نوال عايد الفاعوري: على مشارف الفقدان

نوال عايد الفاعوري
صوت أمي يأخذني بعيدا على حافة لا هي الحياة ولا هي الموت فأعود منها حزينه ومنكسره لا أنا قادره على العبور في الوقت الحالي نحو تلك الحافة ولا أمي قادرة على المجيء نحوي. أشتاق صوتها كثيرا. كان يؤنسني.
اليوم كلما ذهبت نحوها ولم أجدها في البيت أشعر ببرد كبير يهزمني..
أمي ..لا أفتقدك هذا العيد ، لأنك لم تبرحي قلبي مذ وداعنا الأخير، وداع سافر لم ينبئني عن ميعاده، و هو يحزم حقائبه لفّ قلبي معه وأودعك إياه، لذا أنا لا أفتقدك لأنك معي أو لأني معكِ! لا أدري..
أمي ما عاد الحنين موحشا، و لا طيفك مجرد زائر أتوق له في منامي، وأستجدي الحلم أن يأتيني بكِ فألثمك و أمرّغ وجهي في صدركِ..
أمي صباح بارد دون وجهك المنير، دون صوتكِ الحنون
قهوتك في انتظارك، علبة دوائك ، هاتفك، وأشياء اخرى، كل أغراضك مازلنا نحتفظ بها ومازالت في انتظاركِ
أمي عودي أرجوكِ ..
عودي ليعود للبيت نوره، بركته ودفئه وحنانه.
عودي لأقبلك بلا خجل وأحضنك بلا وجل، وأحدثك بلا عجل،
عودي ليعود لي رشدي، فأنا أهرب من غيابك إلى تعبي، أخترع ألف سبب لأتناسى فلا أنسى.
عودي ليرافقني دعائك ” الله يرضى عليكِ”.
عودي لأني أحبكِ ، لأننا نحبك،
عودي لأن كل الأماكن تناديك وتحفظ خطواتك، تسبيحاتك وصداك..
عودي لأتحمل غيابك، فإني أكابر حزني، أكتم دمعي فيخنقني، أصمت كي لا يوجعك حزني
أحبك وأعرف أني ابنتكِ المدللة..لهذا لا أريد أن أبك كثيرا كي لا تجرح دمعتي خدكِ..
أمي ، أنا أقل بؤسا ممن لا يذكر ملامح أمه، و أشد وجعا ممن فارقته و هي على ضعف و أنهكها الهرم
أمي لا أبكيك لأن ملح دمعي يؤذيك، أنا فقط أذكرك ليقبّل الآخرون عني أمهاتهن، علّ تلك القبلات تصلك خالصة و نقية..
أمي لك مني السلام و عليك مني السلام..فكوني بسلام و عليك رحمات المولى ..
أحبك أمي ..