شيكابالا: الضربة التي أدمت قلوب المشجعين

الكأس- حازم الكاديكي
في ليلة لا تُنسى من ليالي الكرة المصرية رسم الزمالك عودته إلى البطولات المحلية بألوان العزيمة والولاء ليُحرز لقب كأس مصر للمرة التاسعة والعشرين في تاريخه بعد مباراة ماراثونية أمام بيراميدز انتهت بالتعادل الإيجابي 1-1 قبل أن تحسم ركلات الترجيح مصير الكأس بنتيجة 8-7 لصالح الفارس الأبيض لحظة فارقة أعادت البريق لنادٍ طالما كتب تاريخه بأنفاس الجماهير وعرق اللاعبين وأكد أن الكبوات لا تعني النهاية.
كأس مصر درة البطولات المحلية وشاهد على الأجيال
تُعد كأس مصر من أعرق البطولات في تاريخ الكرة المصرية و اقدم الكؤوس المحلية دخل القارة الإفريقية إذ انطلقت نسختها الأولى عام 1921 لتكون مسرحًا لأجيال متعاقبة من الأساطير ومرآة حقيقية تعكس صراع الكبار وتدوين الأبطال هي ليست مجرد بطولة بل أرشيف حي لذاكرة الكرة المصرية لا تمنح شرف رفعها إلا للفرق التي تناضل وتقاتل حتى اللحظة الأخيرة وبين صفحاتها المتجددة حفر الزمالك اسمه كأحد أكثر الفرق تتويجًا بها ليعزز موقعه بثقة بثوبه الجديد وروحه المتجددة.
سنوات الصمت بين الانكسار والبحث عن الذات منذ آخر تتويج له بالكأس موسم 2020-2021 مرّ الزمالك بفترة عصيبة غاب فيها عن منصات التتويج فيما كانت أندية مثل الأهلي و بيراميدز وسيراميكا كليوباترا تحصد الألقاب المحلية تباعًا 9 بطولات محلية في مصر حسمها الغريم الأحمر وحده فيما بدا أن الأبيض يُصارع من أجل البقاء أكثر من المنافس لكن الزمالك لا يعرف الاستسلام فعلى مدار ثلاث سنوات عجاف لم يتوقف عن البحث لم يفقد بوصلته رغم العثرات واليوم يأتي التتويج ليمنح هذه الحقبة الغامضة نهايتها العادلة.
مباراة النهائي بين قلبين لا يعرفان التراجع
نهائي كأس مصر بين الزمالك وبيراميدز لم يكن مجرد لقاء لتحديد بطل بل كان مسرحًا لمعركة كروية كاملة الأركان بيراميدز دخل اللقاء بمعنويات مرتفعة بعد تتويجه الإفريقي وافتتح التسجيل عبر أحمد عاطف قطة في الدقيقة 29 واضعًا الأبيض تحت ضغط النتيجة لكن الزمالك بقيادة مدربه المتجدد وبدعم جمهور لا يعرف الفتور عاد بقوة.
وجاء الهدف المنتظر عبر ناصر منسي في الدقيقة 78 في لقطة تشبه مفارقات الأساطير إذ دخل كبديل وسجل بعد لحظات مكررًا سيناريو مشابهًا في السوبر الإفريقي ومع فشل الفريقين في الحسم خلال الأشواط الإضافية توجهت الأنظار إلى ركلات الترجيح حيث حُسمت التفاصيل بعقول صلبة وأقدام واثقة ركلات كانت كأنها امتحان للذاكرة فنجح الزمالك بتفوق 8-7 ورفع الكأس مجددًا وسط احتفال هستيري من اللاعبين والجماهير.
شيكابالا الركلة التي انتظرها العمر كله
في هذه الليلة لم يكن المشهد الأبرز هو رفع الكأس بل تلك اللحظة التي تقدم فيها القائد محمود عبد الرازق شيكابالا لتسديد الركلة الترجيحية الأخيرة التي منحت الزمالك لقب كأس مصر. المثير في الأمر أن هذه الركلة تُعد أول ركلة ترجيح يسجلها شيكابالا في مسيرته بعدما أضاع سابقًا أربع ركلات ترجيحية في بطولات مختلفة والفرق هنا مهم إذ سبق له التسجيل من ركلات جزاء خلال المباريات لكنه لم ينجح من قبل في هز الشباك خلال ركلات الترجيح الحاسمة.
وفي مواجهة الضغط وتاريخ الإخفاق نجح شيكابالا أخيرًا في اللحظة المناسبة مسجلًا الركلة الحاسمة بثقة كبيرة لقد كانت أكثر من ركلة كانت رمزًا لانتصاره الشخصي ولإيمانه بأن الفرصة تأتي لمن لا يتوقف عن المحاولة.
وفي مشهد إنساني خالص ذرف شيكابالا الدموع واحتضن اثنين من رموز الزمالك حازم إمام أيقونة الرقي الكروي و أحمد حسام ميدو المهاجم الجريء وصاحب الحضور المميز ثلاثة أجيال جمعها عشق كيان واحد اختصرت الصورة كل شيء عن الهوية البيضاء.
أيمن الرمادي رجل المهام الصعبة وسؤال الاستمرارية بعيدًا عن اللاعبين فإن التتويج لا يمكن فصله عن بصمة المدير الفني الجديد أيمن الرمادي الذي تولّى تدريب الزمالك في وقت حرج وقبل أقل من شهرين فقط من النهائي المدرب المصري-الإماراتي جاء في لحظة ارتباك شديد داخل النادي لكنه استطاع خلال فترة قصيرة أن يعيد التوازن إلى الفريق ويقوده إلى التتويج بأول ألقابه المحلية منذ سنوات.
إن هذا الإنجاز السريع يضع إدارة الزمالك أمام مفترق طرق حاسم هل تمنح الرمادي فرصة الاستمرار وبناء مشروع طويل الأمد أم تستمر موجة التغييرات التي أنهكت النادي فنيًا وإداريًا الزمالك خلال السنوات الأربع الماضية شهد تغييرًا مستمرًا للمدربين ما أثر على ثبات التشكيل وانسجام اللاعبين في وقت كانت فيه أندية أخرى تبني وتُحصّن استقرارها.
الرمادي أظهر مشروعًا واعدًا وطموحًا واضحًا وإذا حصل على الوقت والدعم فقد يكون الرجل الذي يعيد بناء الزمالك من القاعدة إلى القمة الاستقرار الفني ليس رفاهية بل ضرورة عاجلة إذا أراد الزمالك المنافسة الحقيقية مجددًا على كل الجبهات.
عودة الروح من الإحباط إلى الانتصار
الزمالك الذي عاش المواسم الأخيرة في تقلبات فنية وإدارية عاد اليوم ليستعيد توازنه ويعلن عن بداية مرحلة جديدة جمهور الأبيض الذي لم يتخلَّ عن فريقه رغم الأزمات بات يملك الآن سببًا للفرح والأمل التتويج بالكأس لم يكن مجرد لقب بل إعادة بناء الثقة وبداية لعودة الزمالك كمنافس قوي لا يستهان به.
29 لقبًا والرقم لا يزال مفتوحًا للتاريخ
بهذا الفوز رفع الزمالك عدد ألقابه في كأس مصر إلى 29 معززًا موقعه كثاني أكثر الفرق تتويجًا في المسابقة ومؤكدًا تفوقه التاريخي على بيراميدز في النهائيات بعدما سبقه بالفوز عليه في نهائي 2019 بثلاثية هذه الانتصارات المتكررة تُرسّخ عقدة الأبيض لدى بيراميدز وتعيد رسم خريطة التنافس على البطولات المحلية.
مصطفى محمد هدّاف نانت الفرنسي في مدرجات الزمالك
في لفتة مؤثرة تعكس الانتماء الحقيقي كان النجم المصري مصطفى محمد مهاجم نانت الفرنسي أحد أبرز الحاضرين في مدرجات استاد القاهرة لمؤازرة ناديه السابق الزمالك في نهائي كأس مصر مصطفى الذي بدأ مسيرته الكروية داخل جدران القلعة البيضاء لم يُخفِ حماسه وانفعاله مع كل لحظة في المباراة وكأنه لا يزال يرتدي القميص الأبيض ظهوره في المدرجات رغم ارتباطاته الأوروبية حمل رسالة وفاء وحنين لسنوات التكوين وأثبت أن الزمالك ليس مجرد محطة في مسيرته بل جزء لا يتجزأ من هويته الكروية والإنسانية.
الزمالك لا ينهار بل يعيد ترتيب أوراقه
قد تمر الأندية بفترات صعبه لكنها لا تسقط إلا إذا فقدت هويتها والزمالك في هذه الليلة لم ينتصر بالكأس فقط بل استعاد شجاعته أعاد ترسيخ قيمه وأعاد الأمل إلى جماهيره ومع رمزيته الكبيرة وقيادته المحنكة من شيكابالا واستقرار تدريبي محتمل مع أيمن الرمادي ربما تكون هذه البطولة بداية تحول حقيقي وبوابة لعودة الزمالك كما يجب أن يكون.