نعم.. المشروع الذي أوقفه مجلس الأمن الدولي يساند “حماس” ويتسبب بخيبة أمل لواقعي ثلاثي الدول العربية التي قدمت 5 تريليونات لترامب “رجل السلام”.. وهذه رؤيتنا للمرحلة المقبلة.

نعم.. المشروع الذي أوقفه مجلس الأمن الدولي يساند “حماس” ويتسبب بخيبة أمل لواقعي ثلاثي الدول العربية التي قدمت 5 تريليونات لترامب “رجل السلام”.. وهذه رؤيتنا للمرحلة المقبلة.

عبد الباري عطوان

موافقة 14 دولة في مجلس الامن الدولي على مشروع قرار بوقف فوري لحرب الإبادة في قطاع غزة، والدخول الفوري للمساعدات الإنسانية، واستخدام الولايات المتحدة حق النقض “الفيتو” لإجهاض دليل إضافي يؤكد ان الإدارة الامريكية شريكة أساسية داعمة لهذه الحرب، واستمرارها، وذبح أكثر من 60 الفا من أبناء القطاع واصابة 150 آخرين، معظمهم من الأطفال والنساء.
نعم.. نتفق مع وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو الذي برر استخدام ادارته “الفيتو”، وعرقلة هذا القرار الإنساني بالقول انه يخدم حركة المقاومة الاسلامية “حماس” لان القرار اكد ان الحركة كانت على حق وتملك الرؤية الثاقبة، عندما رفضت بصلابة الوساطة الامريكية المنحازة لحرب الإبادة، ولم تقبل خطة المبعوث الأمريكي الصهيوني ستيف ويتكوف لوقف اطلاق النار، وأكدت انه لا يمكن الثقة بهذه الإدارة ورئيسها ترامب، وضماناتها الزائفة.

***

هذا “الفيتو” الأمريكي في مجلس الامن الدولي ينسف المقولة الكاذبة التي تصف الرئيس ترامب بأنه “رجل السلام”، الذي اعطى تعليماته بتأييده ودعمه بقوة، في تحد للعالم بأسره، مثلما يؤكد انه الوحيد تقريبا الذي يقف في الخندق الإسرائيلي، وان كل التسريبات حول وجود خلاف بينه وبين نتنياهو أكاذيب مفضوحة لا تحتاج الى إثبات.
لا نبالغ اذا قلنا ان هذا “الفيتو” يشكل صفعة قوية لثلاث دول عربية هي السعودية والامارات وقطر التي قدمت أكثر من 5 تريليونات دولار للرئيس ترامب لدعم ادارته، وإنقاذ أمريكا من الانهيار الاقتصادي، وجاء “الفيتو” مكافأة لها على هذا الكرم السخي الذي يأتي دون أي مقابل، ودعما لحرب التجويع، وقتل الأطفال والمدنيين في القطاع المحتل.
صحيح ان الدول الأوروبية دائمة العضوية في المجلس أيدت مشروع وقف الحرب فورا، ولم تقف في الخندق الأمريكي الإسرائيلي كعادتها، ونتحدث هنا عن بريطانيا وفرنسا، وشقت عصا الطاعة على السيد الأمريكي، وباتت تؤيد حل الدولتين، والاعتراف بقيام دولة فلسطينية مستقلة، ولكن هذا الموقف غير كاف، لانه انشائي، وغير مدعوم بأي قرارات عملية على الأرض، وأبرزها وقف تصدير الأسلحة لدولة الاحتلال، وفرض عقوبات اقتصادية وسياسية عليها، وطردها من المنظمات الدولية، والمناسبات والدورات الرياضية على غرار ما فعلت ضد روسيا، وايران، والصين، والنظام العنصري الأبيض في جنوب افريقيا.
عار على أمريكا التي تدعي انها زعيمة العالم الحر، وقبلة الحريات وحقوق الانسان، وتخوض الحروب وتفرض العقوبات من اجل فرضها في العالم الثالث، تحت عنوان محاربة الاستبداد والإرهاب، عيب عليها، ووصمة عار إضافية في تاريخها الدموي الحافل، ان تقف الى جانب حرب التجويع، وقتل الأطفال امام مراكز الإغاثة وتوزيع الطعام، واعمال القتل والتطهير العرقي الدموي ووقف وصول المساعدات الإنسانية وتدمير المستشفيات.
بعد تمزيق كل أقنعة الزيف عن الوجه الأمريكي القبيح، والدموي، المؤيد لقتل الأطفال والنساء من خلال هذا الموقف الوحشي في مجلس الامن، نطالب حركات المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة بوقف أي حوار او تعاطي مباشر او غير مباشر، مع ما يسمى بمفاوضات وقف اطلاق النار في القطاع فورا، مثلما نطالب الوسطاء العرب الذين ينخرطون في ما يسمى بجهود الوساطة برعاية أمريكية، ومصر ودولة قطر تحديدا، بالانسحاب من هذا الدور المضلل، الذي يبرر ويتستر على النوايا الامريكية الحقيقية في دعم حرب الإبادة، وإعطاء الوقت لدولة الاحتلال للاستمرار فيها وتحقيق أهدافها الأساسية، وأبرزها تهجير مليونين ونصف من أبناء القطاع بالقوة والإرهاب والمجازر، وفرض اكذوبة ترامب بإقامة “ريفيرا” الشرق الأوسط للإسرائيليين، وسماسرة العقار، بزعامة الرئيس ترامب وشركاته، وانسابه وأصدقائه، وعلى رأسهم جاريد كوشنر، وستيف ويتكوف والقائمة تطول.

***

لا خيار امام الشعب الفلسطيني غير استمرار المقاومة للاحتلال ومخططاته، والدول الداعمة له وعلى رأسها الولايات المتحدة، مهما بلغت التضحيات، فما حصل في مجلس الامن الدولي مساء امس الأربعاء هو استفتاء عالمي تأييدا لحقوقه المشروعة في البقاء والعيش الكريم وتحرير جميع أراضيه المحتلة، وقيام دولته المستقلة، ونراها قريبة جدا، والنصر صبر ساعة.. والأيام بيننا.