“عاصفة الأقصى” وبدورها عاصفة الوقاحة!

“عاصفة الأقصى” وبدورها عاصفة الوقاحة!

د. كمال ميرزا

منذ انطلاق معركة “طوفان الأقصى” المباركة قبل أكثر من (600) يوم، صاحَبَ ذلك انطلاق طوفان آخر موازٍ من الكلاحة والوقاحة والصفاقة!

سواء صفاقة تصريحات مجرمي الحرب قادة ورموز الكيان الصهيونيّ الغاصب..

أو صفاقة تصريحات زعماء وساسة الغرب في معرض دعمهم المطلق وغير المحدود للكيان الصهيونيّ الذي يخوض حرباً بالوكالة لصالحهم..

أو صفاقة تصريحات الأنظمة العربيّة والإسلاميّة بقادتها ومسؤوليها وأبواقها الإعلاميّة وذبابها الإلكترونيّ لتبرير تخاذلهم في نصرة غزّة، أو تواطؤهم ضدّها، أو حتى تآمرهم عليها وعلى أهلها وفصائل مقاومتها!

 

ولكن وسط بحر الصفاقة المتلاطم هذا، قد يكون التصريح الأكثر صفاقة على الإطلاق، هو عندما خرج الكلب المسعور “نتنياهو” عبر الشاشات، وتبجّح وتباهى بكلّ “بقاحة” و”عين بِلطة” بقدرة عصابات إجرامه ومرتزقته المُسماة “جيشاً” على خوض غمار الحرب بنجاح على سبع جبهات!

لولا “ماسورة” السلاح والعتاد والذخيرة والمعلومات الاستخباريّة المفتوحة على مصراعيها منذ اليوم الأول من قبل أمريكا وسائر الدول الغربية..

ولولا دفق المليارات التي تصبّ لدعم اقتصاد الكيان الصهيونيّ، ومن خلفها الترليونات التي تدعم داعمي الكيان..

ولولا وقوف ما يُسمّى النظام الرسميّ العربيّ (والإسلاميّ) موقف المتفرّج بعد أن وُئدت مفاهيم مثل “التضامن العربيّ” و”الجبهة العربيّة الموحّدة” و”الدفاع العربيّ المشترك”.. واكتفائه في أحسن حالاته بالشجب والندب، وذرّ الرماد في العيون باسم “الإغاثة”، ولعب دور “الوسيط” بين الضحيّة والجلّاد..

ولولا العيون الساهرة العربيّة والإسلاميّة التي تُؤمّن حدود وأجواء ومياه الكيان الصهيونيّ، وتحمي ظهره وخطوط إمداده وتزويده، وتحول دون أن تُطلَق عليه ولو رصاصة واحدة من الخلف بينما هو منهمك في إتمام “مهمّة” الإبادة والتهجير.. تارةً بذريعة الالتزام بمقتضيات القانون الدوليّ والشرعيّة الدوليّة، وتارةً بذريعة الالتزام ببنود المعاهدات والاتفاقيّات الموقّعة، وتارةً بذريعة تقديم المصلحة الوطنيّة القُطريّة الضيقة لكلّ دولة منفردة على أي اعتبارات قوميّة ودينيّة وأخلاقيّة أخرى..

ولولا طعنات الغدر والخيانة التي تتلقاها المقاومة ومحور المقاومة من الخلف على يد أبناء جلدتها من دول وأنظمة وأجهزة وتنظيمات وفصائل وطوائف و”مجاهدين” و”ثوّار” و”فاتحين” و”سلالات” و”عشاير وحمايل” وجواسيس ومتخابرين وعملاء (وما عصابة ياسر أبو شباب سوى غيض من فيض، وقمة الجبل الجليديّ لبنيّة متكاملة من الخيانة والعمالة)..

ولولا “النخب” السياسيّة والاقتصاديّة والثقافيّة العربيّة والإسلاميّة المتماهيّة حتى النخاع مع الكيان الصهيونيّ، والمنسحقة تماماّ أمامه، والمرتبطة مصالحيّاً به، وتقرن مصيرها بمصيره، وبقاءها ببقائه..

لولا ذلك كلّه، هل كان هذا الكيان الشاذ الهجين اللقيط المُسمّى “إسرائيل” يستطيع منذ سنة 1948 ولغاية الآن، البقاء والاستمرار ولو لأسبوع واحد بالاعتماد على قدراته الذاتيّة؟!

للإنصاف، في مقابل صفاقة “نتنياهو” منقطعة النظير فإنّ لهذا المجرم لحظات صدقه التي تقتضي النزاهة والموضوعيّة الإقرار بها.. وآخرها التصريح الصادر عن مكتبه إثر التصويت الأخير لمجلس الأمن على الوقف الفوريّ لإطلاق النار في غزّة وإدخال المساعدات، واستخدام الولايات المتحدة حقّ النقض (الفيتو) ضدّ هذا القرار:

((نشكر الولايات المتحدة لأنّها أظهرت لأعدائنا مجدّداً أنّه لا فرق بيننا)).

نعم، لا فرق بين الكيان الصهيونيّ وأمريكا.. ولا فرق بينهما وبين جميع الأنظمة والقوى العربيّة والإسلاميّة التابعة لهما، والسابحة في فلكهما.

بالمحصلة، إذا كان هناك شيء لن يغفره التاريخ للزعماء العرب والمسلمين، فهو إتاحتهم المجال لوغد مثل “نتنياهو” أن يتصدّر المنابر والشاشات ويتحدّث بمثل هذه الصفاقة والعنجهيّة!
كاتب اردني