الدكتور بهيج سكاكيني: الاقتراح الثالث من ويتكوف لوقف العمليات القتالية في غزة… تحديات وغموض يعيق التنفيذ

الدكتور بهيج سكاكيني: الاقتراح الثالث من ويتكوف لوقف العمليات القتالية في غزة… تحديات وغموض يعيق التنفيذ

 

الدكتور بهيج سكاكيني
أولا نريد التأكيد على ان الحرب التي تشن على غزة وحرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها جيش الاحتلال هي أمريكية بامتياز وتأتي ضمن المخطط الأمريكي لإعادة هندسة الجغرافية والديمغرافية في المنطقة تبعا لرؤية ترامب “أمريكا أولا” وأما الكين الصهيوني لا يخرج عن إطار كونه أداة ضمن هذا المخطط لا يسمح له بتجاوز ما ترسمه إدارة ترامب. ولو أرادت الإدارة الامريكية وقف الحرب غدا لأمكنها ذلك دون الاخذ بعين الاعتبار لنتنياهو او غيره. فهي من زودت وما زالت تزود الكيان الصهيوني بكل الأسلحة والذخائر والقذائف والصواريخ والطائرات وغيرها من المعدات العسكرية وبشكل مستمر. ولولا هذا الضخ العسكري واللوجيستي والاقتصادي والتمويل بمئات المليارات لما استطاع الكيان الصهيوني الاستمرار بالحرب ولو ليوم واحد وهذا باعتراف كبار الخبراء العسكريين.
المقترح بكل بنوده تجدونه على جوجل ولسنا هنا بصدد كتابة كل  بنود المقترح ولكن لا بد من الإشارة لاهم ما جاء فيه قبل التعليق على المقترح.
الاتفاق يتحدث عن هدنة تمتد الى 60 يوما يتم فيها الافراج عن نصف المحتجزين (10 احياء) و18 توفون من قبل المقاومة وفي المقابل تقوم إسرائيل بإطلاق 125 من السجون الإسرائيلية ذوي الاحكام العالية أو المؤبدة و1111 معتقلا من غزة الذين تم احتجازهم بعد 7 اكتوبر كما ويتحدث عن إدخال المساعدات وتوزيعها من قبل قنوات متفق عليها تشمل الأمم المتحدة والهلال الأحمر. واثناء مدة 60 يوميا سيكون هنالك إعادة تموضع للجيش الإسرائيلي في القطاع ضمن خرائط متفق عليها. وعلى ان امريكا ومصر وقطر سيبذلون كل جهودهم للتوصل الى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار.
هذا هو المقترح الثالث المقدم من ويتكوف وهو تراجع واضح عما اتفقت حماس مع مبعوثه الى قطر السيد بحبح وخاصة بشأن الوصول الى وقف إطلاق نار دائم وانسحاب إسرائيل من كافة قطاع غزة وان تعلن الولايات المتحدة علانية بالتزام ترامب شخصيا ضمانة عدم عودة إسرائيل الى الحرب بعد انتهاء مدة 60 يوما والقيام بإدخال المساعدات الإنسانية بشكل مكثف دون قيود وفتح المعابر.
من يقرأ البنود كاملة سيجد انها تتسم بالغموض وهذا بحد ذاته يميل لصالح الكيان الصهيوني الذي ليس في وارد وقف إطلاق النار او الانسحاب من قطاع غزة فنتنياهو مصر على استمرار السيطرة على قطاع غزة وتجريد المقاومة من أسلحتها (وهو ليس الوحيد بذلك فقد انضمت اليه زمرة السلطة الفلسطينية وبعض الدول العربية) وتنفيذ خطة ترامب القائمة على تهجير سكان القطاع الى الدول المجاورة او غيرها حيث الاتصالات ما زالت مستمرة لهذا الغرض مع سوريا واندونيسيا والصومال والسودان وليبيا وربما غيرها أيضا.
اما بالنسبة للمساعدات لم يتم ذكر عدد الشاحنات التي سيتم دخولها الى القطاع بشكل يومي ومستمر ولم يتم ذكر ادخال البيوت المتنقلة لإيواء العائلات التي فقدت بيوتها. والاهم تتضمن الورقة أي حديث عن إعادة الاعمار وهذا بحد ذاته يثير الشكوك عما سيكون مستقبل القطاع. عدم وجود بند لإعادة الاعمار يعني ببساطة الدخول في مشروع التطهير العرقي بتهجير سكان القطاع. كما لم يتم ماذا سيكون عليه وضع القطاع في اليوم التالي من سيستلم إدارة القطاع.
وماذا عن توزيع المساعدات والاليات ومراكز توزيع المساعدات وماذا عن “مؤسسة غزة الإنسانية” الإسرائيلية الامريكية التي تشكلت بعد ما يقرب من 6 أشهر من المباحثات والتي انتهت بتشكيل مرتزقة وبإشراف وكالة المخابرات المركزية الامريكية والتي رفضتها كل المنظمات الإنسانية العاملة في القطاع ومن ضمنها مؤسسات الأمم المتحدة وخاصة الاونروا لان رأت فيها أولا تسيس واضح للمساعدات عدا عن المراكز لتوزيع المساعدات تركزت في جنوب قطاع غزة حيث المخطط كان خلق معسكرات تشبه معسكرات الاعتقال والتجميع ا ل ن ا ز ي ة كخطوة على طريق التهجير بالقوة.
من الواضح ان الورقة المقدمة من ويتكوف هي أقرب بكثير الى المواقف الإسرائيلية وتبني السردية الفاشية لنتنياهو من انه كلما زاد الضغط العسكري على المقاومة كلما فرضنا التنازلات على المقاومة وتحرير الرهائن وتحقيق الأهداف من الحرب.
وأخيرا نقول إنه من المستحيل ان توافق المقاومة على هذه الورقة كما هي لأنها لا ترقى لتحقيق أدنى الشروط العادلة والمنصفة لشعبنا في القطاع. لقد أبدت المقاومة مرونة كبيرة في المفاوضات، ولكن كان وما زال لديها خطوطا حمراء لن تسمح للأعداء بتخطيها. نعلم اننا سنسمع نفس المعزوفة من ان المقاومة هي من أفشلت المقترح وليس نتنياهو الذي يصرح علانية بأنه لن يوقف الحرب الا بشروطه ويعني ان على الطرف الاخر الاستسلام كلية وهذا مستحيل. ونعيد ونقول إذا كانت الإدارة الامريكية جادة في تحقيق السلام العادل عليها ان تقوم بالضغط على نتنياهو وان تكون منصفة وعادلة مع علمنا انها لن تكون كذلك. وطالما ان الكيان الصهيوني لا يجد ضغوطا جدية من أمريكا والاتحاد الأوروبي والأنظمة العربية لن يوقف المجرم نتنياهو حرب الإبادة في غزة.
كاتب وباحث اكاديمي