بهادر نوکنده: التنافسات الجيوسياسية في فترة ترامب: تحليل واقعي للعلاقات بين إيران، الولايات المتحدة والصين في توازن القوى العالمي

بهادر نوکنده: التنافسات الجيوسياسية في فترة ترامب: تحليل واقعي للعلاقات بين إيران، الولايات المتحدة والصين في توازن القوى العالمي

 

 

بهادر نوکنده

المقدمة

في عالم العلاقات الدولية المعقد والمتغير، تُعتبر التحليلات الواقعية واحدة من أهم المناهج لفهم سلوك وقرارات الدول. وهذه التحليلات تكتسب أهمية خاصة عندما تتنافس عدة قوى عالمية وإقليمية لتأمين مصالحها في مواجهة بعضها البعض. في هذا السياق، تُعتبر العلاقات بين إيران والولايات المتحدة والصين في فترة رئاسة دونالد ترامب مثالًا بارزًا على الصراعات الجيوسياسية والتحديات الأمنية التي تلعب فيها المصالح الوطنية، توازن القوى والسياسات الدفاعية دورًا حاسمًا.إيران، باعتبارها لاعبًا رئيسيًا في منطقة غرب آسيا، تسعى للاستفادة من موقعها الجيوسياسي في مواجهة تهديدات الولايات المتحدة وخاصة العقوبات والضغوط العسكرية المفروضة عليها. من جهة أخرى، الصين، باعتبارها إحدى المنافسين الرئيسيين للولايات المتحدة على الساحة العالمية، تدعم ليس فقط العلاقات التجارية والاقتصادية مع إيران، ولكنها تستخدمها أيضًا كأداة لمواجهة الهيمنة الأمريكية. هذا التحليل يتناول هذه التنافسات والتحديات من منظور واقعي ويحلل سلوكيات إيران، الولايات المتحدة والصين من خلال مصالحهم الوطنية، توازن القوى والأمن الوطني.

المصالح الوطنية وأمن الدول

 

في الواقعية، أساس السياسة الخارجية للدول هو تأمين مصالحها الوطنية وأمنها. في هذا التحليل، تسعى إيران كلاعب مستقل وقوي في المنطقة للحفاظ على وتعزيز موقعها في مواجهة التهديدات الخارجية. في هذا السياق، يجب على إيران تعديل مصالحها في مواجهة الولايات المتحدة والصين. خاصة في فترة ترامب، حيث كانت سياسات الولايات المتحدة من جهة تواجه إيران بشكل مباشر في المجال النووي ومن جهة أخرى تبدأ حربًا تجارية مع الصين، سعت إيران لتعزيز موقعها من خلال استغلال الفجوات بين القوتين الكبيرتين.الصين أيضًا، مع تاريخ طويل من العلاقات المتوترة مع الغرب وخاصة الولايات المتحدة، تسعى لتعزيز مكانتها كقوة عظمى عالمية. في مثل هذه الظروف، تتطلب مصالح الصين أيضًا مواجهة ضغوطات الولايات المتحدة وفي نفس الوقت الحفاظ على علاقات تجارية وطاقة مع إيران بهدف تعزيز مكانتها الاقتصادية والجيوسياسية.

توازن القوى والتنافسات الجيوسياسية

في إطار الواقعية، يُعتبر توازن القوى عاملًا رئيسيًا في العلاقات الدولية. التنافس بين الصين والولايات المتحدة في فترة ترامب كان يُظهر بوضوح السعي لتغيير توازن القوى على المستوى العالمي. في هذا التنافس، يمكن لإيران كلاعب رئيسي في الشرق الأوسط بفضل جغرافيتها الاستراتيجية أن تلعب دورًا حيويًا. بينما تسعى الولايات المتحدة لإبعاد إيران عن الساحة عبر الضغط الاقتصادي والعسكري، تسعى الصين من خلال شراء نفط إيران رغم العقوبات الأمريكية ودعم موقف إيران ضد الولايات المتحدة إلى تعزيز نفوذها في المنطقة وفي نفس الوقت تقويض نفوذ الولايات المتحدة.إيران في هذا المجال قادرة على استخدام موقعها كقطعة استراتيجية. بعبارة أخرى، في لعبة توازن القوى العالمية خاصة في مواجهة الولايات المتحدة والصين، يمكن لإيران، عبر الاستفادة من قدراتها في منطقة غرب آسيا، تعزيز علاقاتها مع الصين وروسيا وضمان مصالحها الوطنية.

بقاء الدولة وتبني استراتيجيات دفاعية

في الواقعية، يُعتبر بقاء الدول أمرًا بالغ الأهمية. في هذا السياق، يجب على إيران تعديل استراتيجياتها الدفاعية ردًا على التهديدات المباشرة من الولايات المتحدة. التهديدات العسكرية من الولايات المتحدة ضد إيران قد تكون عاملًا مهمًا للحصول على دعم من الصين وروسيا. من جهة أخرى، يجب على إيران أن تدير موقعها بشكل صحيح في مواجهة أي تغيرات عالمية لمنع انقسامها أو تضعيفها.موقع إيران الجيوسياسي، خاصة في غرب آسيا، استراتيجي جدًا لدرجة أن الصين لا يمكنها بسهولة تجاهله. الصين، التي هي في طور التطور كقوة هرمونية، تدرك أن دعم إيران في هذه الحرب التجارية والجيوسياسية يمكن أن يلعب دورًا مهمًا في تحقيق أهدافها طويلة المدى. لهذا السبب، ستستمر الصين في دعم إيران حتى لو كان هذا الدعم سيؤدي إلى مزيد من التوتر مع الولايات المتحدة.

الإجراءات وردود الفعل على المستوى العالمي

 

أحد المبادئ الأساسية في الواقعية هو أن الدول عادة ما تسعى لاتخاذ إجراءات توفر لها أكبر قدر من الأمن والقوة. في هذا السياق، قام ترامب باتباع استراتيجيات هجومية ضد إيران والصين في نفس الوقت، مما كسر بشكل ما فخ توازن القوى ووضع إيران في وضع يمكنها من الاستفادة من التنافس العالمي بين الولايات المتحدة والصين. أدى خطأ ترامب إلى أن تتمكن إيران من الاستفادة من دعم الصين ضد عقوبات الولايات المتحدة.من جهة أخرى، استفادت الصين أيضًا من معارضتها للهيمنة الأمريكية على الساحة العالمية وتعزيز مكانتها في الشرق الأوسط من سياسات ترامب لصالحها. لا تشتري الصين نفط إيران فقط، بل تعمل أيضًا كحليف اقتصادي وسياسي لإيران وتقف إلى جانبها في مواجهة السياسات العقابية والعسكرية الأمريكية.

الخلاصة: الاستراتيجية المستقلة واستخدام الموقع الجيوسياسي

 استنادًا إلى الإطار الواقعي، يجب على إيران أن تعمل بشكل مستقل مع مراعاة مصالحها الوطنية. استخدام موقعها الاستراتيجي في غرب آسيا، والعلاقات الوثيقة مع الصين وروسيا، والاستفادة من الفجوات الموجودة بين القوى الكبرى، هي أدوات يمكن لإيران استخدامها لتعزيز موقعها في مواجهة الولايات المتحدة وبقية القوى. وبالتالي، يجب على إيران ألا تستسلم أمام الضغوط الخارجية والتهديدات المحتملة وأن تستخدم سياسات طويلة المدى للحفاظ على مصالحها. في النهاية، يجب على إيران أن تعدل سياستها الخارجية وفقًا للقوى العالمية وفي إطار مصالحها الوطنية للحفاظ على مكانتها في توازن القوى العالمي.”
كاتب ايراني