الجوع: من التحذير إلى العقاب

عدنان نصار
أدرك العالم بعد أكثر من 70 سنة من الإحتلال، إن اسرائيل لا تتغذى إلا على الدم، ولا تدوم إلا بإرتكاب جرائم القتل والإبادة والتشريد والتنكيل والتجويع والتعطيش في محاولة لتفريغ الأرض الفلسطينية من أصحابها الشرعيين.
مشهد العدوان الاسرائيلي الهمجي على غزة لأكثر من 600 يوم ، سجل في تاريخ المسار النضالي الفلسطيني ضد الإحتلال صفحات غير تلك التي قرأناها في كتب التاريخ.. سجل لا يمكن وصفه إلا بمفردات الإنحطاط البشري المتغلغل في الذهنية الإحتلالية الإسرائيلية بعد أن عجزت آلة القتل والتدمير عن تحقيق أهداف العدوان الاسرائيلي المستعر بكل أدوات القوة والتدمير ، لتنتقل الذهنية ذاتها الى سياسة التجويع والتعطيش وحرمان المدنيين بكل فئاتهم العمرية في غزة من حق الحياة عبر التجويع والتعطيش كعدوان آخر خجل عتاة الحروب من إستخدامه عبر مسار التاريخ القديم والجديد.. إسرائيل فعلت ذلك ، ومستمرة في فعله في مشهد يندى له جبين الإنسانية، وهو الأمر الذي /ربما / دفع بالغرب الى التحرك ديبلوماسيا في مقاطعة للإحتلال إو رفع وتيرة خطاباته وبياناته السياسية لوقف المجاعة في غزة .
التجويع في كل ديانات العالم ، ومعتقداتهم الدينية والعرف البشري حرام ..في غزة الوضع أختلف الآن ، وانتقل الفقه الديني في كل كتب السماء والعرف الإنساني ، من التحريم الى التجريم ، وصار التجويع من أبشع الجرائم التي ترتكب بحق الآدميين على يد طغاة الإحتلال المدعومين أمريكيا ..امريكا التي تتحرك لوقف العدوان والتجويع بشكل خجول فيه من التواطؤ والعار السياسي ما يكفي لأن نقول ..أمريكا تكذب وتحاول إستغباء العالم بتحركها الخجول والمعيب
جريمة التجويع ،لم تعد مرتبطة بالحلال والحرام فحسب ، بل تعدت كل الأديان السماوية ، والأعراف الدولية والأخلاق الإنسانية..، ولا يمتلك طغاة العصر حق الحرمان من الحياة لآدميين أبرياء ومدنيين مسالمين ، واطفال ليس لهم ذنب ، ونساء امتلكن من الصبر ما عجز عنه الحكماء ..اي جريمة يرتكبها الإحتلال بفرض الحصار بقصد التجويع ..؟!
إن المراحل الحاسمة في تاريخ الشعوب والأمم تحتاج الى وقفة جادة لتحقيق هدف تفعيل الإنسانية التي يتبجح بها الغرب ، وأيا كانت تبريرات المماطلة بتنفيذ وقف المجاعة في غزة ، فهي تبريرات لا تمر على ذكاء الجماهير والشعوب العارفة بكل صغيرة ، ويكفي هنا أن نشير الى “الفيتو الأمريكي” الذي ألغى أصوات 14 دولة ،منها 4 دول دائمة العضوية في مجلس الأمن الذي صوت قبيل عيد الأضحى المبارك على وقف فوري لإطلاق النار في غزة..الفيتو الامريكي لا يحتاج الى تفسير ،فهي – اي امريكا- من يعطي الضوء الاخضر لإستمرار مذبحة غزة ، وتجويع غزة وتعطيش غزة ..وتدمير ما تبقى من غزة ، فعن أي عدل تتحدث واشنطن وعن أي إنسانية يتحدث البيت الأبيض..؟!
في تقديري صار لزاما على أمريكا ان تعيد حساباتها في موازين العدل الأممية.. فليس كل قوي قادر على الإخضاع ..ليس كل طاغية قادر على تغيير الأوضاع ..
الدولة القوية التي لا تستطيع تحويل العدل الى فعل ، لا تستحق لقب “عظمى”.. والدولة “العظمى” التي تقبل بتجويع الشعوب ، وقتل الرضيع ، هي دولة “عبدة” لا تقيم أي وزن للحرية .!!
كاتب وصحفي أردني..