في اليوم العالمي للضحايا تحت العدوان… أطفال غزة يعانون من نقص العلاج والغذاء

غزة/ الأناضول
بينما يمر “اليوم العالمي للأطفال الأبرياء ضحايا العدوان” الأربعاء، يواصل الأطفال الفلسطينيون بقطاع غزة دفع الثمن الأكبر لحرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل منذ 20 شهرا، وسط حصار خانق تفرضه تل أبيب على دخول المساعدات الغذائية والطبية منذ 2 مارس/ آذار الماضي.
ويعيش أكثر من مليون طفل في غزة، واقعا مأساويا بينهم عشرات الآلاف يعانون من إصابات مختلفة منهم حالات بتر لطرف أو أكثر من أجسادهم.
ويعيش 42 ألف طفل حالة يتم، بينما يهدد الموت جوعا نحو 70 ألف آخرون جراء إصابتهم بسوء تغذية ونقص الغذاء، وفق ما أوردته أحدث بيانات المكتب الإعلامي الحكومي بغزة.
وتزداد المخاطر التي تواجه الأطفال خاصة المصابين والمرضى منهم، جراء نقص العلاجات والأدوية وسوء التغذية الحاد الناجم عن سياسة التجويع الإسرائيلية وإغلاق المعابر، فضلا عن تراجع الرعاية الطبية في ظل انهيار القطاع الصحي بغزة بسبب الاستهداف المتعمد له.
وتحيي الأمم المتحدة في 4 يونيو/ حزيران من كل عام “اليوم الدولي لضحايا العدوان من الأطفال الأبرياء”، بهدف الاعتراف بمعاناة الأطفال، من ضحايا سوء المعاملة البدنية والعقلية والنفسية، في جميع أنحاء العالم، وتأكيد التزام الأمم المتحدة بحماية حقوق الأطفال، واسترشاد عملها باتفاقية حقوق الطفل.
ويأتي إحياء هذا اليوم بعد نحو أسبوعين من دعوات إسرائيلية للتخلص من أطفال غزة، أبرزها لعضو كنيست سابق عن حزب الليكود وزعيم حزب “زيهوت” اليميني المتطرف موشيه فيغلين، حين قال للقناة “14” اليمينية العبرية: “كل طفل في غزة هو عدو. علينا احتلال غزة واستيطانها، حتى لا يبقى فيها طفل واحد من غزة. لا يوجد نصر آخر”.
**الطفل القرا: شلل كامل
الطفل عبيدة القرا (10 أعوام)، أصيب بشلل كامل في كافة أنحاء جسده وفقد السمع والبصر إثر إصابته بقذيفة أطلقها مدفعية إسرائيلية صوبه مباشرة.
يرقد الطفل عبيدة، على أحد أسرة أقسام الرعاية الصحية، غائبا عن الوعي، في وقت كان من المفترض أن يكون فيه داخل غرفة العناية المركزة، لكن انهيار النظام الصحي وكثرة الإصابات الخطيرة حرمه من هذا الحق في العلاج، وفق حديث والده للأناضول.
وأوضح والده أن عبيدة، فقد “كافة مقومات الحياة وأصيب بشلل كامل وفقد حاستي السمع والبصر نتيجة إصابته بقذيفة إسرائيلية مدفعية”.
وذكر أن عبيدة لم يتلق أي غذاء (حليب) منذ أكثر من 3 أيام وذلك بسبب الإغلاق الإسرائيلي للمعابر ونقص الأدوية.
ويعاني النظام الصحي بغزة من انهيار كامل جراء الاستهداف الإسرائيلي المتعمد للمستشفيات والمراكز الصحية المتبقية والعاملة في القطاع ومنع دخول الأدوية والمستلزمات والأجهزة الطبية.
** الطفلة أبو الكاس: بتر في طرفين
أما الطفلة شيرين أبو الكاس (16 عاما)، فأصيبت بقصف إسرائيلي استهدف منزلها في مدينة غزة وتسبب في بتر كلتا قدميها من منطقة فوق الركبة.
ورغم بتر طرفيها إلا أنها تبقى بحالة صحية أفضل من الكثير من أطفال غزة الذين تعرضوا لبتر أطرافهم الأربعة العلوية والسفلية.
وأوضحت شيرين، للأناضول أنها تخضع بشكل يومي لعمليات جراحية في كلتها قدميها لحمايتهم من الإصابة بأي التهابات تهدد لاحقا بتر كامل القدمين.
وأضافت: “منذ أن كنا صغارا لم نشعر بالحياة، وعندما اندلعت هذه الحرب فقدنا الحياة نهائيا (…) حياة الأطفال معدومة فقد حُرموا من كافة حقوقهم كاللعب والحياة والتعليم”.
ووصفت شيرين، حال أطفال قطاع غزة مع استمرار حرب الإبادة بـ”الكابوس الذي لم يستيقظوا منه بعد”.
وأعربت عن آمالها في سفر كافة الجرحى إلى الخارج لاستكمال العلاج، لافتة إلى أن ما يقدم للجرحى في غزة “لا يناسب وضعهم الصحي” بسبب نقص الأدوية والعلاجات بفعل الحصار.
وعن لحظة قصف منزلها، قالت شيرين: “لم أشعر بشيء في البداية، لكنني استيقظت من النوم ولم يكن في المكان أي إضاءة وكأن شيئا يخنقني”.
وتابعت: “حينما شاهدت الحجارة والركام تحيط بي أدركت أن الجيش الإسرائيلي استهدف المنزل، وحاولت إزاحة الحجارة لكنني لم أنجح”.
وأشارت شيرين، إلى أنها تعرضت لبتر في قدميها منذ وصولها إلى المستشفى المعمداني جراء خطورة إصابتها.
** الطفل أبو عمشة: بتر في 3 أطراف
الطفل عبد الكريم أبو عمشة (15 عاما)، تعرض لبتر في 3 من أطراف جسده جراء إصابته بقصف إسرائيلي استهدف مدرسة “موسى أبو نصير” شرق مدينة غزة، والتي نزح إليها برفقة عائلته.
وقال عبد الكريم، للأناضول، إن الجيش الإسرائيلي قصف المدرسة بعد منتصف الليل وهم نيام، ما تسبب بإصابته في مناطق مختلفة من جسده بُترت على إثرها 3 من أطراف جسده كلتا اليدين واحدة من منطقة أسفل الكوع والثانية أعلاه، وقدمه من منطقة فوق الركبة.
وأوضح أن القصف الإسرائيلي أسفر أيضا عن إصابة جميع أفراد عائلته بجروح مختلفة.
وطالب عبد الكريم، الدول العربية والمؤسسات المعنية بالعمل على تسهيل خروجه من قطاع غزة للعلاج وتركيب أطراف صناعية تعيد إليه الحياة.
وأضاف: “أحلم أن أسافر، وأن يركبوا لي أطراف صناعية، أتمنى أن أعيش حياتي، ونحصل على حقوقنا كما أطفال العالم”.
وأشار عبد الكريم، إلى أن “أطفال غزة يموتون ألف مرة في اليوم من الجوع والعطش والقصف والنزوح”.
**الطفلة أبو جرادة: ما ذنبي؟
من جانبها، تقول الطفلة لمى أبو جرادة (9 أعوام)، في أحد المستشفيات الميدانية بغزة، إنها أصيبت منذ 3 أسابيع بشظية صاروخ إسرائيلي دخلت من بطنها وخرجت من ظهرها.
وأوضحت أنها تتعرض لإجراءات طبية يومية نتيجة حدوث التهابات تهدد جرحها، لافتة إلى أنها تعيش في حالة ألم مستمر في ظل نقص العلاج اللازم لها.
وتساءلت لمى، بصوت حزين: “ماذا هو ذنبي كي أصاب؟”، لافتة إلى أن حلمها بأن تعيش طفولتها كباقي أطفال العالم.
**الطفلة أبو شمالة: العلاج مفقود
بدورها، تقول الطفلة تاليا أبو شمالة (9 أعوام)، إنها أصيبت في رأسها بشظية صاروخ إسرائيلي.
وأضافت تاليا، للأناضول، وعلامات الجرح في الجهة الأمامية من رأسها ما زالت واضحة: “كنت نائمة، وأصيبت بشظية في رأسي”.
وأكدت أنها تعاني من أوجاع شديدة في رأسها نتيجة فقدان العلاج اللازم لحالتها، وفق ما أكدته أيضا والدتها، دون الإفصاح عن المزيد من التفاصيل.
وأشارت تاليا، إلى أنها تواجه هذه المعاناة وسط اشتياق شديد لوالدها الذي غادر القطاع قبل اندلاع حرب الإبادة وعجز عن العودة بسبب إغلاق المعابر.
وطالبت بلم شملها مع والدها وتسهيل سفرها إلى خارج القطاع من أجل استكمال العلاج.
وخلفت الإبادة الإسرائيلية بدعم أمريكي منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، نحو 180 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم أطفال، فضلا عن دمار واسع.
وتحاصر إسرائيل غزة منذ 18 عاما، وبات نحو 1.5 مليون فلسطيني من أصل حوالي 2.4 مليون بالقطاع، بلا مأوى بعد أن دمرت حرب الإبادة مساكنهم.