ما هي احتمالات رد الرئيس بوتين على الهجوم الأوكراني القوي الذي دمر طائرات قاذفة نووية في أربع مطارات روسية؟ هل يوجد دور لترامب في هذا الصدد؟ وما هي فرص عودة التهديد النووي وازدياده؟

ما هي احتمالات رد الرئيس بوتين على الهجوم الأوكراني القوي الذي دمر طائرات قاذفة نووية في أربع مطارات روسية؟ هل يوجد دور لترامب في هذا الصدد؟ وما هي فرص عودة التهديد النووي وازدياده؟

 

عبد الباري عطوان

الهجوم “الكاسح” الذي شنته أكثر من 126 مسيّرة اوكرانية على أربعة مطارات عسكرية روسية قبل يومين، ونجح في تدمير ما يقرب من 40 قاذفة استراتيجية عملاقة من طراز TU95 وTU22، قادرة على حمل، واطلاق، رؤوس نووية، جعل أوكرانيا، ودول أوروبا الغربية الداعمة لها، الى جانب الولايات المتحدة، للوقوف على رؤوس اقدامهم خوفا من الرد الروسي الذي يعتقد الكثيرون انه بات حتميا، ومتوقعا في أي لحظة، وبمعزل عن المفاوضات الدائرة حاليا في تركيا للتوصل الى هدنة بين الجانبين.
المراقبون العسكريون، يعتبرون هذا الهجوم الاوكراني المفاجئ، والمحسوب بشكل جيد، هو الأخطر منذ بدء الحرب في أوكرانيا نوعيا وكميا، وكيفيا، لانه أحدث ضررا كبيرا بالقدرة الاستراتيجية لروسيا أولا، وأظهر وللمرة الأولى ان أوكرانيا قادرة على تدمير طائرات عسكرية عملاقة في مرابضها، تتجاوز قيمة الواحة منها اكثر من 100 مليون دولار، وبمسيّرة صغيرة ودقيقة لا يكلف انتاجها الا 600 دولار ثانيا، والنجاح في الوصول الى العمق الروسي ثالثا.
الامر المؤكد ان هذا الهجوم الاوكراني ما كان يمكن ان يتم بدون التنسيق مع الولايات المتحدة، رغم نفي الأخيرة، وأخذ الضوء الأخضر من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي تدهورت علاقاته مع “صديقه” الروسي فلاديمير بوتين، ومن غير المستبعد ان ترامب استخدم هذا الهجوم للرد على رفض بوتين لدعوته للقائه في مؤتمر قمة ثلاثي مع الرئيس الاوكراني فولوديمير زيلينسكي برعاية الرئيس التركي رجب طيب اردوغان في إسطنبول.

***

الرئيس بوتين كان مصيبا في رفضه للقمة الثلاثية، لان الرئيس زيلينسكي ليس في مستواه، ولا يملك قرار نفسه، ولا يزيد عن كونه “دمية” يتلاعب بها الرئيس ترامب والقادة الأوروبيون الآخرون، بمعنى آخر يريد ان يتفاوض مع الرأس وليس مع الذنب.
اللقاء الروسي الاوكراني المنعقد حاليا في إسطنبول لا يتناول القضايا الاستراتيجية، ووقف اطلاق النار، وبات دوره يقتصر على تبادل الجنود الأسرى وجثامين القتلى في الجانبين، مضافا الى ذلك إصرار الجانب الروسي على انسحاب القوات الأوكرانية من منطقتين هما دونيتسك ولوغانسك في الشرق، ومنطقتي زابو ريجا وخيرسون في الجنوب الاوكراني، قبل أي حديث عن وقف اطلاق النار، لان روسيا ضمتها جميعا باعتبارها أراض روسية محتلة، جزئيا او كليا، من أوكرانيا.
السؤال الذي يتردد بقوة هو عن كيفية الرد الروسي المنتظر على هذا الهجوم الاوكراني، وهناك تقارير تقول انه سيكون كاسحا يستهدف مدن اوكرانية على رأسها العاصمة كييف، وضرب محطات الطاقة فيها، ومطارات وقواعد وبنى تحتية عسكرية ومدنية.
القرار الألماني المفاجئ، بتزويد أوكرانيا بتكنولوجيا انتاج صواريخ بعيدة المدى، يمكن ان يصل الى قلب العاصمة الروسية موسكو يأتي في إطار استراتيجية غربية لهجوم مضاد موسع على روسيا بعد تحقيقها تقدما كبيرا وملموسا في ميادين القتال طوال الأعوام الثلاثة الماضية، يضاف الى ذلك، وفي الإطار نفسه، اعلان بريطانيا حالة الطوارئ وزيادة ميزانية انفاقها العسكري، وتصنيع أكثر من 15 غواصة جديدة تحسبا لمواجهة قريبة مع روسيا.

***

أوروبا التي اهينت من قبل الرئيس ترامب حليفها التاريخي، وتمثلت هذه الإهانة، وربما الخيانة أيضا، عندما اتصل من وراء ظهرها ودون علمها مع الرئيس بوتين بعد عودته الى السلطة، تحاول الآن ترميم صفوفها واتخاذ موقف متشدد في الحرب الأوكرانية ضد روسيا، والاعتماد كليا على نفسها وقدراتها العسكرية دون الاعتماد على الولايات المتحدة الامريكية التي ورطتها في هذه الحرب الأوكرانية وتخلت عنها.
الحرب الأوكرانية تعود الى الواجهة مجددا وبقوة، وعلى أرضية حالة من الانقسام في المعسكر الغربي، وربما سيؤدي الرد الروسي المنتظر على الهجوم الاوكراني الأخير والمهين الى تصعيد عسكري كبير فيها، وعودة التهديد النووي الروسي بطريقة او بأخرى.. والله اعلم.