كوربين: الأوضاع في غزة مؤسفة ويجب التحقيق في مسؤولية بريطانيا عن ذلك

لندن/ زحل دميرجي / الأناضول
تحدث النائب المستقل بمجلس العموم البريطاني جيريمي كوربين، عن مشروع القانون الذي قدمه للبرلمان للمطالبة بتحقيق مستقل حول “تواطؤ المملكة المتحدة” في الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل بقطاع غزة، معتبرا أن إقراره إذا تحقق سيشكل خطوة نحو حقن دماء الفلسطينيين.
وفي مقابلة مع الأناضول قال كوربين إن مشروع القانون سيركز – في حال إقراره – على العلاقات العسكرية والاقتصادية والسياسية التي تربط الحكومة البريطانية وإسرائيل، مبينا أنه “سيشمل كل أوجه التعاون بينهما” منذ بداية الإبادة بقطاع غزة في أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وقدم كوربين – شغل منصب زعيم حزب العمال سابقا – مشروع القانون في إطار المطالبة بالتحقيق بدور المملكة المتحدة في الهجمات التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ أكثر من 20 شهرا.
ومنذ 7 أكتوبر 2023 ترتكب إسرائيل – بدعم الولايات المتحدة ودول غربية – إبادة جماعية بغزة، تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة نحو 182 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم أطفال، فضلا عن دمار واسع.
** تواطؤ بريطاني
النائب البريطاني أكد أن مشروع القانون يطالب بتحقيق مستقل بالسياسة البريطانية المتعلقة بغزة، وبتزويد إسرائيل بالأسلحة، واستخدام القواعد الجوية البريطانية في قبرص الرومية.
كما يدعو مشروع القانون للتحقيق بعدم التزام لندن بقرارات محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، إلى جانب استمرار تزويد إسرائيل بمكونات طائرات F35 “التي لا يمكنها التحليق دون هذه الأجزاء”.
وكشف كوربين عن أن 15 بالمئة من مكونات طائرات F35 يتم تصنيعها داخل المملكة المتحدة، وعليه طالب بوقف تصديرها إلى إسرائيل “فورا”.
ولفت إلى أن مشروع القانون الذي قدمه “يحظى بدعم شعبي واسع”، مشيرا إلى تلقيه عددا هائلا من رسائل البريد الإلكتروني من مختلف أنحاء بريطانيا والعالم، وجميعها تعبر عن دعم كبير لمشروع القانون.
وفي السياق، وجه كوربين رسالة إلى زملائه أعضاء البرلمان قائلًا: “آمل أن يدرك النواب حجم هذا الدعم، لديهم الفرصة لإسماع صوتهم وإظهار موقفهم الواضح”.
** التاريخ سيحاسب من وقفوا مكتوفي الأيدي
وفي سياق متصل، دعا كوربين العالم إلى “التحرّك العاجل” من أجل وقف الدم النازف من الفلسطينيين بقطاع غزة.
وقال: “رسالتي إلى العالم، هذه الحقبة من القرن الحادي والعشرين ستُسجل في التاريخ كمرحلة شاهدنا فيها الأطفال يموتون جوعا على الهواء مباشرة، والناس يموتون في المستشفيات نتيجة نقص التخدير، وغياب المواد الطبية والمعقمات، وانعدام كافة الاحتياجات الأساسية”.
وأضاف: “كل ما يحتاجه الناس من طعام ومياه وكهرباء وأدوية موجود على بُعد كيلومترات قليلة فقط، ومع ذلك نشهد تدمير حياة مليوني إنسان. وبالفعل لقد قُتل 61 ألفا منهم حتى الآن”.
ووصف النائب البريطاني ما يشهده قطاع غزة بأنه “مخزٍ ومثير للاشمئزاز”، وأردف مستنكرا: “التاريخ سيحاسبنا، وسيحاسب بالأخص أولئك الذين وقفوا مكتوفي الأيدي وكان بإمكانهم أن يفعلوا شيئا ولم يفعلوا”.
وعلي مرأى ومسمع من العالم، يعيش قطاع غزة أوضاعا كارثية بسبب الإبادة المتواصلة التي ترتكبها تل أبيب والتجويع الممنهج والغارات العشوائية التي تستهدف حتى مدنيين يحاولون الوصول إلى مساعدات إنسانية.
وبتجويع متعمد يمهد لتهجير قسري، وفق الأمم المتحدة، دفعت إسرائيل 2.4 مليون فلسطيني في غزة إلى المجاعة، بإغلاقها المعابر بوجه المساعدات الإنسانية ولاسيما الغذاء، حسب المكتب الإعلامي الحكومي بالقطاع.
وسبق وأعلن المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، الأحد، وصول عدد ضحايا “فخاخ” المساعدات الأمريكية الإسرائيلية إلى 125 شهيدا و736 مصابا و9 مفقودين منذ 27 مايو/أيار.
وتشير عبارة “فخاخ” إلى استهداف الجيش الإسرائيلي للفلسطينيين خلال تجمعهم قرب ما تسمى بـ”مراكز المساعدات الأمريكية الإسرائيلية”، والتي تُستخدم كـ”مصائد موت” للجوعى الذين يرزحون تحت الحصار والإبادة.
ويجري توزيع المساعدات في ما تُسمى “مناطق عازلة” جنوب ووسط القطاع، وسط مؤشرات متزايدة على فشل هذا المخطط؛ إذ توقفت عمليات التوزيع بشكل متكرر بسبب تدفق أعداد كبيرة من الجائعين، وإطلاق الجيش الإسرائيلي النار مخلفا قتلى وجرحى بصفوف المدنيين المجوعين.
كما أن الكميات الموزعة توصف بأنها شحيحة جدا ولا تفي بمتطلبات مئات الآلاف من الجائعين في القطاع.
وتتم عملية التوزيع بعيدا عن الأمم المتحدة، ووفق آلية وُصفت من منظمات حقوقية وأممية بأنها “مهينة ومذلة”، حيث يُجبر المحتاجون على المرور داخل أقفاص حديدية مغلّفة بأسلاك شائكة، في مشهد شبّهه مراقبون بممارسات “الغيتوهات النازية” في أوروبا خلال الحرب العالمية الثانية.