وول ستريت جورنال: تراجع الدعم الأمريكي للتجارة الحرة يقابله انفتاح تجاري دولي

قالت صحيفة /وول ستريت جورنال/ الأمريكية، إنه في الوقت الذي تشهد فيه الولايات المتحدة تراجعا عن التجارة الحرة دوليا، تتمسك معظم الدول بهذا المبدأ وتواصل توقيع اتفاقيات تجارية فيما بينهم.
وأضافت الصحيفة، في تقرير لها، أنه منذ انتخاب الرئيس الحالي للولايات المتحدة دونالد ترمب وفرض الرسوم الجمركية، كان هناك حراك بين دول العالم لتقوية العلاقات التجارية بين بعضهم البعض على أمل تخفيف الضرر الناتج عن الرسوم الجمركية من خلال زيادة التبادل التجاري.
وبهذا الخصوص، لفتت الصحيفة إلى إعلان المملكة المتحدة والهند عن إتمام اتفاقية تجارية كانت عالقة لعدة سنوات. كما أشارت إلى أن الاتحاد الأوروبي منخرط في التفاوض للتوصل إلى اتفاقيته الخاصة مع الهند، وقد اتفق مؤخرًا على اتفاقية مع تكتل “ميركوسور” التجاري في أمريكا الجنوبية. كما تعمل كندا ودول آسيوية على إزالة الغبار عن اتفاقيات تجارية قديمة.
وأشارت الصحيفة إلى أن مثل هذه التحركات تسارعت منذ إعادة انتخاب ترمب، وتستند إلى فكرة مفادها بأنه حتى لو كانت الولايات المتحدة تمثل 26 بالمئة من الناتج الاقتصادي العالمي، فإنها تمثل 13% من الواردات العالمية، مما يترك الكثير لبقية العالم للتبادل.
ونقلت الصحيفة عن آلان وولف، الزميل الأقدم في “معهد بيترسون للاقتصاد الدولي” ونائب المدير العام السابق لمنظمة التجارة العالمية، أن الولايات المتحدة تعمل كعامل تسريع لتخفيض الرسوم الجمركية من قبل الجميع. وأضاف أن الاتحاد الأوروبي وكندا ودولا أخرى يسعون إلى تعزيز التجارة مع شركاء آخرين بعد أن أصبحت الولايات المتحدة سوقا أقل موثوقية.
ونقلت الصحيفة عن أتشيوث أنيل، الباحث في مركز سياسة التجارة الشاملة في جامعة ساسك، أنه لمواجهة التعريفات الجمركية الشاملة التي تفرضها الولايات المتحدة، تتبنى العديد من البلدان الآن استراتيجية ذات شقين، أولهما هو محاولة إبرام صفقات مع ترامب لإلغاء بعض الرسوم.
وأضاف أن الشق الثاني هو أن يتم تعزيز التعاون التجاري مع شركاء آخرين للمساعدة في تخفيف الضرر إذا فقدت الوصول إلى السوق الأمريكية العملاقة. وقال هناك أمر مؤكد، وهو أن الدول بدأت تدرك أنها بحاجة حقيقية إلى التحمل أو الصمود الاقتصادي من خلال الاعتماد على أسواق غير السوق الأمريكية.
وذكرت الصحيفة أنه في الوقت الحالي تلقت العولمة ضربة نتيجة فرض الولايات المتحدة تعريفات جمركية بنسبة 10% بشكل عام، بالإضافة إلى رسوم على قطاعات محددة مثل واردات السيارات وواردات الصلب والألمنيوم.
إلا أن الصحيفة أشارت إلى أن هذه التحركات التي تقوم بها دول أخرى لتسهيل التجارة تظهر أن هذه الدول لم تتخل عن العولمة بعد، كما يقول ديفيد هينيغ، خبير التجارة في مركز الأبحاث “المركز الأوروبي للاقتصاد السياسي الدولي”، حيث قال إن هناك الكثير من الحديث حول إعادة ترتيب العولمة.
وتعد صفقة التجارة بين الهند والمملكة المتحدة واحدة من أبرز الصفقات منذ أن غادرت بريطانيا الاتحاد الأوروبي في عام 2021. وتشمل الصفقة تخفيضات كبيرة للتعريفات الجمركية الهندية على السيارات البريطانية، من بين قطاعات أخرى. واعتبرت الحكومة البريطانية أن هذه الصفقة ستعزز التجارة الثنائية بين البلدين بمقدار 25.5 مليار جنيه إسترليني (ما يعادل أكثر من 34 مليار دولار) في السنوات القادمة.
وقالت الحكومة البريطانية، وفقا للصحيفة، إن الهند خفضت التعريفات الجمركية على 90% من السلع، وأن معظم هذه السلع ستكون خالية من التعريفات الجمركية خلال عقد من الزمن. من جانبها، قامت المملكة المتحدة بتخفيض الضرائب على المنتجات الهندية، بما في ذلك الأحذية والمجوهرات.
وزادت الصحيفة أن بريطانيا كانت تسعى لإبرام اتفاقية تجارية مع الهند منذ عام 2022. إلا أن المحادثات تعثرت بسبب قضايا مثل مدى حصول الطلاب الهنود على تأشيرات تفضيلية لدخول المملكة المتحدة وكيفية معاملة حقوق الملكية الفكرية في الهند.
وأشارت إلى أنه في فبراير، ومع بروز خطط ترامب المتعلقة بالرسوم الجمركية، اتفقت المملكة المتحدة والهند على استئناف المحادثات. وفي الشهر الماضي، صرحت راشيل ريفز وزيرة الخزانة البريطانية أن بلادها “تعمل على تسريع إبرام الصفقات التجارية مع بقية العالم”، مع دخول الرسوم الجمركية الأمريكية حيز التنفيذ.
ونقلت الصحيفة عن سام لوي، الخبير التجاري في شركة “فلينت جلوبال” الاستشارية، أنه من الواضح أن ترامب كان بمثابة المحفز للاتفاق بين المملكة المتحدة والهند.
وأصدر وزراء مالية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) زائد ثلاثة، وهي مجموعة تضم عشر دول آسيوية، من بينها الصين واليابان وكوريا الجنوبية، بيانا هذا الأسبوع أكدوا فيه سعيهم لتعويض صدمة التجارة العالمية الحالية من خلال “زيادة التجارة البينية الإقليمية”.