الإلزام والسُّنة المنسية المؤكدة!

الإلزام والسُّنة المنسية المؤكدة!

علي الزعتري
القرآنُ والسًنَّةُ هما ما يرتقيان بالمؤمن في حياته و لحين موته إن اتبعهما بإخلاصٍ.  لكنهما صارا مُجتزئين. انحرفت الوجهة عن الأصلِ المقصود وباتت الأهواء والأطماع تُغَذِّي الاجتزاء عَمْداً و عادةً.  في الإسلامِ فردٌ و جماعةٌ ولكلٍّ تعاليمه.  والإسلام فضَّلَ الجماعة على الفرد في أمورِ الأمة و تأدية الشعائر الدينية.  العلماء وضعوا تفاسير للطرفين لتساعدهم الالتزام بالمتطلبات الشرعية.  أصابت كثرةُ التفاسير الناسَ بالتوتر والوسواس ودفعتهم للحفر سطحياً وعميقاً بحثاً عن الإجابة المناسبة.  قِيدَ الناسَ للمربعِ والمثلث والدائرة ينتقلون فيها من زاويةٍ لزاوية و يدورون في حيرةٍ بحثاً عن المناسب المريح لممارسة فرديةَ وجماعةَ الشعائر. الكل المؤمن يريد النجاة والخشوع في العبادة الفردية وأمام الجماعة ونادراً ما يتحقق هذا. يتفادون ضياع الخشوع بالتظاهر به وجهل النجاة بالسؤال عنها.  ثم تأتي لحظة الحقيقة الصادمة، الجامعة واقعياً لحياتنا، عندما يُنسى الخشوع والتظاهر به ويظهر التعامل السلبي مع النفس و الفرد والمجتمع فلا ناجي عندها إلا المصلحة الفردية ولو قَبُحَت. غِيصُوا كلما بحثوا، في عميقِ الشكليات في دوائر بلا نهاية، مبتعدين أكيداً لكن غير منفصلينَ تماماً  عن الجوهرِ.  فلا زال المؤمنون حتى في جهالتهم يتتبعون سلامة حذافير الشكليات و دقائق العبادات مع تَذَّكُرٍ أنهم يفقدون الجوهرِ الإيمانيّ الذي لا يستطيعون معرفةَ أو يستطيعون ممارسته.  لذلك تنتشر الفتاوي التي كُلٌّ يريدُ أن تقول له أنه صائب و ناجٍ أو افعل هذا وذاك تُصيب وتنجو.  وحين السؤال عن الجوهر المنسي أو المُتجاهلَ عنهُ يُقادُ الحائر لفصلِ طاعةِ ولي الأمر!
لا بأس عند المؤمن أن تمضي سنواتِ عمره في ارتياحٍ أنه قد حققَ الالتزام بالأركان الخمسة وزادها فضلاً بما تيسر من أعمالٍ زكيةٍ وتطوعٍ بالسننِ الموصوفة.  ولا بأس لدى العَالِم أن يُحيلَ للمؤمنِ  جدولاً من الوصفات التي تعينهُ في رحلته الدنيوية والأُخروية لكن العَالِم، إلا من كان شجاعاً، يصمتُ بفمٍ مليءٍ بالماء أو الحصى عن تذكيرِ المؤمنين بأن السننَ المؤكدة لا يجوز لها أن تتفسَّخَ أو تُلتَقَطَ بالتجزئة وإلا ستنطبق الآية القرآنية عن الإيمان ببعضِ الكتاب وترك بعضه.  هو العَالِمُ الخائفُ يتوقفُ عجزاً ولا يُلامَ، كونهُ ضعيفاً مثلنا، عن التذكير أن الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام اسْتَنَّ عندما توضأ وتيمم وصلَّى و صامَ وتزكَّى و حجَّ، كما استنَّ لمحاربةِ العدو.  عند الرسول الأكرم تساوت السُنَنْ الفردية والجماعية، فإن كانت سُننُ العبادات تحفظ الفرد فإن سُننَ الجهاد تحفظ الجماعة والأمة.  هكذا كانت سُنَّتُهُ و خلفاؤُهُ فلم يتناسوا ضيماً ولا انهزموا أمام عدو ولم يُقَدِّموا فرض و سُنَّةَ عبادة على فرض و سُنَّةِ جهادٍ.  بعكسنا و علمائنا و أولياء أمورنا الذين يُفَضِّلون التذكير بفروض و بسُننِ الطهارة، على أهميتها، على غرس واتباع فرض و سُنَّةِ الرسول الأكرم الجهادية لتطهير الأمة من نجاستها الصهيونية.  واللهُ أعلم.
الأردن