يوم الكشف عن بيانات التضخم في الولايات المتحدة… ما الذي يتوقعه السوق؟

لندن-راي اليوم
تشير التقديرات إلى أن أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة شهدت ارتفاعاً معتدلاً خلال شهر مايو الماضي، متأثرة بتراجع نسبي في أسعار البنزين، في مقابل مؤشرات على أن الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب بدأت تُلقي بظلالها على قطاعات استهلاكية أوسع، ما قد يؤدي إلى تصاعد الضغوط التضخمية الأساسية خلال الفترة المقبلة.
ومن المتوقع أن يُظهر تقرير وزارة العمل الأميركية حول مؤشر أسعار المستهلكين – المقرر صدوره الأربعاء – أن المعدل الأساسي للتضخم، الذي يستثني تقلبات أسعار الغذاء والطاقة، سجّل أعلى زيادة له منذ أربعة أشهر، في وقت يعزو فيه خبراء الاقتصاد هذا الارتفاع إلى تسعير الرسوم الجمركية المفروضة حديثاً.
تأثير الرسوم الجمركية يتسرب إلى أسعار السلع
يرى مراقبون أن شهر مايو يمثل بداية سلسلة من قراءات التضخم المرتفعة الناتجة عن السياسات الجمركية، ومن المرجح أن تستمر هذه الموجة حتى نهاية العام. وأكدت سلسلة متاجر “وول مارت” أنها تعتزم رفع أسعار عدد من السلع خلال شهري مايو ويونيو، ما يعكس انتقال التأثير الفعلي للرسوم إلى المستهلكين، بعد أن كان تجار التجزئة يعتمدون في الفترة الماضية على مخزون سابق للرسوم.
وبحسب ستيفن ستانلي، كبير الاقتصاديين في «سانتاندير يو إس كابيتال ماركتس»، فإن تجار التجزئة حافظوا على استقرار نسبي للأسعار في أبريل، غير أن شهري مايو ويونيو قد يشهدان ذروة هذا التأثير التضخمي.
توقعات بتسارع التضخم الأساسي
تشير نتائج استطلاع أجرته “رويترز” إلى أن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع بنسبة 0.2% في مايو، وهي نفس النسبة المسجلة في أبريل، مدفوعاً بانخفاض نسبي في أسعار البنزين نتيجة المخاوف بشأن تباطؤ الاقتصاد العالمي وانعكاسه على أسعار النفط الخام. أما على أساس سنوي، فمن المتوقع أن يسجل المؤشر ارتفاعاً بنسبة 2.5%، مقارنة بـ2.3% في أبريل.
في المقابل، يُتوقع أن يسجل مؤشر أسعار المستهلك الأساسي (Core CPI) ارتفاعاً بنسبة 0.3%، وهي أعلى زيادة منذ يناير، مما يرفع الزيادة السنوية المتوقعة إلى 2.9%، بعد تسجيل 2.8% في الشهر السابق.
سياسة الفيدرالي في مواجهة التضخم
مجلس الاحتياطي الفيدرالي، الذي يتابع مؤشرات متعددة للتضخم بهدف الحفاظ على نسبة 2% كمستوى مستهدف، يُتوقع أن يُبقي على سعر الفائدة عند مستواه الحالي، الذي يتراوح بين 4.25% و4.50%، في اجتماعه المقبل، في ظل ترقبه لتأثير الرسوم الجمركية على النمو الاقتصادي.
أزمة في مكتب الإحصاءات ومخاوف من ضعف جودة البيانات
تواجه وزارة العمل تحديات إضافية على صعيد جمع البيانات، بعدما أعلن مكتب إحصاءات العمل تعليق جمع بيانات مؤشر أسعار المستهلك في ثلاث مدن بسبب نقص الموارد، في ظل موجة من عمليات التسريح والاستقالات وتجميد التوظيف، ضمن مساعي البيت الأبيض لخفض حجم الحكومة.
كما أعلن المكتب عن قراره بإيقاف نشر قرابة 350 مؤشراً اقتصادياً بدءاً من أغسطس، تشمل مؤشرات لأسعار المنتجين، والسلع الصناعية، والطلب النهائي والوسيط، ما أثار تساؤلات حول دقة البيانات المستقبلية.
رغم تطمينات المكتب بأن البيانات المنشورة لا تزال تفي بمعايير الجودة، أشار خبراء إلى تزايد استخدام ما يُعرف بأسلوب “الاستنتاج الخلوي المختلف” في احتساب الأسعار، وهي طريقة قد لا توفر نفس دقة البيانات المباشرة.
في الختام، تبدو الولايات المتحدة مقبلة على مرحلة دقيقة من المتابعة الاقتصادية، حيث يتقاطع تأثير السياسات التجارية السابقة مع تحديات مؤسسية داخلية، ما يستدعي حذراً أكبر في قراءة مؤشرات التضخم واتخاذ قرارات السياسة النقدية.