الأردن: حديث سياسي على جسر عبدون!

المهندس سليم البطاينه
ربما نبقى على اتفاق بخصوص الانفصام في شخصية الكثير من المسؤولين الأردنيين (حاليين وسابقين)، المُصابين بالعمى السياسي العاجزين عن الفهم والإدراك .
والمصرّين دوما على التنطح والحديث دون غيرهم! وفي وقت ليس المطلوب منهم إلا الصمت والتوقف عن الثرثرة، من غير احتياط ولا احتراز، بالخروج عن الحد المسموح به من الكلام.
هؤلاء المتوهمين أن لقاءاتهم المتلفزة ستترك صدى واسع سَيُشغُل الرأي العام الأردني! لكن في واقع الأمر تصريحاتهم قُوبلت بسخرية واستهزاء.
الموضوع ليس بجديد! فنحن أمام تيّار متدافع لا نعرف من يحرّكه، وما أهدافه! وأمام مشاهد تُشكّل حالة من التدافع والهرولة نحو إسرائيل، ناهيك عن المبادرات والمقالات واللقاءات الخارجة عن النص غير القابلة للترجمة!
بالتأكيد هنالك ما لا تتسع له كل صفحات صحيفة “رأي اليوم” اللندنية مما يُقال عن المقابلة المتلفزة التي قام بها أحد المسؤولين السابقين مع احدى الفضائيات خارج الاردن.
وتحدث بها عن السلام الدافئ مع إسرائيل، وعن مستقبل غزة، وعن تمسكّه باتفاقية السلام! وكأنه يوحي لنا أن هذا هو رأي الدولة الأردنية ومرجعياتها!
لا اعرف باسم من تحدث صاحِبنا؟ رغم أنني كنت احاول ان اجد كلمات تصف مشاعري وأنا استمع إليه! فكل المفردات تستحي أن تصف ما جرى! لكن واضح جداً أنه كان يتحدث بنفس منهجه السابق الذي لا يخضع لنَسق فكري! ويمكن لأي إنسان تفسيرَه بالطريقة التي تروق له.
فأكثر ما يحزن المشهد الأردني حالياً هي الحماقة وحالة الثرثرة السياسية وهذا برأيي يعود إلى ان أجواءنا الفكرية والسياسية تُعاني من تَكلُّس شديد، يستثمره المغامرون والطامحون دون ان يأبهوا للأثمان الباهضة نتيجة قيامهم بأدوار مُخجلة خارج النص ومكتوبة سلفاً!، وهذا يذكرني بمصطلح استخدمه عالم النفس الفرنسي 1901- 1981 Jacques Lacan، خصَّ فيه السياسيين المَخصِيّين قال فيه: ان جوهر فكرة الاخصاء التأكد ان ادوارهم مرسومة! ووجودهم مرتبط بالخنوع!
وزير التراث الإسرائيلي (عميحاي الياهو) قال قبل يومين، يحب إلقاء قنبلة نووية على غزة! وخرائط نتنياهو وسموتريتش تُشير الى محو فلسطين وضم الأردن! وإسرائيل وقادتها ينادون صبح مساء لإعادة تشكيل الشرق الأوسط وفق رؤيتهم التوراتية !،، عن أي سلام يتحدث صاحبنا! إننا في زمن الثرثرة المُعدية ! وآن الأوان أن تُسمى الأشياء باسمائها!
ما يحدث في غزة يا سيدي تجاوز حماس والفصائل، وتجاوز كل كلمة أو عبارة أو وصف يمكن أن تُعبر عنه لغةٌ.
غزة تُباد بأبشع وسائل هذا العصر قسوة ودموية! وقتل المدنيين الأبرياء في خيامهم المهترئة، وتقطيع أوصال الأطفال والأمهات تخطى الكراهية والحقد والغلّ الأسود.
وسؤالي اليوم؟ ما معنى أن يكون عندك كرامة! ومن يحدد ذلك؟
وكيف يستطيع أي إنسان ان يستغني عنها! ولا يحركه فقدان الحاضر والماضي والمستقبل!
علينا أن نستفيق وندرك أن اوهام السلام مضيعة للوقت، فـ 29 عاماً من السلام معهم لم نجن إلا مزيداً من الأوهام فوق ركام.
لا تصالح مع إسرائيل! الأردني لن يخون فلسطين، وهذه ليست دعوة للحرب! بل دعوة لاستعادة الكرامة، ومن سيصفق اليوم لإسرائيل سيبكي غداً.
دعونا نترحّم على الفنان المصري العبقري الراحل (توفيق الدقن) ودوره الشهير في فيلم (بحبك يا حسن) الذي جسّد فيه باقتدار شخصية (عبده دنص) بلطجي الحارة وهو يتغنّى بالشرف بمقولته الشهيرة (أحلى من الشرف ما فيش).
نعم لا يوجد أحلى من الشرف لكن علينا أن نحدّد أولاً عن أي شرف نتحدّث.
وعلى الخير والمحبة نلتقي.
كاتب اردني