د. أنور العقرباوي: هل هي صحوة ضمير حقيقية في الغرب أم محاولة لإنقاذ الكيان الصهيوني من أزمته؟

د. أنور العقرباوي
عندما تتحول معاناة الشعب الفلسطيني المزمنة، إلى القضية التي أيقظت ضمائر شرفاء العالم الأحرار من أقصاه إلى أقصاه، فإننا لا نتحدث هنا عن مجرد تعاطف وتضامن عابر عرضي، بالقدر الذي يمثل انعطافه حادة في سبر للمفاهيم المتعلقة بالقضية الفلسطينية والظلم الواقع عليها، التي كان لها أعمق الأثر في تعرية وفضح السردية الصهيونية بزعم الدفاع عن النفس، وزور حكاياتهم الدينية والتاريخية!
بالتأكيد أن هذه اليقظة التي عمت معظم أنحاء العالم، وعبرت الجماهير عنها من خلال المسيرات المليونية والاحتجاجات المنظمة وندوات التوعية والإضرابات عن الطعام، ما كان لها كي تسترعي وقوفها إلى جانب الحق الفلسطيني، لولا الصمود الأسطوري لأهلنا في غزة، بإصرارهم على التمسك بأرضهم ورفضهم للتهجير، ومن هنا فلعلها من الفطنة بمكان عدم الإفراط بالتفاؤل حتى يبنى على الأمر بمقتضاه، حيال “النغمة” الجديدة في التصريحات الغربية الأخيرة، التي لا تختلف عن سابقاتها من التهديد والوعيد، مالم تكن الريبة من هذه الصحوة المتأخرة، هي الالتفاف على نقمة جماهيرها وامتصاص غضبها، والذي يقودنا في الخلاصة أننا أمام حالة متقدمة من استمرار النفاق وازدواجية المعايير، الهادفة إلى إنقاذ الكيان الصهيوني من ورطته التي وجد نفسه فيها، الذي صدق فيه وصف سيد الشهداء رضوان الله تعالى عليه بالكيان الأشبه ببيت العنكبوت، حين تنقشع اليوم وتفضح حقيقة الجيش الذي لا يقهر، قبل أن يسعفه الغرب بما أوتي من أدوات القتل والدمار، وصمت حكام العرب والمسلمين وتقاعس شعوبهم!
وفي النهاية التي لا يبدو حتى الساعة في الأفق لمآسيها اليومية من نهاية، نتساءل وفي القلب حسرة والحلق غصة، إن كانت مناظر الإبادة من خلال أحدث وأبشع، وسائل القتل والدمار والتي لم تستثني حتى سلاح التجويع منها، التي ألهبت أحاسيس ومشاعر الشعوب الحرة قاطبة وأيقظت فيها الضمير الإنساني، إن كانت تختلف عن المشاهد التي يشاهدها العرب والمسلمين حكاما ومحكومين، إن كانوا يفعلون، حتى يطول بهم ذاك الصمت والسكون، من دون أن تحرك فيهم رابطة العرق والدين وازعا من نخوة أو ضمير، قبل أن يبتلوا لا قدر الله بما قد ينتظرهم من مصير، طالما بقوا على حالهم للإرادة الحرة الوطنية فاقدين، وأبلغ همهم إرضاء أسيادهم الذين بظنهم شرعيتهم منهم يستمدون، حتى حين يدركون أن تغير “اللهجات” مهما تبدلت نغمتها أو نبرتها، فإنها لا تجدي نفعا، وكيف لا وحكامنا هم الأجيد والأدرى بها والعالمون!
لله درك يا غزة العزة والشموخ والصمود، حين غيرت وجه العالم كلها، وكان الله في عونك، حتى يوم نصره المبين الموعود.
فلسطيني واشنطن