آسيا العتروس: أسطول الحرية أو الدفاع عن إنسانية الإنسان في غزة

آسيا العتروس: أسطول الحرية أو الدفاع عن إنسانية الإنسان في غزة

اسيا العتروس
ليست هذه المرة الاولى التي تبحر فيها مجموعات أسطول الحرية الى غزة لكسر الصحار المفروض على القطاع منذ 2007 , و كانت مبادرات سابقة انطلقت في 2010 بمشاركة عربية اوروبية وتركية  جمعت برلمانيين و صحفيين و نشطاء والتقى الاسطول الذي قبالة مدينة ليماسول جنوب قبرص و قبل أن يصل الاسطول مبتغاه هاجمت قوات اسرائيلية بالرصاص الحي  والطائرات سفينة مرمرة و قتلت تسعة من النشطاء وأصابت العشرات كما قامت القوات الاسرائيلية بالتشويش على البث و منع الصحفيين المتواجدين ضمن القافلة من نقل ما يجري  الى العالم ..ما حدث بعد ذلك معلوم فقد رفض الرئيس التركي اردوغان مصافحة شيمون بيريز على هامش منتدى دافوس و اتهم حكومته بقتل المدنيين والاطفال .. و انتهى الدور التركي حيث بدأ و بعد أكثر من عقد و نصف على حادثة مرمرة لم تدفع تركيا التي تربطها علاقات عسكرية متينة بالكيان الاسرائيلي الى تغيير المشهد ولم تدفع تركيا العضو في الحلف الاطلسي الى قطع علاقاتها مع تل أبيب و توخت نفس الموقف الذي وقعت فيه دول عربية مطبعة كانت و لا تزال تكرر منذ تفجر جريمة الابادة في غزة أنها تسعى للضغط و تسابق الزمن لوقف لاطلاق النار بقي حتى الان مؤجل رغم ما كل ما جرفته عملية الابادة في غزة من قتل و تدمير و تهجير و تجويع تحت أنظار العالم ..
ما يستوجب الانتباه عند هذه المرحلة أنه مقابل الخمول و التواطؤ الرسمي فان هناك تحركات شعبية على أكثر من جبهة تدفع للتأثير على صناعة القرار في المؤسسات الدولية لوضع حد للتحوش الاسرائيلي , قد خرج الامر من رحاب اكبر الجامعات و اعرقها ليمتد الى الشوارع التي شهدت مظاهرات مليونية لم تتوقف عن التنديد بجرائم الحرب في غزة و المطالبة بتحرك دولي فاعل ..و جاءت تحركات نشطاء أسطول الحرية لتؤكد و أن هناك لا يزال بعض الضوء في نهاية النفق و أن من وقفوا عاجزين صائغين أمام ارادة الاحتلال يرون اصرار و ارادة هؤلاء النشطاء العزل في اسقاط كل ذرائع الاحتلال و كل و مبررات المتواطئين الذين يتخفون خلف مقولة أنه لا أحد بامكانه اليوم قطع أي خطوة يمكن ان تساعد في الضغط على كيان الاحتلال أوتعزز عزلته ومقاطعته عسكريا واقتصاديا وثقافيا ..طبعا ندرك أن موازين القوى لا تخدم القضية الفلسطينية العادلة ولا نستبعد بالمرة أن يكون رد جيش الاحتلال على قافلة الحرية همجيا وأن يكون على أعلى درجات التوحش والدموية والغطرسة مستفيدا في ذلك من ضعف وهشاشة العدالة الدولية و ترنح الدور الاوروبي الذي دخل مرحلة التحنيط و لكن مستفيدا قبل كل ذلك من الدعم الامريكي الامحدود والغطاء العسكري غير المسبوق الذي وفرته الادارة الامريكي السابقة برئاسة بادين والادارة الراهنة بادارة ترامب لمواصلة تنفيذ المجازر والمضي قدما في حرق الاخضر واليابس ..
وكما تنام غزة وتصحو منذ عشرين شهرا على وقع القصف والابادة فقد نستفيق في الساعات القادمة على وقع استهداف جيش الاحتلال قافلة الحرية التي انطلقت من أكثر من بلد في العالم في محاولة للابحار الى غزة ونقل رسالة انسانية طال انتظارها الى أهل غزة الذين يدفعون ثمن أبشع وأفظع وأطول احتلال في العصر الحديث والذين يتطلعون ربما الى بعض من الامل المفقود مع هذه القافلة الكونية التي تجمع كل الانتماءات والجنسيات واللغات والعقائد التي اشتركت في لحظة المواجهة في محاولة لفك الحصار عن غزة و اهلها و الانتصار ل قيم و مبادئ الحق في الحياة و الحرية و الوجود ..
لسنا واهمين و ندر جيدا مخاطر اللوبيات الصهيونية و حسابات الحكومات والانظمة المتنافسة على ارضاء كيان الاحتلال والخضوع لابتزازت ومساومات لعبة الضحية و المحرقة اليهودية و لكن ندرك أيضا أن مقابل كل هذه الدناءة و هذا الخذلان و التنكر و التواطؤ الرسمي هناك  صحوة شعبية تجرف النخب و الاكاديميين و الجامعيين و الشعوب التي تمردت على الرواية الصهيونية الزائفة و باتت ترفض استمرار استنزاف عائدات دافعي الضرائب في دعم كيان ارهابي قاتل متعطش للدم و هي مسألة باتت واضحة من خلال استطلاعات الرأي و اخرها ما نشره مركز بيو للابحاث الذي كشف تزايد المشاعر السلبية تجاه إسرائيل، ورئيس وزرائها بنيامين نتنياهو بشكل عام، في معظم أنحاء العالم.وشمل الاستطلاع، الذي أُجريَ في 24 دولة، وشارك فيه أكثر من 28 ألف شخص، تقييماتٍ لرئيس الوزراء الإسرائيلي، حيث أظهرت النتائج أن نتنياهو لم يحظَ بتأييدٍ يتجاوز الثلث في أي من الدول المشارِكة، باستثناء كينيا ونيجيريا، وفق موقع صحيفة يديعوت أحرونوت.
كما أظهرت النتائج أن النظرة العامة تجاه إسرائيل كانت سلبية أيضاً، إذ عبّر الأغلبية، في 20 من الدول التي شملها الاستطلاع، عن آراء غير مؤيِّدة لهذا الكيان ..وفي الولايات المتحدة، أعرب 53 في المائة من المشاركين عن رأي سلبي تجاه إسرائيل، بزيادة قدرها 11 نقطة مئوية، مقارنة بعام 2022. وفي المملكة المتحدة، ارتفعت نسبة غير المؤيدين لإسرائيل من 44 في المائة، عام 2013، إلى 61 في المائة حالياً.لقد كشف دان ياهف المؤرخ اليهودي  في كتابه (طهارة السلاح) في بداية الألفية الثالثة، العام 2000، عندما فُتح الأرشيف الإسرائيلي للباحثين، ثم أغلق حتى إشعار آخر، أسرار حوالى أربعين مجزرة إسرائيلية الى جانب مجزرة دير ياسين و منها  مجزرة قبية، والصفصاف، واللد، وغيرها في تأكيد على ان سياسة و اهداف الاحتلال تقوم على اقتلاع الاخر حتى و ان استوجب ذلك تبخيره و في اعلان بن غوريون أول رئيس وزراء للكيان  ما يؤكد ذلك عندما أعلن بوقاحة و غطرسة أنه “لولا مجزرة دير ياسين، لما تأسست إسرائيل”..نحن ازاء كيان ارهابي مارق لا يزال يجد في صمت العالم و تواطئه ما يدفعه لاقتراف المزيد و ارتكاب الاسوأ..
كاتبة وصحفية تونسية