عبدالله محمد الفلالي: هل تواجه مالي نفس مصير سوريا؟

عبدالله محمد الفلالي
سيطرة جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” على قاعدة “ماو” العسكرية في شمال البلاد، واستيلاؤها على مبالغ هائلة كانت في طريقها إلى الخزينة العامة في باماكو، يشير إلى قوة هذه الجماعة وقدرتها على تنفيذ عمليات نوعية في أماكن مختلفة وحساسة من أراضي الجمهورية.
وقد جاءت هذه العمليات في وقت تستعد فيه قوات “فاغنر” – الداعم الأساسي للحكومة المالية – لإعلان انتهاء مهمتها في البلاد وسحب جزء كبير من قواتها خلال الأيام المقبلة. فكيف ستواجه الحكومة المالية هذه التطورات الجديدة؟ وهل ستكون قادرة بمفردها على مجابهة التحديات؟
تواجه الحكومة المالية ثلاث تشكيلات عسكرية رئيسية:
الحركات الوطنية الأزوادية المدعومة من الغرب ودول الجوار.
جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، بقيادة: إياد أغ غالي، المرتبطة بتنظيم القاعدة، والتي تضم أربع حركات جهادية، من إثنيات مختلفة، وهي الأقوى بين هذه التنظيمات.
تنظيم الدولة الإسلامية “ولاية الساحل”، الذي أعلن عن أربع عمليات نفذها الأسبوع الماضي في النيجر المجاورة.
لكن لحسن حظ الحكومة المالية، لا يوجد تحالف قوي يربط بين هذه الجماعات، إذ لكل منها توجهاته وأجندته الخاصة التي قد تتعارض مع الأخرى وتؤدي إلى الاقتتال، كما حدث في ولاية “ميناكا” شمال شرقي البلاد بين مقاتلي التنظيمين الإسلاميين الرئيسيين؛ جماعة نصرة الإسلام والمسلمين وولاية الساحل، مما عمّق الفجوة بينهما، حيث يكفّر كل منهما الآخر.
لكن ماذا عن علاقتهم بالحركات الأزوادية؟ تكفّر ولاية الساحل كل من لا يتفق مع منهجها، وتؤمن بالخلافة العابرة للحدود، ما يجعلها في صدام مع الجميع. أما العلاقة بين الحركات الأزوادية وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين، فالتحالف بين هذين الفصيلين أمر وارد، كما تحالفت جبهة تحرير الشام – قبل حلّها – مع الجيش الوطني السوري في معركتهما الأخيرة ضد قوات النظام. غير أن ذلك يستلزم وجود شريك قوي موثوق من الطرفين، وهو ما لم يتوفر حتى الآن.
فرغم العلاقة الطيبة بين الجزائر والحركات الأزوادية، ورعايتها لعدة اتفاقيات بينها وبين الحكومة المالية، إلا أن هذه الاتفاقيات انهارت لاحقًا بسبب تعنت الحاكم العسكري المالي، عاصيمي كويتا. كما تتحفظ الجزائر على جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين”، لأن أغلب قادتها قاتلوا الحكومة الجزائرية في ما عرف بـ”العشرية السوداء”. فهل تتدخل فرنسا في المشهد وتعود من النافذة بعد أن طُردت من الباب؟
تشير المتغيرات الدولية إلى تراجع دور روسيا بعد اشتباكها المباشر مع الناتو في أوكرانيا، وها هي فرنسا تعود للوصاية على العلويين في سوريا، بعد عقود من الوصاية الروسية. والأمر يتكرر بنمط مختلف، فالذي ينسج خيوط اللعبة الدولية واحد، وما جرى في سوريا يراد استنساخ بعض جوانبه في غرب إفريقيا، بما يضمن مصالح القوى الدولية العظمى ولا سيما فرنسا، التي يراد لها العودة وإن بطريقة غير مباشرة، إلى مناطق نقوذها التاريخية، فخبرتها في التعامل مع الجماعات والإثنيات المختلفة، يؤهلها لتلعب دورا كبيرا في المنطقة التي يراد إعادة تشكلتها وفق أسس جديدة، تنهي الدور الروسي وتعيد الريادة للقوى الغربية، في إطار الإعداد الغربي لهيمنة جديدة على العالم، تقصي المعسكر الشرقي وتقسم الأدوار ومناطق النفوذ بين الدول الحليفة، وبالتالي لا يمكن لإياد أغ غالي أن يلعب دور الجولاني، ولا لجماعة نصرة الإسلام والمسلمين أن تكون كهيئة تحرير الشام، فالأخيرة تنتمي لأغلبية مذهبية، والأولى تحالف أقليات إثنية، ولكل بلد خصوصيته، ونأمل أن يعم السلام والسكينة المنطقة والعالم.
كاتب صومالي