الصفا في مواجهة التحديات: الأصوات الخبيرة تشخص الأزمة وتقترح الحلول

الصفا في مواجهة التحديات: الأصوات الخبيرة تشخص الأزمة وتقترح الحلول

 

 

الكأس- حسن آل قريش

 

يعيش نادي الصفا مرحلة دقيقة من تاريخه الرياضي، بعد أن كان أحد أبرز أقطاب كرة اليد السعودية وصاحب الحضور الدائم على منصات التتويج في المواسم الماضية. وبينما كانت الجماهير الصفوانية تمني النفس بموسم مختلف يعيد للفريق هيبته ويفتح الطريق نحو العودة إلى حصد البطولات، جاءت نتائج الموسم الحالي – وبالأخص الخسارة المؤلمة في كأس النخبة – لتفتح أبواب الأسئلة مجددًا حول واقع الفريق وأسباب التراجع الواضح في المستوى والطموحات.

 

وليس خافيًا على متابعي اللعبة أن الصفا بات يمتلك مجموعة من المقومات والعناصر الشابة القادرة على صناعة الفارق، إلا أن هناك قناعة عامة داخل النادي ووسط عشاقه بأن تلك الإمكانيات لم تترجم بعد إلى نتائج ملموسة أو استقرار فني وإداري يمكن البناء عليه. تتزايد الأصوات المنادية بإعادة تقييم شامل للمنظومة الإدارية والفنية، والبحث عن حلول جذرية تتناسب مع طموحات النادي وجماهيره، في ظل المنافسة الشرسة مع أندية باتت أكثر جاهزية واستقرارًا على كافة المستويات.

 

وفي هذا السياق، تستعرض صحيفة الكأس آراء نخبة من أبناء الصفا وخبرائه، حيث حملت تصريحاتهم تشخيصًا صريحًا وواقعيًا لحال الفريق، مع طرح تصورات واضحة للمرحلة المقبلة وأهم الخطوات المطلوبة لاستعادة مكانة الصفا بين الكبار.

 

 

 

خضر العباس: الصفا بحاجة لتغيير النهج والاستفادة من التجارب السابقة

 

أعرب خضر العباس، أمين عام نادي الصفا السابق، عن أسفه لتراجع نتائج الفريق في بطولة كأس النخبة الأخيرة، مؤكدًا أن الصفا كان أحد العناصر المؤثرة في المنافسات المحلية خلال السنوات الماضية واستطاع الوصول للمنصات في أكثر من موسم. وقال العباس: “للحصول على بطولة محلية، يجب توفر عدة عوامل حاسمة، أهمها جهاز إداري قادر على إدارة الدفة، وتوافر محترفين مؤثرين قادرين على إيصال الفريق لمنصات التتويج وليس فقط تحسين النتائج”.

 

وأضاف: “لابد من إضافة عناصر شابة للفريق باستمرار، والتفاف جماهيري قوي، بالإضافة إلى وجود رعاة وداعمين يضمنون الاستمرارية، ومدير فني يملك خبرة كافية في الدوري السعودي”. واعتبر العباس أن المشكلة الأبرز للفريق تكمن في عدم الاستفادة الحقيقية من تجاربه السابقة، وهو ما يستدعي جهدًا مضاعفًا خلال الموسم المقبل إذا كان الهدف حصد أول بطولة أو حتى بلوغ مراحل متقدمة بثبات. وختم قائلاً: “كثير من مقومات النجاح موجودة، لكن الفريق بحاجة لتعديل بعض المسارات واستبدال أخرى، وبدون هذا التغيير سيظل فقدان البطولات يتكرر في الأمتار الأخيرة”.

 

 

بشير القريناوي: الصفا يحتاج إعادة بناء من الصفر واستراتيجية شاملة لتحقيق البطولات

 

أكد بشير القريناوي، مساعد مدرب نادي الصفا واللاعب الدولي السابق، أن الفريق بحاجة لإعادة بناء جذرية تبدأ من صقل المواهب وتطويرها، مع هيكلة استراتيجية تشمل جميع الفئات السنية وصولاً للفريق الأول.

وأشار القرناوي إلى أن بداية الإصلاح الحقيقي لأي فريق طموح لابد أن تنطلق من القاعدة، قائلاً: “النادي يحتاج للبدء من الصفر، بمعنى الاهتمام بالمواهب الموجودة وصقلها وتطويرها، ثم تصعيدها تدريجيًا من الفئات السنية حتى الفريق الأول، مع تجهيز منظومة متكاملة تعتمد على تكثيف التدريبات وتوفير بيئة تنافسية قوية”.

 

وشدد القرناوي على أهمية جلب مدرب أوروبي متخصص في تطوير اللاعبين الشبان، قائلاً: “وجود مدرب أوروبي للقطاعات السنية سيساعد كثيرًا في بناء قاعدة قوية للمستقبل، ويمنح اللاعبين الصغار فرصة التأهل للفريق الأول بجاهزية فنية وذهنية عالية، مع تدعيم الفريق الأول بمحترفين أقوى وأكثر تأثيرًا”.

 

وأوضح القريناوي أن المنافسة لم تعد سهلة في ظل التحركات القوية للأندية الأخرى، سواء في سوق الاستقطابات أو بتوفير الموارد المالية اللازمة لجلب أفضل اللاعبين السعوديين والمحترفين. وأضاف: “الفرق المنافسة تعمل باحترافية سواء على صعيد الاستقطابات أو الاستثمار في المواهب والموارد المالية لجلب محترفين على أعلى مستوى”.

 

واستشهد القريناوي بتجارب ناجحة مثل الوحدة، قائلاً: “الوحدة حققت ثلاث بطولات عبر استقطاب نخبة من أفضل اللاعبين المحليين والمحترفين، واستفادت منهم في التتويج برابع العالم عبر السوبر غلوب”.

 

وأضاف: “الخليج كرر التجربة ذاتها من خلال جلب لاعبين بارزين مثل صادق، مجتبى، مهدي، محمد سالم، مرهون للماء، وعبدالله حليلي، إلى جانب الاستفادة من محترفين مميزين كحارس المرمى محمد عبدالحسين”.

 

وبيّن القريناوي أن “النور” و”مضر” نجحا أيضًا بالاعتماد على عناصر متميزة محلية وأجنبية، وهذا ما مكنهم من تحقيق البطولات على مدار السنوات الأخيرة، ما يبرز أن الصيغة الوحيدة لتحقيق النجاح هي المزج بين قاعدة شابة صلبة وخبرة ميدانية من اللاعبين الكبار والمحترفين.

 

وختم القريناوي تصريحاته برسالة واضحة للإدارة الصفاوية: “إذا أراد الصفا العودة إلى منصات التتويج، فعليه الاستثمار في جيل شاب موهوب، وجلب عناصر خبيرة، والاستفادة من الدروس السابقة وتجارب المنافسين. بناء الفريق من الصفر ليس خيارًا صعبًا، لكنه يتطلب رؤية واضحة، وإرادة قوية، وتعاون جميع أبناء النادي”.

 

 

عقيلي العقيلي: البناء الذكي والدعم المالي طريق الصفا للبطولات

 

 

من جانبه، أكد عقيلي العقيلي أن تحقيق البطولات يتطلب أكثر من الجهد البدني أو التخطيط التكتيكي، بل يعتمد بالأساس على توفر الموارد المالية والاختيار الذكي للعناصر. وقال العقيلي في تصريح خاص: “جهد الفريق يجب أن يكون مشروطًا بالدراسة، والانتقاء، والصبر، والدعم المالي الذي يُعد شرطًا أساسيًا لبناء فريق قوي قادر على الإنجاز”.

 

وشدد العقيلي على أهمية التعلم من التجارب الناجحة للأندية المنافسة مثل الوحدة، الخليج، الهدى، والنور، مشيرًا إلى أن استقطاب ثلاثة محترفين مميزين مع عدد من النجوم المحليين سيكون كفيلاً بمنح الصفا فرصة حقيقية لتحقيق بطولة، أو على الأقل المنافسة بقوة وعدم الاكتفاء بالظهور المشرف. وأضاف: “فريق الصفا بحاجة لاستشارة من حققوا الإنجازات، وللتخطيط المستقبلي القائم على الاختيار الدقيق والبناء الذكي، وإذا تحقق ذلك سيصل الفريق للهدف المنشود في أقرب وقت”.

 

 

 

زكي المحسن: الصفا يحتاج لإعادة هيكلة فنية ودماء جديدة

 

أما لاعب الصفا السابق زكي المحسن، فقد ألقى الضوء على الجانب الفني والبدني، مؤكدًا أن الفريق بحاجة ملحة للتجديد بعناصر محلية جديدة في مراكز الجناح الأيسر والأيمن وضارب أشول محترف يكون مؤثرًا في الأداء. وأوضح أن “الفريق يفتقد صانع لعب أجنبي يمتلك شخصية قيادية، قادر على ضبط تحركات اللاعبين داخل الملعب وتحفيزهم ذهنيًا، ما ينعكس على تقليل الأخطاء والارتداد الدفاعي السريع”.

 

وأشار المحسن إلى ضرورة الاهتمام باللياقة البدنية للفريق، والابتعاد عن الصورة النمطية التي تصف الصفا بأنه “فريق شوط واحد”، وذلك عبر توزيع الجهد وتعزيز الفاست بريك. كما شدد على أهمية وجود إداري مارس اللعبة وله كاريزما تمكنه من ضبط الفريق والنقاش مع المدرب في الأمور الفنية، مؤكدًا أن إشراك اللاعبين الشباب ضروري لخلق هوية متجددة للفريق وتحقيق توازن في الأداء بين الحاضر والمستقبل.

 

ودعا المحسن إلى إنشاء صندوق دعم خاص بفريق اليد، مع رصد ميزانية واضحة تتيح استقطاب محترفين ولاعبين محليين مؤثرين، مؤكدًا أن الإدارة يجب أن تكون طرفًا فاعلًا في المفاوضات وعدم ترك كل شيء للمدرب، من أجل ضمان أفضل الاختيارات التي تعود بالفائدة على الفريق.

 

 

زهير الضامن: الصفا يحتاج رؤية إدارية واضحة وانطلاقة من البطولات القصيرة

 

أكد المعلق الرياضي زهير الضامن أن نادي الصفا يمتلك المقومات اللازمة ليكون ضمن أندية القمة، لكنه بحاجة ماسة إلى تحديد رؤية إدارية واضحة تضع البطولات ضمن أهدافها القريبة، وتبني هوية فريق بطولات منذ الآن.

وقال الضامن في تصريحات خاصة لصحيفة الكأس:”من وجهة نظري كمتابع، فإن الصفا يحتاج إلى هدف محدد وقريب، مثل تحقيق بطولة قصيرة، لأن هذه البطولات تخلق هوية البطل وتمنح الفريق دفعة نفسية ومعنوية كبيرة. من يتابع الدوري السعودي يلاحظ أن أندية مثل النور، مضر، والهدى بدأت رحلتها نحو القمة من البطولات القصيرة، وهذا أمر مهم جدًا في بناء فريق منافس.”

 

وأشار الضامن إلى أن المشكلة الرئيسية تكمن في التذبذب الإداري في تحديد الأهداف، موضحًا:”الإدارة في بعض الأحيان تبدأ الموسم بهدف واضح، لكن في منتصف الطريق يتم تغيير هذا الهدف، ما يفقد الفريق تركيزه وتوازنه. المشكلة ليست فنية فقط، بل إدارية في المقام الأول.”

 

واقترح الضامن عدة حلول ضرورية لتصحيح المسار، من أبرزها:

 

تحديد هدف موسمي واضح والعمل بجد لتحقيقه.

 

الاستعانة بخبرات إدارية سبق لها النجاح في قيادة الفرق نحو البطولات.

 

الاهتمام الجاد والمستمر بالفئات السنية، عبر مشروع متكامل لصقل المواهب.

 

استقطاب الكفاءات التدريبية والإدارية من مختلف المدن، خاصة تلك المعروفة بامتلاكها مواهب وبُنى جسمانية واعدة.

 

 

وأضاف: “مشروع الفئات السنية يجب أن يأخذ أولوية قصوى، لأنه الاستثمار الحقيقي لأي نادٍ يريد الاستمرار والمنافسة على أعلى المستويات.”

 

وختم الضامن تصريحه برسالة تفاؤل ودعم قائلاً:”الصفا قادر على العودة للمنافسة بقوة، إذا ما حدّد رؤيته الإدارية بوضوح والتزم بها. كل الأمنيات بالتوفيق لنادي الصفا في قادم المواسم.”

 

__

 

خضر البراهيم: لا بطولة بلا استقرار.. والصفا بحاجة إلى وقفة صادقة من الجميع

 

 

أعرب خضر البراهيم، رئيس نادي الصفا السابق، عن أسفه لتراجع نتائج الفريق الأول لكرة اليد خلال الموسم الجاري، مشيرًا إلى أن غياب الاستقرار الإداري والمادي، وانعدام الرؤية الجماعية، كانت من أبرز أسباب الابتعاد عن منصة التتويج.

 

وقال البراهيم في تصريحات خاصة لصحيفة الكأس: “أي عمل ناجح يجب أن يبدأ بخطة واضحة، وأهداف قابلة للتحقق، ولو تطلب الأمر عدة سنوات. التأسيس يبدأ من الفئات السنية، ويجب أن يكون كل المسؤولين والمشرفين على علم تام بكل الجوانب الفنية والإدارية لضمان تنفيذ الخطط بسلاسة”.

 

وأضاف: “الوحدة داخل البيت الصفواني هي مفتاح البداية، بغض النظر عن من هو الرئيس أو المدرب أو المشرف. لا بد أن نعمل بعيدًا عن الأصوات التي تغرّد خارج السرب، فهذه الأقلية لا تمثل الكيان، ولا يمكن أن تبني فريقًا”.

 

وتوقف البراهيم عند واقعة حصلت قبل مواجهة الفريق مع الخليج في ختام الدوري، كاشفًا عن أزمة حقيقية أثّرت على الحضور الفني: “قبل المباراة بيومين حضرت تمرين الفريق الأول، وفوجئت بأن اللاعبين الأجانب رفضوا المشاركة في التطبيق الفني، بسبب مستحقات مالية متأخرة، وتبعهم بعض اللاعبين المحليين لنفس السبب”.

 

وتابع: “هذا ليس مجرد غياب لاعب أو إصابة… الفريق كان يفتقد البدلاء، يفتقد الروح، والمدرب المؤقت لم يكن يملك الوقت أو الأدوات لتصحيح المسار. الأمور الفنية لم تكن وحدها السبب، بل النفسية والمادية كذلك، وهي عوامل مترابطة تؤدي إلى نفس النتيجة”.

 

وأكد البراهيم أن تحقيق البطولات يحتاج لتكاتف شامل من داخل النادي وخارجه، مضيفًا: “المنافسة ليست سهلة، الأندية الأخرى تعمل بجد، وتملك موارد مادية أفضل. الخليج مثال واضح، لديهم مشاركات في دوري روشن، ويتلقون دعماً مالياً ينعكس على جودة المحترفين والاستقطابات”.

 

وأشار إلى أن الصفا لا تنقصه الرغبة ولا القاعدة الجماهيرية، ولكن ما ينقصه هو التنظيم والالتزام طويل المدى، وقال: “وصلنا إلى المركز الثاني في الدوري، وحققنا وصافة كأس، وهذا إنجاز نسبي يُحتسب. لكن إذا كنا نطمح للذهب، يجب أن نقف جميعًا خلف الإدارة بصدق، وأن تتوافر لها الأدوات اللازمة لتطوير الفريق”.

 

وختم البراهيم حديثه برسالة مباشرة: “الصفا يمتلك تاريخًا عريقًا، لكنه بحاجة لتصحيح المسار من الداخل، والعمل بصمت، بعيدًا عن الشعارات. إذا أردنا البطولة، يجب أن نكون على قدر المسؤولية، إداريًا وفنيًا وماديًا”.