د. ثابت المومني: الحكومة الأردنية برئاسة جعفر حسان… تحركات وزيارات، هل ستسفر عن تغييرات كبيرة؟

د. ثابت المومني: الحكومة الأردنية برئاسة جعفر حسان… تحركات وزيارات، هل ستسفر عن تغييرات كبيرة؟

 

د. ثابت المومني

منذ استشهاد وصفي التل، رحمه الله، والأردن يتداول الحكومات كما يتداول الناس الأمنيات، تتعاقب الوجوه، وتتكرر الوعود، بينما تبقى معاناة المواطن ثابتة لا تتغير. فكل حكومة تأتي متوشحةً بعبارات كتاب التكليف السامي، وتعد بتحقيق التنمية وتحسين الوضع الاقتصادي، لكن الواقع المرّ يفضح أن أغلب تلك الوعود لم تتجاوز الشعارات، ولم تنجح سوى في إضافة أعباء جديدة على كاهل الدولة والمواطن.

لكن لماذا يفشل التغيير نحو الافضل في الأردن؟ ولماذا تتكرر ذات الحلقة المفرغة وذات الشعارات؟.
 الجواب يكمن في بنية الإدارة الحكومية ذاتها، حيث لا يمكن لأي تنمية أن ترى النور ما دامت الحكومات تُدار بعقلية بيروقراطية تُقصي المبدعين، وتقصّ أجنحة الكفاءات، وتستبعد أهل الخبرة والمعرفة من مراكز التأثير والقرار.
 هذه البيروقراطية باتت أشبه بجدار عازل يمنع أي أفكار حيوية أو حلول مبتكرة من اختراقه وبالتالي نجد ان مشاكلنا الرئيسيه تترحل من حكومه الى اخرى وتتفاقم كملف توفير مصادر جديده للمياه في بلد يعد الافقر مائيا على مستوى العالم.

وإن أضفنا إلى ما ورد قوانين وتشريعات تُكبّل يد المواطن والصحافة في الحديث عن الفساد أو حتى انتقاد الأداء العام، فكيف لنا أن نحلم بمساءلة حقيقية أو إصلاح جاد؟ .
بعض التشريعات الحالية تمنع نشر أي ملفات تتعلق بتجاوزات المسؤولين، وتُدخل حتى النقد الفني لأداء المسؤول تحت بوابة “التشهير” ضمن قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية.

 وبهذا، يتحصن المسؤول الفاسد خلف حصانة قانونية، فيتمادى بتجاوزاته لأنه يعلم أن لا رقيب حقيقي عليه، ولا سلطة شعبية أو إعلامية قادرة على محاسبته.

وسط هذا المشهد، تطل علينا حكومة جعفر حسان بكثرة جولاتها ووعودها في المحافظات. فهل تكون مختلفة؟ هل تحمل في طياتها بوادر فعلية لكسر هذه الحلقة المفرغة؟ أم أنها ستكون مجرد صورة جديدة لحكوماتٍ تشكّلت داخل الصالونات السياسية، لا علاقة لها بالتكنوقراط ولا بالنهج المؤسساتي القائم على الكفاءة؟

الجواب ليس في نوايا الحكومة، بل في مدى قدرتها على كسر تلك المنظومة المقيدة، والانطلاق نحو نهج إصلاحي حقيقي يضع الكفاءة فوق الولاء، والإنجاز فوق الاستعراض.
الإصلاح لا يمكن أن يبدأ من فوق، إن لم تكن الأرضية السياسية والتشريعية مهيأة لمناخ من الشفافية والمساءلة.

وفي الوقت الذي تحاول فيه دول مجاورة أن تتطور، وتستقطب الاستثمارات، وتتحول إلى مراكز جذب اقتصادي وسياحي إقليمي، لا يزال الأردن يعاني من قوانين تحمي الفساد، وتطرد الكفاءات، وتكتم صوت النقد، وتشل يد الإعلام.

فهل تكون حكومة جعفر حسان نقطة التحوّل، أم أنها ستبقى كغيرها، جولة جديدة في حلبةٍ يعرف الأردنيون نهايتها جيدًا.