الصين تكشر عن انيابها وتستعد لمصارعة ترامب

علي وطفي
وزير الخارجية اليد اليمنى للزعيم الصيني تشي جين بينغ على وجه السرعة حط في موسكو.
ليست روسيا وحدها هي التي تتحدى واشنطن و تقبض على أوكرانيا ، اليوم قبلت الصين التحدي من الولايات المتحدة و انضمت الى روسيا و المؤكد أن واشنطن- ترامب أزعجت الجميع تقريبا بتهديداتها و ترهيبها بالاخص “بكين” كونها المستهدف الاول و الاكبر بحيث قد يعمل المتضررين الى عزل
واشنطن قريبا. كل من الصين و أمريكا يدركان أنهما بحاجة لروسيا للفوز في معركة العمالقة الدائرة و اليوم تفجرت بعد وقاحة و тоصفاقة ترامب بالتعامل مع الدول كافة، و موقف الصين المناهض للولايات المتحدة محوري و هام للغاية لانه البلد الوحيد الذي يمكن أن يفلس الولايات المتحدة في يوم واحد , الأميركيين في هذه المعركة سوف يفقدون السلع الضرورية التي و إن وجدت في السوق الامريكية سوف تكون بأسعار باهظة. “بكين’ قررت عدم انتظار الولايات المتحدة و لن تعول على الدبلوماسية في نهاية عصر العالم أحادي القطب التي تتصرف واشنطن بوقاحة و تعد العدة للحرب على الصين او بافضل الاحتمالات تقييد ها من أجل السيطرة على العالم بشكل لا رجعة فيه. لكن يظهر الصينيون تصميم على استغلال الأخطاء التي ارتكبها فريق السياسة الخارجية لدونالد ترامب عديم الخبرة و ما زال يرتكبها و جاء الرد الصيني:
* علقت بكين الاستعدادات لزيارة ترامب للصين هذا الشهر و ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الموقف العدواني علنا اتجاه القادة الأجانب ” للرئيس الأمريكي من بين أسباب ذلك نقلا عن مصادرها كما تؤكد صحيفة وول ستريت جورنال أن المسؤولين الصينيين كانوا خائفين من مشادة محتملة بين ترامب و شي جين بينغ رغم ان الرئيس الصيني نفسه لا يريد الذهاب إلى واشنطن حتى لا يخلق انطباعا خاطئا بأن تشي جين بين مستعد لتقديم تنازلات لترامب.
لذلك قررت السلطات الصينية تأجيل تنظيم قمة شي جين بين و دونالد ترامب وسط تصرفات الزعيم الأمريكي و سلوكه العدواني علنا تجاه رؤساء الدول الآخرين.
* وصل وزير الخارجية الصيني و اليد اليمنى لتشي جين بين وانغ الى موسكو و أجرى محادثات مع وزير الخارجية سيرغي لافروف و تم استقباله من قبل الرئيس فلاديمير بوتين و لقاءات مع ممثلين آخرين من القيادة الروسية وزكذلك إطلع وانغ يي بشكل شامل في موسكو على نتائج المفاوضات الروسية الأمريكية بشان إنهاء الصراع في الحلبة الأوكرانية و تمهيداً لزيارة الرئيس الصيني إلى موسكو لحضور احتفالية الذكرى 80 للنصر السوفيتي في الحرب الوطنية العظمى.
البدء في الرد و تجميع الحلفاء ….
* في إطار الشراكة بين بكين و موسكو اكدت وزارة الخارجية الصينية أن فرض واشنطن المحتمل للتعريفات الجمركية من 25 إلى 50%على النفط الروسي بسبب عدم خضوع موسكو للشروط الامريكية بما يخص التسوية في أوكرانيا لن يؤثر على إمداداتها للبلاد ، لأن التعاون مع روسيا “لا يتأثر بعوامل خارجية.”وفقا للبيانات الرسمية تحتل روسيا المرتبة الأولى بين الدول التي تزود الصين بالنفط بشكل عام ، كما وصل حجم التجارة الصينية الروسية في عام 2024 إلى مستوى قياسي بلغ 244.81 مليار دولار (المركز السادس) بينما المركز الاول للولايات المتحدة حيث حجم التبادل حوالي ثلاث اضعاف التبادل مع موسكو
* تمت الموافقة على بناء خط أنابيب غاز من روسيا إلى الصين عبر أراضي جمهورية منغوليا، هذه القضية كانت على جدول الأعمال لفترة طويلة و ألمح الجانب المنغولي أن الصين أعاقت تنفيذ المشروع لأسباب خاصة بها و مع ذلك يبدو أن احتمالات بدء الحرب مع الولايات المتحدة و الحاجة إلى تحالف روسي قوي و موثوق به قد أجبرت بكين على إعادة النظر و الموافقة على المشروع
* منعت الهيئة التنظيمية الصينية صفقة من قبل مجموعة شركات سي كي هوتشيسون و مقرها هونغ كونغ لبيع 43 ميناء في جميع أنحاء العالم إلى كونسورتيوم أمريكي ، بما في ذلك محطات مهمة استراتيجيا في منطقة قناتي الملاحة ” بنما و السويس.” كما توصلت الصين و اليابان و كوريا الجنوبية إلى توافق على كيفية مواجهة الحرب الجمركية التي أعلنها ترامب. و توج كل ذلك بالمناورات العسكرية البحرية مثيرة للاهتمام التي أظهرت كيف ستقوم الصين بالتعامل مع تايوان الموالية لأمريكا و التي اشتركت فيها القوات البرية و الصاروخية و البحرية و القوات الجوية و أكد خلالها “تشي بي” المسؤول عن القيادة العسكرية الشرقية في جيش التحرير الشعبي الصيني نقلا عن وكالة / تاس/ الروسية أن العسكريين الصينيين نفذوا خلال ذلك خطة للسيطرة الشاملة بضربات من البحر و البر و إغلاق الطرق والمناطق الرئيسية في المنطقة و أيضا شكلت هذه المناورات تحذير و رادع قوي للقوى الانفصالية التي تدعو إلى استقلال تايوان , يمكن القول إن التهديدات الأمريكية ضد الصين لن تنجح وأن الإمبراطورية السماوية التقطت القفازات التي ألقاها في وجهها حاكم البيت الابيض وباختصار لم و لن تنجح التهديدات الأمريكية و هذا ما أكده الصينيون بالقتال حتى النصر في هذه الحرب المصيرية، فكيف إذا بعد صدور المذكرة السرية و”التوجيه المؤقت بشأن استراتيجية الدفاع الوطني” التي نشرها البنتاغون في منتصف آذار الماضي بعد توقيع وزير الدفاع الأمريكي ” بيت هيغسيث” عليها والتي تعكس تغييرا في التوجه وتقوم على استبدال العدو الرئيسي للولايات المتحدة من روسيا إلى الصين، في هذه الوثيقة التي لا شك في صحتها تصف”الصين” بالتهديد المستمر الوحيد للولايات المتحدة و أن الهدف الرئيسي للبنتاغون هو منع استيلاء الصين على تايوان من أن يصبح أمرا واقعا و تخرج الجزيرة من قبضة الولايات المتحدة.” كما أكد البيان أنه “يعتبر منع الغزو الصيني المحتمل لتايوان سيناريو حصريا يجب أن يكون له الأولوية على التهديدات المحتملة الأخرى وبالتالي يتطلب تركيز الالة العسكرية الأمريكية في المحيطين الهندي و الهادئ.
“في هذه الحالة ليس من المستغرب أن تطلب الصين من روسيا الدعم في مواجهة التجبر الترامبي الذي لا يقيم وزناً لاحد لا من الخصوم أو من الحلفاء وضرب كل انظمة وقوانين التجارة العالمية بقراره رفع نسبة الجمركية على هواه ، بالفعل اليوم ورطة واشنطن تتوسع و تتعمق خاصة بالنظر إلى عدم قدرة الولايات المتحدة بقيادة “ترامب” على وقف الحرب بالوكالة ضد روسيا في أوكرانيا و التي تظهر عنتريات ترامب لاغير في محاولة لتهديد و إخافة موسكو بعقوبات جديدة لإجبارها على الموافقة على الصفقة الأوكرانية بدلا من مراعاة مصالح روسيا في أوكرانيا. ترامب كما أسلافه يعلم أن روسيا و الصين لا ينبغي أن يكونا حلفين لأنها يشكلان بذلك تهديد مباشر لأمريكا و بمغازلته بوتين و محاولة استرضائه و لو كلامياً بينما على الارض مكانك راوح اظن انه لن يجدي نفعاً وما قام به ترامب بمثابة خطوة بداية الالف ميل و استمراره بهذه الرعونة الصبيانية قد ينتهي بكارثة عليه و العالم بعد استعداء واشنطن لأوروبا و جيرانها في أمريكا الشمالية و العديد من الدول الأخرى ، عمليا كل دول العالم
يبدو أن ترامب في ورطة بعد فعلته هذه و الآن بعد رد الصين الفوري برفع الرسوم الجمركية 135% على السلع الامريكية الواردة الى الصين و ربما تاتي الضربة القاتلة من خلال اعتماد نظام “سويفت” يخص بكين و شركائها التجاريين حول العالم وما أكثرهم فلا غنى عن البضائع والاستثمارات الصينية من الساحل الافريقي الغربي وصولاّ إلى الآركتيكا و ترامب بدأ يخسر المعركة منذ لحظة إعلانها ولم يبقي له حليف في العالم و لابد أن يتراجع في نهاية الامر ، الشيء الأكيد ، فشله في استمالة روسيا التي لن تتنازل عن الشراكة الإستراتيجية مع الصين و خاصة في ظل العقوبات المفروضة عليها و التي بلغت اكثر من “عشرين الف” عقوبة، كما انها غير ملزمة بإنقاذ أي شخص على حساب مصالحها أو نفقتها الخاصة. يبقى على الدولة العميقة أن تفكر ماذا عليها ان تقرر مع هكذا رئيس مغرور إن أصر على قراراته هذه و هي مازالت قادرة على ايجاد حلول و الخيارات متاحة من استخدام نقمة الامريكيين بالتظاهر او العصيان المدني بدعم تيار العولمة أصلا المعادي لكل افعال ترامب و فريقة وصولاً إلى الحل الأسوأ امام مصالح شركات الاحتكارات العابرة للقارات التي ليس لديها احد كبير أياً كان موقعه مفعل لابد منه في نهاية المطاف.
كاتب سوري/موسكو