الحجاج يمارسون أهم شعائر الحج على جبل عرفات تحت أشعة الشمس الحارقة.

جبل عرفات-(أ ف ب) – يقف الحجّاج على جبل عرفات الخميس لأداء الركن الأعظم للحج وسط درجات حرارة مرتفعة دفعت السلطات السعودية إلى دعوتهم جميعا لالتزام الخيام خلال ساعات النهار الأشد حرّا.
قبيل بزوغ الفجر، تجمّع الحجّاج عند صعيد عرفات الذي يبعد عن الحرم المكي نحو 23 كيلومترا.
ووصل بعض الحجّاج باكرا للاستفادة من الجو الملطّف نسبيا، حاملين مظلات ملوّنة.
وحكى علي (33 عاما) الذي جاء من باكستان، وهو واحد من بين أكثر من مليون ونصف مليون مسلم توافدوا إلى السعودية لأداء فريضة الحج، “هذا شيء اعتدتُ رؤيته سنويا على شاشة التلفزيون خلال موسم الحج”، مضيفا أنه كان يردّد “أتمنى لو كنتُ هناك”.
وقال وهو ينظر إلى جبل عرفات “أحاول الوصول إلى هنا… منذ ثلاث سنوات. أشعر بنعمة كبيرة”.
وعبّرت خديجة، وهي حاجّة جزائرية تبلغ 40 عاما، عن استعدادها التام لهذا “اليوم العظيم للمسلمين”، وهي التي أتت إلى جبل عرفات مع والدها المُسن قرابة الساعة 08,30 صباحا بالتوقيت المحلّي تحت أشعة شمس حارقة.
وفي مشعر عرفات، سيمضي الحجاج نهارهم في تأدية العبادات، من الصلاة والدعاء وتلاوة القرآن، حتى غروب الشمس.
وبدموع من الفرح، قالت المصرية إيمان عبد الخالق إنها كانت تحاول القدوم إلى الحج منذ عشر سنوات.
وشرحت السيدة الخمسينية لوكالة فرانس برس وهي تقف قرب جبل عرفات “هذا حلم كبير كنت فقدت الأمل في تحقيقه”.
ودعت السلطات السعودية هذا الأسبوع الحجّاج إلى البقاء داخل خيامهم بين الساعة العاشرة صباحا والرابعة بعد الظهر في يوم عرفة، لتفادي التعرض لشمس الصحراء الحارقة.
وقال عادل إسماعيل (54 عاما)، وهو حاجّ من سوريا، إنه جاء باكرا لتفادي الشمس، مؤكّدا “بعد ذلك سوف نختبئ في الخيمة”.
ووُزّعت المراوح المزودة برذاذ الماء وتوفير الهواء البارد على الحجّاج في محيط الجبل.
وبعد الغروب، سيتوجه الحجاج إلى مشعر مزدلفة الذي يتوسط عرفات ومِنى، للاستراحة والمبيت هناك استعدادا ليوم النحر وهو يوم العيد. ويبدأ الحجّاج جمع بعض الحصى الذي سيستخدمونه في رمي جمرة العقبة.
– “إجهاد حراري” –
عشية ركن عرفة الأعظم، وصلت معدلات الحرارة الأربعاء إلى 42 درجة مئوية في مكة المكرمة ومشاعر عرفات ومنى ومزدلفة، وفق المركز الوطني للأرصاد.
وحذّرت وزارة الصحة في بيان نقلته وسائل إعلام سعودية من “تسلّق الجبال أو المرتفعات في يوم عرفة” لما يسبّبه ذلك من “إجهاد بدني شديد يزيد من احتمال التعرض للإجهاد الحراري”.
ونصحت الوزارة أيضا الحجيج بالتنقل بالمظلة وشرب كمية كافية من السوائل.
وعشية ركن عرفة الأعظم، وصلت معدلات الحرارة الأربعاء إلى 42 درجة مئوية في مكة المكرمة ومشاعر عرفات ومنى ومزدلفة، وفق المركز الوطني للأرصاد.
ويشهد موسم الحج هذا العام تعزيز الإجراءات الوقائية من الحرّ، لتفادي كارثة العام الماضي عندما توفي 1301 شخص، عندما بلغت درجات الحرارة 51,8 مئوية، وفق السلطات السعودية.
ولجعل الحج أكثر سلاسة وأمانا، طوّرت السلطات البنى التحتية وحشدت آلاف الموظفين الإضافيين، واعتمدت على ترسانة تكنولوجية متقدّمة تساعد على إدارة الحشود بشكل أفضل.
وأعلنت السلطات السعودية حشد أكثر من 250 ألف موظف، والتنسيق بين أكثر من 40 جهة حكومية، لمواجهة موجات الحرّ المحتملة، وفق ما أفاد وزير الحج توفيق الربيعة وكالة فرانس برس الأسبوع الماضي.
ومن بين الإجراءات أيضا، زيادة المساحات المظلّلة بـ50 ألف متر مربع، ونشر آلاف الطواقم الطبية، وتوفير أكثر من 400 وحدة تبريد.
– إدارة الحشود –
وتجاوز عدد الحجاج الوافدين إلى السعودية 1,4 مليون شخص، وفق السلطات.
وشكّلت إدارة الحشود تحديا كبيرا في مواسم الحج السابقة، لا سيما في العام 2015 عندما توفي نحو 2300 شخص جرّاء تدافع كبير.
وبالنسبة إلى وفيات عام 2024، كانت السعودية أفادت أنّ غالبيتهم لم يستحصلوا على تصاريح رسمية للحجّ، وبالتالي كانوا يفتقرون إلى وسائل الراحة مثل الخيام المكيّفة والحافلات للتنقّل.
أما هذا العام، فأطلقت السلطات حملة واسعة لمكافحة الحجّاج غير النظاميين الذين يحاولون التسلّل إلى مكّة، وتضمنّت عمليات دهم متكرّرة، ومراقبة عبر طائرات مسيّرة، وإرسال تنبيهات نصّية.
وتُعطى تصاريح الحج للدول وفق نظام الحصص، ثم تُمنح للأفراد عادة عبر قرعة، لكنّ التكاليف المرتفعة صارت تدفع حتّى بعض من يحصلون عليها إلى أداء المناسك من دون تصريح، ما يعرّضهم لخطر التوقيف والترحيل.
وتُشكّل مناسك الحج والعمرة مصدر دخل كبير للسعودية التي تضمّ أقدس المواقع الإسلامية في مكة المكرمة والمدينة المنوّرة، وتدرّ على المملكة مليارات الدولارات سنويا.