في خصوص الايواء المؤقت والعودة الطوعية”.
وأضاف الجبابلي: “تتم مباشرة بعد عمليات التفكيك عمليات التعقيم لإزالة المخاطر البيئية الصحية”.
وتابع: “تقديرات أعداد المهاجرين غير النظاميين من دول جنوب الصحراء الذين تواجدوا بكل من العامرة وجبنيانة بلغت حوالي 20 ألف”.
وأشار إلى أن “المهاجرين غير النظاميين من دول جنوب الصحراء هم أيضا ضحايا الاتجار بالبشر ويتم العمل بالتنسيق مع المنظمات الدولية المعنية بشؤون الهجرة على تسهيل العودة الطوعية لهم حيث عبر العديد منهم عن رغبتهم في العودة الطوعية الى بلدانهم”.
** مشكلة لم تنته
النائبة في مجلس نواب الشعب عن مدينة صفاقس فاطمة المسدي قالت للأناضول إن “مشكلة المهاجرين غير النظاميين في العامرة لم تنته بعد، ومسألة الترحيل لم تكتمل”.
وأضافت: “خلال اليوم الأول من تفكيك المخيمات تم ترحيل 400 شخص من هنشير بن فرحات (بالعامرة) وهم في مراكز إيواء في صفاقس في انتظار عودتهم لبلادهم”.
وتابعت المسدي: “هنشير بن فرحات (ضيعة زياتين) عادت إلى أصحابها كما عادت عديد ضيع أخرى”.
إلا أن المسدي نبهت إلى أن العودة الطوعية للمهاجرين إلى بلدانهم “لا تتقدم كما يجب لأن المنظمة الدولية للهجرة لا تعمل بالسرعة المطلوبة بحكم وجود بطء في تناول الوضعية”.
وأوضحت أن “المنظمة الدولية تعطي مواعيد تدوم لمدة 10 أشهر للتعاطي مع القضية”.
والأربعاء، قالت المنظمة الدولية للهجرة إنها تعمل بكل وثيق مع الحكومة التونسية لإيجاد حلول للاستجابة لاحتياجات المهاجرين خلال عملية برنامج العودة الطوعية وإعادة الإدماج.
وأوضحت المنظمة في بيان أنها عززت قدرتها على تقديم الدعم في مجال العودة الطوعية وإعادة الإدماج (AVRR) لجميع المهاجرين الراغبين في الاستفادة من البرنامج.
ووفق تصريحات أدلى بها رئيس لجنة الهجرة غير النظامية بتونس خالد جراد في يناير/ كانون الثاني 2025، تشير التقديرات إلى وجود نحو 20 ألف مهاجر غير نظامي بمنطقتي العامرة وجبنيانة في صفاقس، فيما لا تتوفر إحصائيات رسمية دقيقة عن أعدادهم ببقية مناطق البلاد.
** إعادة انتشار
شاهد عيان من مدينة العامرة رفض الكشف عن هويته لاعتبارات خاصة، قلل من زخم عودة الضيعات الفلاحية لأصحابها بعد تفكيك مخيمات المهاجرين غير النظاميين، قائلا: “تم تحويل مقر إقامتهم الى أماكن أخرى في العامرة”.
وأضاف شاهد العيان للأناضول: “تم توزيعهم على بقية المخيمات أو تم إيوائهم في مخيم جديد”، معتبرا أنه “لا تزال نفس المشكلة متواصلة”.
** المقاربة الأمنية
بدوره قال مصطفى عبد الكبير رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان (مستقل) للأناضول إن “الدولة في تعاملها مع قضية المهاجرين غر النظاميين في العامرة عمدت إلى أسلوب سياسة المقاربة الأمنية التي ثبت فشلها”.
وأضاف: “كان بالإمكان النجاح في التعامل مع هذه الظاهرة باعتماد مقاربات إنسانية تشاركية تقلل من خطورة الوضع”.
وأردف عبد الكبير: “القرار بإزالة الخيام كان بالقوة التدخل بالقوة دون توفير بدائل حقيقية ودون معالجة المشكلة جذريا باعتماد حلول تمكن المهاجر من جملة من الحقوق التي تغير واقعه وتجعل منه طرفا متعاونا مقتنعا بالسياسة التي تعتمدها الدولة وخاصة العودة الطوعية أو الترحيل في غالب الأحيان”.
ورأى أن “إزالة الدولة للمخيمات بتجريفها وحرقها وإجبار المهاجرين على ترك المكان دون توفير بدائل سيجعلهم ينتشرون في أماكن أخرى ويقيمون مخيمات جديدة كما سيعود غالبهم إلى ترميمها والعودة إلى نفس الأماكن والحقول”.
وأضاف عبد الكبير: أن “تشتيت وترحيل وانتشار غالبية المهاجرين غير النظاميين في أماكن أخرى يصعّب تجميعهم وتنفيذ الرحلات المبرمجة من طرف المنظمة الدولية للهجرة نظرا لصعوبة التواصل معهم مجددا، وبذلك أهدرت الدولة فرصة عودة عدد مهم منهم بشكل طوعي”.
ووفق رئيس المرصد فإنه “من المفترض تنفيذ 5 رحلات طوعية بالشراكة مع المنظمة الدولية للهجرة والتي ستضمن عودة حوالي 2500 مهاجر بحلول صيف 2025 خاصة أن كل الاجراءات والترتيبات تمت “.
وتابع: “عدم وجود اتفاقيات مباشرة مع دول المهاجرين غير النظاميين والمنظمات الدولية جعل أمر عودتهم وترحيلهم أمرا صعبا وفاقم من معاناة وصعوبة تنفيذ الدولة لمخططاتها بخصوص هذا الملف”.
وفي 26 مارس/ آذار الماضي دعا الرئيس التونسي قيس سعيد المنظمات الدولية إلى دعم جهود بلاده في إعادة المهاجرين غير النظاميين طوعا إلى بلدانهم، وتكثيف التعاون في تفكيك شبكات الاتجار بالبشر.
وفي 23 يناير الماضي أعلنت وزارة الخارجية التونسية إعادة 7 آلاف و250 مهاجرا غير نظامي إلى بلدانهم طوعيا خلال عام 2024، بالتعاون مع المنظمات الدولية، وعلى رأسها المنظمة الدولية للهجرة.
كما سبق أن أعلنت المفوضية الأوروبية في سبتمبر/ أيلول 2023، تخصيص 127 مليون يورو مساعدات لتونس ، ضمن مذكرة تفاهم تتعلق بملفات بينها الحد من تدفق المهاجرين إلى أوروبا.