في خضم الفوضى: مستقبل المنطقة العربية ماذا سيكون؟

في خضم الفوضى: مستقبل المنطقة العربية ماذا سيكون؟

 

 

أ.د. احمد القطامين

لم يعد لدى النظام السياسي العربي اي من عناصر القوة التقليدية التي كانت يوما لديه على قلتها وهزالها. فالأحداث الراهنة تقودها وتوجهها قوى متعددة من خارج المنطقة ويتم فرضها بالقوة من خلال ما يسميه الرئيس الأمريكي ترامب ب “تحقيق السلام بالقوة” وهو تعبير آخر عن فكرة فرض الهيمنة على شعوب المنطقة بقوة السلاح وحروب الإبادة والقتل والتجويع.
وسط هذه الحالة من الفوضى العارمة، ما الشكل الذي ستأخذه المنطقة العربية في الفترة القادمة.
من الواضح ان مثل هذه المقدمات لا تقود إلا إلى شي واحد، وهو
ان هذا المشهد بكل تعقيداته يشير إلى ان المنطقة تدخل في مرحلة الهيمنة الاسرائيلية الغربية الكاملة من خلال مقاربة تحقيق الاستقرار من خلال القوة مما سيقود إلى إعادة ترتيب الأوضاع على الصعد المختلفة من خلال ايجاد حالة تنعدم فيها ثلاثة من المعطيات الاستراتيجية القائمة حاليا:
اولا: نقل مركز الثقل التاريخي الحضاري الثقافي المتحكم بأحداث التاريخ في المنطقة العربيةمن بؤرته التقليدية التاريخية بلاد الشام ومصر إلى منطقة الخليج.
 لقد شكلت زيارة الرئيس ترامب كرتا احمرا استراتيجيا ضخما للصين وروسيا اللتين دأبتا في السنوات الماضية على تنفيذ استراتيجية اختراق واسعة النطاق للمنطقة لحرمان الامريكان من هذا الكنز الاقتصادي والاستراتيجي الضخم.. وبذلك شكلت زيارة ترامب الى المنطقة اعلانا واضحا ان لا نفوذ لاي قوة دولية غير النفوذ الامريكي المباشر والصارم وان لا فائدة من محاولات اقتسام الهيمنة مع شركاء آخرين غير العم سام.
ثانيا: انهاء ظاهرة الإسلام السياسي بالقوة واجتثاث القوى السياسية التي تعمل في هذا الإطار وعلى رأسها جماعة الاخوان المسلمين بكل تشكيلاتها وامتداداتها وتجلياتها في المنطقة.
ثالثا: اجتثاث فكرة القومية العربية من وجدان الشعوب واستبدالها بفكرة الإبراهيمية التي جسدتها اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل والحكومات العربية.
كثيرة جدا هي العوامل التي تتداخل مع بعضها البعض لتنتج الاحداث الخطيرة التي تشهدها المنطقة العربية هذه الايام. فبينما فشل النظام السياسي العربي في التعامل مع احداث المنطقة حتى من زاوية رد الفعل مما أدى إلى فقدانه كليا للقدرة على التأثير في عناصر المشهد وهي حالة غريبة نادرة في تاريخ الشعوب.
هذا هو السيناريو المرسوم للمنطقة لتنفيذه وانجازة في فترة زمنية قصيرة جدا قد لا تتجاوز العام الواحد، ولكن اذا ارادت الشعوب ان تقول كلمتها، فالتاريخ علمنا ان لا كلام يعلو فوق كلام الشعوب.
* اكاديمي وكاتب اردني
[email protected]