سعد الدالاتي: الفرقة 84: دمج المقاتلين الأجانب في الجيش السوري بين الحاجة والمخاطرة.. قرار الدمج وتأثيراته السياسية

سعد الدالاتي: الفرقة 84: دمج المقاتلين الأجانب في الجيش السوري بين الحاجة والمخاطرة.. قرار الدمج وتأثيراته السياسية

 

 

سعد الدالاتي

 

في 2 يونيو 2025، أعلن المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، توماس باراك، أن الولايات المتحدة وافقت على خطة الحكومة السورية الجديدة لدمج حوالي 3,500 مقاتل أجنبي سابق من المعارضة، معظمهم من الأويغور
حظوا بإشادة كبيرة وتعاطف ملفت من قبل الحاضنة الثورية في المناطق المحررة سابقاً وبعد الإعلان الأمريكي الأخير كانت جل الاصداء من الشخصيات المحسوبة على الثورة قد باركت هذه الخطوة مكررين عبارات بمعنى انهم قدموا من التضحيات  يتجاوز ما قدّمه أبناء الأرض أنفسهم.
مؤخرًا، صدر قرار غير معلن – مدعوم أمنيًا – بدمج مئات من هؤلاء المقاتلين ضمن تشكيلات الجيش السوري، وعلى رأسها “الفرقة 84”. خطوة تعني عمليًا منحهم الجنسية العربية السورية تماشياً مع بروتوكولات العسكرة الوطنية .
الحكومة بين الإكراه السياسي والاحتواء الأمني
من زاوية أكثر عمقًا، يبدو أن الدولة السورية لا تملك ترف الرفض الصريح لدمج المقاتلين الأجانب، خاصة في ظل ضغوط إنسانية وأمنية معقدة. فترحيل هؤلاء – ومعظمهم ملاحقون دوليًا، أو محكوم عليهم بالإعدام في بلدانهم الأصلية – قد يُفهم على أنه حكم غير مباشر بالإعدام، وهو ما يضع الدولة في موقع غير إنساني أمام المجتمع الدولي.
في المقابل، إبقاؤهم دون أفق قانوني أو إداري واضح يفتح الباب أمام احتمال تمرّد مسلّح، أو على الأقل  تكتل مسلح خارج السيطرة، وهو سيناريو أثبت التاريخ المحلي والإقليمي أنه لا يمكن التساهل معه.
لذلك، قد يكون خيار الدمج – رغم مخاطره – قد يكون ايحاءً ان يد الدولة ما زالت هي العليا في التحكم بالقوى الحليفة لها
 نواة صلبة داخل الجيش  : مكاسب الدمج
لا شك أن إدماج المقاتلين الأجانب ضمن تشكيلات الجيش النظامي يوفّر مكاسب ميدانية ملموسة، قد يصعب تجاهلها في هذه المرحلة الحساسة.
فهؤلاء يشكّلون قوة عالية الانضباط، تمرّسوا في أقسى ظروف القتال، وتشرّبوا ثقافة المواجهة توازي النخب السورية من أبناء الأرض وتعد زنادا لا يصدأ حين يتعرض الحكم للخطر واكبر مثال ترفيع عدد من ضباط غرفة عمليات ردع العدوان ليشكلو هيئة اركان كان من بينهم ٦ أجانب بحسب صحف دولية
الأسئلة المؤجلة : تحديات الدمج
لكن كل خطوة جريئة تحمل في طياتها مخاطر حقيقية:
– صدام عقدي محتمل: وزارة الأوقاف السورية صرّحت مؤخرًا أن المذاهب الرسمية للدولة هي “الأشعرية والماتوريدية”،يعد قراراً علنياً  ضد  أي نشاط سلفي جهادي داخل مؤسسات الدولة. بينما ينتمي معظم الأجانب لمدارس عقدية مختلفة، وبعضهم يحمل رؤى تتعارض مع المزاج الرسمي للدولة.
– غياب التجربة السلمية: هؤلاء المقاتلون خاضوا الحرب، وأثبتوا كفاءة ميدانية. لكن مرحلة ما بعد الحرب  أخرى تمامًا، وتتطلب قدرة على التعايش، وضبط النفس، واحترام القرار السياسي حتى حين يخالف قناعاتهم العقائدية.
– خطر التكتل المستقل: تجميع هذه القوة في تشكيل واحد يفتح احتمال ولادة “تكتل عسكري” خارج السيطرة التقليدية، خاصة إذا ما ارتبط لاحقًا بمرجعيات خارجية دينية أو أمنية.

انشطارات عقدية داخل الجيش: التقاء هؤلاء المقاتلين بالمتطوعين الجدد أو الجنود السوريين ذوي الخلفية الوطنية–الثورية قد يُنتج صراعًا داخليًا، لا سيما في ما يتعلّق بمسائل مثل:

الموقف من تطبيق الشريعة أو علمانية الدولة؛

الالتزام بقرارات القيادة حتى لو تعارضت مع القناعات الدينية؛

ولاء الجيش للدولة الوطنية مقابل الولاء لعقيدة عابرة للحدود.

وقد يتطوّر هذا التوتر إلى مواجهات غير مباشرة مع مسؤولين مدنيين أو عسكريين، خصوصًا في حال صدور أوامر تُعد “مرفوضة شرعًا” من منظور هذه الفئة
تحليل الموافقة الامريكية ومن المستفيد
يوجد  تحليل لاداء الحكومة حول هذا الملف الحساس  يفضى الى الضغط على أمريكا للموافقة على دمجهم من خلال تصريح الشرع المباشر عن الأجانب” اما معنا او مع تنظيم الدولة”  ويبدو انه اقنع الامريكان بهذا الرأي  فنجا من اثنتين الأولى الإغتيال فاذا كان صادقا في تصريحه ومع دخول الضباط الأجانب العميق في الدولة فحتما سيكون هدفهم الأول هو اغتيال الشرع  في حال تم اقصاؤهم  وتبنيهم من قبل تنظيم الدولة
اما الثانية فهي التعري الأمني فرغم دمج فصائل الثورة الا انه لا يزال نفس الفصائلية والأحزاب سائد بين افراد ومجموعات وزارة الدفاع فعندما تساوت مقدرات هيئة تحرية الشام سابقاً مع فصائل الجيش الوطني وبالأخص القوة المشتركة وكانوا كفرسي رهان  رجحت كفة الشرع وفريقه المقرب بسبب المهاجرين حيث يعتمد عليهم في امنه الخاص والملفات الحساسة وامن الدولة والامن العسكري لكتائبه
هل يعاد سيناريو دولة المماليك ؟
التاريخ لا يكرر نفسه حرفيًا، لكنه يعيد إنتاج نماذجه في سياقات مختلفة. فدمج المقاتلين الأجانب داخل المؤسسة العسكرية السورية يستحضر تجربة المماليك الذين بدأوا كجنود مستوردين لحماية الحكم، ثم تحوّلوا إلى قوة ضاربة، فإلى حكّام فعليين.
ما حدث مع الدولة الايوبية من وصول المماليك الى دفة القيادة  ليس بعيداً عن الحكم السوري فالمبررات متوفرة، والنفوذ داخل مفاصل الدولة يتنامى بشكل ملموس إضافة للقوة العسكرية
اليوم، تبدو بعض التحذيرات مشروعة:
ماذا لو قررت هذه التشكيلات، بعد سنوات، فرض شروطها على الدولة؟
وماذا لو تورّطت في صراعات خارجية تخص بلدانهم الأصلية، كالتركستان والشيشان وغيرها؟
ما بين الثورة والواقع: مساحة رمادية
صحيح أن كثيرًا من هؤلاء قاتلوا في صفوف الثورة بصدق وشراسة، وربما بتفانٍ يفوق ما قدّمه بعض السوريين.
لكن يجب الاعتراف أيضًا بأن الثورة شكّلت لهم في لحظة ما ملاذًا سياسيًا وعقائديًا من الاضطهاد في بلدانهم، لا سيما الإيغور وغيرهم من شعوب آسيا الوسطى.
كانت سوريا بالنسبة لهم فرصة للتحرر والتعبير، كما كانت فرصة لبعضهم لبدء مشروع أممي يتجاوز الحدود. “اليوم، تتلاشى معالم الثورة وتظهر ملامح الدولة، ما يستدعي مراجعة العلاقة مع هذه الفئة التي كانت شريكًا في المعركة، لكن قد لا تكون شريكًا طبيعيًا في بناء ما بعدها.”

 صحفي ومدون سوري