أحمد الأعرجي: العراق بين الثروات والنهوض.. هل سيؤدي الانقسام إلى فرص جديدة أم إلى الزوال؟

احمد الاعرجي
يمر العراق اليوم بمرحلة دقيقة تتقاطع فيها التحديات الاقتصادية والسياسية وتُطرح فيها مشاريع كبرى قد تغيّر موقعه الإقليمي ودوره الاقتصادي .
في هذا المشهد المتقلب يظهر أن اللحظة الراهنة ليست مجرد أزمة عابرة ، بل مفترق طرق حقيقي بين الاستمرار في دوامة الأزمات ، أو الدخول في مسار إصلاحي وتنموي جاد .
من أبرز الملفات الشائكة التي تطفو على السطح ، الخلاف المستمر بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان بشأن ملف النفط .
في جوهر هذا الملف لا يتعلق الخلاف فقط بالجوانب الفنية أو الإيرادية ، بل يرتبط بمسألة السيادة وتوحيد القرار الوطني .
الحكومة الاتحادية ، بحكم الدستور تسعى إلى تنظيم الموارد بما يخدم جميع العراقيين بينما توجد وجهات نظر مختلفة في الإقليم بشأن آليات التصدير والإدارة .
ولعلّ الحل يكمن في قانون عادل وواضح للنفط والغاز يُنهي الاجتهادات ويضمن توزيعاً منصفاً للثروة .
في الجانب السياسي ،لا تزال التحديات قائمة داخل قبة البرلمان ، حيث تعيق التباينات الحزبية تمرير بعض القوانين المهمة .
ومع ذلك فإن هذه الحالة ليست استثناءً في بلد متعدد المكونات بل جزء من تجربة ديمقراطية ناشئة تحتاج إلى مزيد من النضج والتفاهم .
ورغم التحديات فإن العديد من الأطراف السياسية أبدت حرصها على التوصل إلى حلول وسط تحفظ وحدة الدولة وتدفع نحو الاستقرار .
من المشاريع الواعدة التي طُرحت مؤخراً “طريق التنمية” الذي يربط ميناء الفاو بالحدود التركية ويهدف إلى تحويل العراق إلى ممر تجاري مهم بين آسيا وأوروبا .
المشروع يحمل إمكانيات هائلة ، لكنه بحاجة إلى إرادة سياسية موحّدة ، ومؤسسات قادرة على تنفيذ الخطط بكفاءة ونزاهة.
هنا تبرز أهمية دعم الدولة بمختلف مؤسساتها وفي مقدمتها الحكومة التي تتحمل مسؤولية رسم السياسات ، وتوفير البيئة القانونية والإدارية اللازمة لنجاح المشروع .
ولا يمكن الحديث عن استقرار الدولة ومشاريعها دون الإشارة إلى الدور الذي يلعبه الحشد الشعبي ، كجزء من المنظومة الأمنية الرسمية .
فبعد أن ساهم في مواجهة الإرهاب في ظروف صعبة ، يبرز اليوم كقوة وطنية تحتاج إلى تنظيم قانوني يضمن استمرار دورها ضمن مؤسسات الدولة ، ويحفظ تضحيات منتسبيها ويضعها في سياق يخدم الأمن الوطني بعيداً عن التجاذبات.
واخيراً ان العراق لا تنقصه الثروات ولا الفرص بل يحتاج إلى قرار وطني يُعيد تعريف العلاقة بين المركز والأطراف ويؤسس لإدارة عادلة للثروات ويدفع نحو بناء مؤسسات قادرة على الإنجاز .
إذاً المستقبل ليس بعيداً لكنه لن يأتي إلا عبر توافق حقيقي يُغلّب المصلحة العامة على الحسابات الضيقة ، ويجعل من كل تحدٍّ فرصة لعبور جديد .
كاتب عراقي