دجوار أحمد آغا: تحليل للواقع الراهن في سوريا

دجوار أحمد آغا: تحليل للواقع الراهن في سوريا

دجوار أحمد آغا
مدخل
بعد أكثر من عقدين من الزمن؛ على انطلاق أولى الاحتجاجات السورية في دمشق العاصمة مطالبين بالحرية، رافعين الايادي للمرة الأولى بشكل سلمي طبعاً في وجه نظام شمولي قمعي قائم على سلطة وسطوة الأجهزة الأمنية منذ أكثر من ثلاثة عقود من الزمن، ومن ثم تحويل الاحتجاجات السلمية الى حرب أهلية مسلحة، وفيما بعد تدويل الازمة بعد دخول الأطراف الإقليمية أولا ومن ثم القوى الكبرى، ثم انطلاق المفاوضات بين وفد المعارضة (قوى الائتلاف السوري) ووفد نظام الأسد في 22 كانون الثاني 2014 جنيف، وبعدها انطلاق مسار الأستانة في 23 كانون الثاني 2017 الموازي، وإعلان الإدارة الذاتية لمقاطعات (الجزيرة، كوباني، عفرين) في 21 و27 و29 كانون الثاني 2014 على التوالي ومن ثم تأسيس قوات سوريا الديمقراطية عام 2015 مروراً بإعلان تنظيم داعش الإرهابي دولته المزعومة وعاصمتها الرقة وحربه على كوباني التي كانت بداية النهاية لوجوده مع تشكيل التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، وصولا الى عمليات الدولة التركية داخل الأراضي السورية “درع الفرات” 2016، “غص الزيتون” 2018، و”نبع السلام” 2019 واحتلالها للأراضي السورية، وختامها هروب الطاغية بشار الأسد وسقوط نظامه القمعي الوحشي في 8 كانون الأول 2024. كل هذه الاحداث التي مر بها الشعب السوري، لم تثنيه عن سعيه من التخلص من ارث النظام الأمني الاستبدادي للوصول الى سوريا ديمقراطية جديدة لكل السوريين دون استثناء.
تنصيب الرئيس والزيارات
بعد وصول هيئة تحرير الشام الى العاصمة دمشق ومن ثم حل نفسها وتنصيب السيد أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) لنفسه رئيسا لسوريا والاتيان بحكومة ادلب المكونة من لون واحد، واعتبارها حكومة سورية مؤقتة، وفيما بعد قيام السيد أحمد الشرع بتحويلها الى حكومة انتقالية بعد تطعيمها ببعض الأشخاص الذين لا يمثلون سوى انفسهم، وصولا الى توافد الوفود العربية والأجنبية لزيارة دمشق واللقاء مع السيد الشرع الذي قام بأول زيارة خارجية له الى المملكة العربية السعودية التي استقبله فيها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ومن ثم توجه الشرع ووزير خارجيته الشيباني الى تركيا التي كانت وما تزال صاحبة نفوذ قوي جدا في سوريا خاصة في الشمال السوري والمناطق التي تحتلها. جميع هذه الزيارات أكّدت على ضرورة استعادة سوريا عافيتها بعيداً عن العنف والقتل والدمار الذي راح ضحيته على مدار 14 عاما ملايين السوريين. وبأنه حان الوقت لوقف نزيف الدماء ولملمة الجراح بعد سقوط نظام الطاغية وهروبه الى موسكو.
الوضع الداخلي
دمشق عاصمة سوريا وأقدم عاصمة مأهولة بالسكان، لها خصوصية بتنوعها الاثني والديني فيوجد فيها الى جانب العرب، الكرد، الأرمن، الجركس، السريان، التركمان، وغيرهم بالإضافة الى وجود الدروز وكذلك أتباع الديانة الموسوية وهناك حارة اليهود (شارع الأمين). أي أن دمشق متنوعة عرقياً ودينياً حيث هناك العديد من الكنائس التاريخية القديمة في دمشق الى جانب ايقونتها الجامع الاموي ولا يمكن التعامل مع دمشق من منطق فرض لون واحد أو رؤية واحدة على سكانها. هذا الامر الذي دفع بالعديد من الأهالي مواجهة ما كان يقوم به ما أسمو أنفسهم ب”المجاهدون” من الشيشان، الأوغوز، الاوزبك، التتر، وغيرهم ممن بدأوا بالدعوة الى الإسلام عبر مكبرات الصوت والسيارات المتنقلة وفرض اللباس الشرعي والحجاب. هذه الأمور سوف تدفع الى تأزيم الوضع الداخلي الهش اساساً. لذا لا بد من القيام بأسرع وقت بوضع دستور سوري جديد يحافظ على الهوية السورية بمختلف انتماءاتها العرقية والدينية والمذهبية.
اتفاقية الشرع – عبدي
العاشر من اذار 2025 شهدت العاصمة السورية دمشق حدثاً سورياً مهماً تمثل في توقيع اتفاقية بين قائد قوات سوريا الديمقراطية الجنرال مظلوم عبدي والسيد أحمد الشرع كرئيس للجمهورية العربية السورية هذا الاتفاق الذي أكّد على وحدة الأراضي السورية والشعب السوري ورفض كل أشكال التقسيم وضرورة حل كل القضايا الخلافية العالقة بين الطرفين عبر الحوار وقد جرت عدة جولات من الحوار بين اللجان المكلفة وتم حل بعض الإشكاليات مثل موضوع حي الشيخ مقصود وحي الاشرفية في حلب بالإضافة الى تفاهمات عديدة وصولا الى قيام اللجنة الرئيسية على مستوى شمال وشرق سوريا بزيارة الى دمشق والبدء بالحوار حول المواضيع الأساسية مثل صياغة دستور سوري جديد وطبيعة العلاقة بين الإدارة الذاتية ودمشق وحقوق الكرد وبقية شعوب المنطقة.
الوضع الراهن
أعتقد من وجهة نظري بأن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح بالنسبة لغالبية الشعب السوري ولو كان هذا السير بطيئاً نوعاً ما، لكنه مستمر بالسير رغم الطريق المليئة بالألغام التي زرعها عليه أعداء الشعب السوري والمستفيدين من استمرار الصراع وسفك دكاء السوريين. بالمقابل هناك إرادة عربية قوية تعمل من أجل إحلال السلام في سوريا والدفع بها نحو تحقيق العدالة الانتقالية ورفض التطرف والإرهاب. تقود المملكة العربية السعودية ومعها مصر والامارات هذا التوجه بشكل كبير ولافت. وقد برز هذا الامر بوضوح خلال اللقاء الذي جمع بين احمد الشرع والرئيس الأمريكي في الرياض الى جانب موافقة الرئيس ترامب على طلب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان برفع العقوبات (عقوبات قيصر) عن كاهل الشعب السوري خاصة بعد سقوط نظام الاستبداد الاسدي البعثي. هذا الامر سوف ينعكس ايجاباً على عموم الجغرافيا السورية وسيوثر في عموم الشرق الأوسط.

كاتب كردي