بلا حيوانات.. غزة تحتفل بعيد الأضحى في ظل المجاعة والعدوان الإسرائيلي

غزة/ الأناضول
يستقبل الفلسطينيون بقطاع غزة عيد الأضحى هذا العام وسط مجاعة غير مسبوقة، وانعدام كامل للأضاحي، وانهيار شامل بالمنظومتين الغذائية والصحية، جراء الإبادة التي ترتكبها تل أبيب بدعم أمريكي بالقطاع.
ويحل العيد على غزة في وقت يكافح فيه أكثر من مليوني فلسطيني يوميا لتأمين الحد الأدنى من مقومات الحياة، في ظل القصف المتواصل، والدمار الواسع، وانعدام الدخل وغياب المساعدات الإنسانية.
وقال تجار محليون للأناضول، إن القطاع يخلو بشكل شبه كامل من الأضاحي هذا العام، في ظل منع إسرائيل إدخال المواشي منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، باستثناء كميات محدودة من المساعدات خصصت لمؤسسات إنسانية دولية ومحلية.
وأضافوا أن الجيش الإسرائيلي استهدف بشكل مباشر مزارع المواشي والأراضي الزراعية خلال الأشهر الماضية، ما فاقم أزمة الغذاء في القطاع المحاصر.
فيما قال فلسطينيون إنهم يعيشون مجاعة غير مسبوقة منذ أكثر من شهرين جراء إغلاق إسرائيل للمعابر ومنعها دخول المساعدات الإنسانية المتكدسة خارج القطاع، وهو ما أكدته تقارير حقوقية دولية ومحلية.
وفي مايو/أيار المنصرم، قالت 80 دولة في بيان مشترك موجه للأمم المتحدة إن غزة تواجه “أسوأ أزمة إنسانية” منذ بدء الإبادة الجماعية، محذرة من أن المدنيين بالقطاع يتعرضون لخطر “المجاعة”.
ورغم دخول كميات محدودة من المساعدات فإن حركة “حماس” قالت إن ما دخل منها لا يمثل سوى أقل من الحد الأدنى المطلوب لتلبية احتياج العام للقطاع.
ومع ذلك، تروج إسرائيل لرواية مضللة تزعم سماحها بإدخال “مساعدات”، في حين يظهر الواقع أن ما دخل فعليا أقل من 1 بالمئة من الاحتياجات الأساسية، وفق بيان سابق صدر عن المكتب.
ويحتاج قطاع غزة يوميا إلى 500 شاحنة مساعدات إغاثية وطبية وغذائية عاجلة و50 شاحنة وقود كحد أدنى منقذ للحياة وسط تفاقم المجاعة، بحسب ما أورده المكتب الحكومي.
ويفتقد أطفال غزة الفئة الأكثر تضررا من الإبادة المتواصلة لأبسط طقوس العيد في وقت تتعلق فيه كل آمالهم بكسرة خبز حُرموا منها لشهرين متتاليين.
**انعدام المواشي
قال الخبير الاقتصادي محمد أبو جياب، إن فلسطينيي قطاع غزة يستقبلون ثاني عيد أضحى خلال حرب الإبادة بلا أضاحي أو لحوم ووسط مجاعة حادة.
وأضاف أبو جياب، للأناضول، إن قطاع غزة يخلو بشكل كامل من المواشي إلا من عدد قليل جدا من الرؤوس، التي يعكف مواطنون على تربيتها بشكل خاص، لا بهدف التجارة.
وأوضح أن عيد الأضحى كان يشكل نافذة أمل للفلسطينيين في تحسين مستوى الغذاء بحصولهم على حصص من اللحوم التي توزعها المؤسسات الخيرية، لكن إغلاق إسرائيل للمعابر وتقنينها دخول المساعدات الغذائية يؤدي لانعدام قدرة المؤسسات على توزيع لحوم الأضاحي على الفلسطينيين.
وأشار أبو جياب، إلى أن هذا العيد يحل وسط حالة من اليأس تنتاب الفلسطينيين خاصة الذين اعتادوا على ذبح الأضاحي في كل عيد بينما في هذا العيد لا يجدون طعاما لعائلاتهم.
ودعا المؤسسات الخيرية خارج قطاع غزة بالعمل والضغط على إسرائيل من أجل إدخال لحوم الأضاحي الطازجة وإيصالها إلى الفلسطينيين فضلا عن إدخال الخضروات والفاكهة المليئة بالعناصر الغذائية من أجل إعادة الحياة إليهم
**مؤسسات إنسانية
وتحاول بعض المؤسسات الإنسانية، من بينها هيئة الإغاثة الإنسانية التركية (IHH)، تأمين الأضاحي رغم الظروف المعقدة والإمكانيات المحدودة بالقطاع.
وقالت الهيئة، في منشور على فيسبوك، إنها تمكنت من تربية “عدد محدود” من الأضاحي في مزرعة شمال غزة، سيتم ذبحها وتوزيعها أول أيام العيد.
بالإضافة إلى ذبح أضاح خارج القطاع وتوزيع لحومها على العائلات المتضررة داخله.
ومنذ 2 مارس/ آذار الماضي، تواصل إسرائيل سياسة تجويع ممنهج لنحو 2.4 مليون فلسطيني بغزة، عبر إغلاق المعابر بوجه المساعدات المتكدسة على الحدود، ما أدخل القطاع مرحلة المجاعة وأودى بحياة كثيرين.
**إحياء الشعائر
الفلسطيني زاهر مقداد، يقول للأناضول إن هذا العيد الرابع الذي يمر على غزة وسط حالة من الدمار واليأس التي تعم القطاع جراء استمرار الإبادة.
وأوضح مقداد، أن هذا العيد لن يشهد كما الأعياد السابقة التي مرت في ظل الإبادة، أي مظاهر احتفالية إنما سيتم الاكتفاء بأداء الشعائر الدينية والاجتماعية، لكنه لن يكون قادرا على ذبح الأضاحي بسبب انعدام توفرها.
وقال إنه سيكون حاضرا في صلاة العيد وكذلك سيصل من أبقت عليه الإبادة الجماعية من رحمه حتى ذلك اليوم.
وأعرب مقداد، عن تخوفاته من أن يطال القصف الإسرائيلي المتصاعد أحد أفراد عائلته قبل العيد.
وأشار إلى أن هذا العيد يتزامن مع حالة من الحزن الشديد التي تلف “عائلات الشهداء” في غزة ووسط معاناة كبيرة للمصابين الذين لا يجدون أدوية أو مستلزمات طبية تخفف من آلامهم.
كما لفت مقداد، إلى أنهم يعيشون مجاعة حقيقية، قائلا إن الحديث عن الأضاحي لم يعد دائرا بين الفلسطينيين، الذين أصبح أكبر همهم تأمين رغيف الخبز.
وأضاف بنبرة متهكمة: “تناول اللحوم في ظل هذه المجاعة أشبه بالحلم”.
**الأطفال والعيد
أكثر من مليون طفل يعيشون في قطاع غزة باتوا يعانون من المجاعة المتصاعدة ملامحها جراء إغلاق إسرائيل للمعابر وتقنينها إدخال المساعدات إلى القطاع، فيما يواجه أكثر من 65 ألف منهم خطر الموت بسبب سوء التغذية والجوع، وفق ما أكدته آخر معطيات للمكتب الإعلامي الحكومي.
وفي الوقت الذي يتجهز فيه أطفال العالم لاستقبال العيد بشراء الملابس والأحذية الجديدة وتحضير الحلويات، ينتظر أطفال غزة حفاة الأقدام في طوابير لساعات طويلة للحصول على رغيف خبز أو كمية قليلة من المياه لإعالة أسرهم المنكوبة.
وجراء الإبادة، يعيش أطفال غزة واقعا مأساويا ذاقوا خلاله مرارة الفقد والإصابة، وتحول الآلاف منهم إلى معيلين لأسرهم بعد فقدان ذويهم جراء الحرب، حيث أفادت معطيات المكتب الحكومي بأن 41 ألف طفل باتوا يعيشون بدون والديهم أو بدون أحدهما بسبب الحرب المتواصلة.
وعن ذلك تقول الفلسطينية أم علاء رضوان، من شمال غزة، إن الأعياد أصبحت كما الأيام العادية مليئة بالألم والفقد والجوع.
وتابعت أم علاء، في حديثها للأناضول، نحن نحيي الشعائر الدينية لكن بهجة العيد وفرحتها خاصة بالنسبة للأطفال انطفأت بعدما فقدوا طفولتهم وحقوقهم وأبسط الأساسيات كرغيف الخبز.
وأوضحت أنها تأمل كل يوم أن يخلد أطفالها للنوم وهم شِباع، مستدركة بأنهم “يوميا ينامون وهم جائعون، وأعجز عن توفير الطعام لهم”.
هذا حال الغالبية العظمى من العائلات في قطاع غزة التي تقضي معظم ساعات نهارها في محاولة لتوفير لقمة العيش وجرعة مياه لأفرادها.
وبدعم أمريكي مطلق ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة، خلّفت أكثر من 178 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، بجانب مئات آلاف النازحين.